حينما تتحول البيانات لـ"بترول"، الصين تكتب قصة الاقتصاد الجديد
الإثنين، 19 مايو 2025 05:22 م

الصين
تحليل/ ميرنا البكري
أعلنت الصين خطة طموحة جدًا لبناء ما يسمى بــ "الصين الرقمية" بحلول عام 2025م، والتي تعتبر ليس مجرد خطة تطوير تكنولوجي، بل أيضًا خطة اقتصادية متكاملة تستهدف خلق واقعٍ جديدٍ مبني على “اقتصاد البيانات”، والفارق في هذه الخطة أن الصين تخطو بخطوات مدروسة، وتمزج بين تدخل الدولة وسوق حرة منظمة، وهو ما يعطيها ميزة ليس قليلة أمام المنافسين الكبار مثل أمريكا.

“الذكاء الاصطناعي بلس”، الصين دخلت المرحلة الثانية من الثورة الرقمية
ولن تتحدث الصين عن الذكاء الاصطناعي كأداة، بل تبني عليه اقتصادًا كاملًا، فمصطلح "الذكاء الاصطناعي بلس" يعني دمج الذكاء الاصطناعي في كل القطاعات كـ :-(لصناعة، التعليم، الزراعة، النقل، والرعاية الصحية)، ما يعني بدلًا من استخدام AI كأداة مساعدة، سيصبح المحرك الأساسي لأي تطور.
ومن المتوقع خلال السنوات المقبلة، مواجهة تطبيقات مذهلة تأتي من الصين، سواءً في المدن الذكية أو التصنيع الذكي أو حتى الإدارة الحكومية، ما يجعلها من أكبر مراكز تصدير التكنولوجيا الذكية في العالم.
سوق البيانات في الصين، خطوة نحو تحويل المعلومات إلى أصولٍ اقتصاديةٍ قابلة للتداول
ويعتبر الجزء المثير في الخطة، هو فكرة “سوق موحدة للبيانات”، فالصين تريد أن تخلق نظامًا كاملًا لبيع وتداول البيانات مثل:- (البترول والذهب)، وذلك يعني أن البيانات ستصبح أصلًا اقتصاديًا له قيمة، تُباع وتُشترى وتُخزن.
ولذلك أهمية محورية؛ لأن البيانات هي التي تغذي كل تكنولوجيا حديثة، من الـAI للبلوك تشين، فإذا استطاعت الصين أن تخلق نظام تداول للبيانات، ستصبح هي المصدر الأساسي للوقود الجديد للاقتصاد العالمي.
اقرأ أيضًا: بإنشاء مركز أبحاث في شنغهاي، «إنفيديا» توسع حضورها في الصين
حرب الرقائق بين أميركا والصين، سباق ذكاء اصطناعي بلا هوادة
الرقمنة ليس رفاهية، بل استراتيجية نمو اقتصادي
وتستهدف الصين، أن تساهم الصناعات الرقمية بأكثر من 10% في الناتج المحلي بنهاية 2025م، وهذا يعني أن الصين ترى التحول الرقمي ركيزة للنمو، ففي الربع الأول من 2025م، سجلت الصناعة الرقمية في الصين 8.5 تريليون يوان (حوالي 1.18 تريليون دولار)، أي أن الصين تبني اقتصادًا جديدًا بجانب الاقتصاد التقليدي، اقتصادٌ أسرع وأذكى، وقابل للتوسع بدون حدود.
300 فلوبس، الصين تبني "عقلًا إلكترونيًا" عملاقًا
وهدف الصين هو الوصول بقدرتها الحاسوبية لأكثر من 300 فلوبس ( أي 300 عملية حسابية في الثانية)، وهو رقم يجعلها في مصاف الدول التي لديها بنية تحتية، قادرة على تشغيل أي نظام AI مهما كان ضخمًا، أي أن الصين تقوم ببناء أساس علمي وتكنولوجي يجعلها قادرة على إعداد تحليل بيانات ضخم في جزء من الثانية، وهو مهم جدًا في ميادين مثل الأمن السيبراني، وتحليل الأسواق، وإدارة البنية التحتية الذكية.
الصين vs أمريكا، من الذي يملك اقتصادَ المستقبل؟
في ظل التوترات بين الصين وأمريكا، خطة "الصين الرقمية" قد تصبح ورقة ضغط ضخمة على الاقتصاد الأمريكي، حيث تحاول الولايات المتحدة الآن أن تحاصر الصين في مجالات مثل الرقائق والتكنولوجيا، لكنها ترد بخطط طويلة المدى، ليس بالكلام أو بالعقوبات.
فإذا استطاعت الصين أن تنفذ هذه الخطة بنجاح، قد تكون هناك مواجهة تحول حقيقية في موازين القوة الاقتصادية، لتبدأ الكثير من الشركات الصينية في الظهور، كقادة عالميين في مجالات التكنولوجيا المتقدمة.

ختامًا، الصين لا تخطط فقط بل تنفذ وبسرعة، في الوقت الذي من المفترض فيه أن نتابع ذلك، ويجب أن نفكر كدولٍ عربية، كيف سنكون جزءًا من هذه الثورة الرقمية؟، وهل سنصبح مجرد سوق مستهلك للبيانات التي تنتجها الصين؟
وإذا لم نبدأ بجدية في خلق بيئة محلية لتداول البيانات، وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتأهيل الأفراد للمستقبل الرقمي، فسنستيقظ يومًا لنجد أن العالم قد سبقنا بأشواط، بينما لا نزال نفكر في كيفية أتمتة الخدمات الحكومية.
Short Url
8.9 مليار دولار في 2025، تأجير اليخوت يتحول إلى بيزنس عالمي رابح
19 مايو 2025 03:51 م
من النفط إلى الخوارزميات، الخليج يراهن على الهيمنة الرقمية في العقد المقبل
19 مايو 2025 01:55 م
بين التفاؤل والحذر، الصين تواجه تحديات اقتصادية ضخمة رغم نمو الإنتاج الصناعي
19 مايو 2025 12:12 م


أكثر الكلمات انتشاراً