الأربعاء، 14 مايو 2025

07:29 م

باكستان بين قبضة الإصلاح وفرصة التعافي، هل تصمد أمام اختبار صندوق النقد؟

الأربعاء، 14 مايو 2025 01:05 م

دعم صندوق النقد الدولي لباكستان

دعم صندوق النقد الدولي لباكستان

تحليل/ ميرنا البكري

بعد شهور من التذبذب الاقتصادي والخوف من الإفلاس، بدأت باكستان في الخروج من عنق الزجاجة بخطوات محسوبة، وبدعم واضح من صندوق النقد الدولي، استلام باكستان لشريحة جديدة تزيد عن مليار دولار، وتحقيقها لمؤشرات مالية إيجابية، لن يوفر لها مجرد فرصة للتنفس فحسب، بل سيكون بمثابة مؤشر على عودتها إلى الساحة الاقتصادية من جديد.

لكن في نفس الوقت، يضع صندوق النقد خطة  إصلاحات قاسية ومراقبة لصيقة، أي باكستان  تدخل على مرحلة توازن صعبة بين الاستقرار الاقتصادي والضغوط الاجتماعية، سنوضح  في هذا التحليل ما حدث بالفعل، والهدف من اختلاف البرنامج الحالي، مع تسليط الضوء على أبرز التحديات التي تعيق نمو باكستان.

باكستان تؤكد التزامها بتنفيذ وقف إطلاق النار مع الهند

أموال صندوق النقد، أكسجين مؤقت أم بداية شفاء؟

أعلن البنك المركزي الباكستاني عن استلام 1.023 مليار دولار من صندوق النقد ضمن "برنامج التسهيل الائتماني الممتد"، مما يرفع إجمالي الدعم لـ2.1 مليار دولار حتى الآن، والأهم من الأموال هو ثقة الصندوق في خطوات باكستان الإصلاحية، لإن هذا يعني إن الحكومة التزمت بشروط المراجعة الأولى وهذا ليس بسيط.

كما إن باكستان حصلت على دعم إضافي 1.4 مليار دولار تحت برنامج “المرونة والاستدامة”، مما يجعل المساعدات ليس اقتصادية فقط، بل مرتبطة بمقاومة التغير المناخي والكوارث الطبيعية، وهي خطوة مهمة لدولة تعاني من الفيضانات بشكل دوري.

اقرا أيضًا: رغم اعتراضات الهند، «النقد الدولي» يوافق على صرف مليار دولار لباكستان

أرقام تطمئن، التضخم يهدىء والاحتياطي يرتفع

واحدة من أكبر المفاجآت هي تراجع التضخم لمستوى 0.3% في أبريل، وهو رقم غير معتاد في باكستان، التي كانت تكافح تضخم خانق يتخطى  25% في بعض الشهور، والنتيجة؟ إن البنك المركزي استطاع تقليل الفائدة بمقدار 1100 نقطة أساس، مما يقلل تكاليف الاقتراض ويفتح الباب للنمو الاقتصادي.

كما إن الاحتياطي النقدي ارتفع من 9.4 إلى 10.3 مليار دولار، ومع التوقعات إنه سيصل لـ13.9 مليار دولار في يونيو، يعطي شعور بالاستقرار في سعر العملة وثقة في السوق.

الإصلاحات القادمة، اللعب على المكشوف

صندوق النقد لن يعطي أموال بدون شروط، فيطالب باكستان بمجموعة إصلاحات صعبة، على رأسها:

1.توسيع القاعدة الضريبية: أي جمع ضرائب من قطاعات كانت تتهرب، مما يخلق توتر اجتماعي مع أصحاب المصالح.

2.إصلاح شركات القطاع العام: خصوصاً في مجالات حساسة مثل الكهرباء والمياه.

3.آليات تسعير المياه والطاقة: وهذا يعني إن الدعم قد يتراجع، وبالتالي الأسعار ترتفع على الناس.

4.الاستجابة للمخاطر المناخية: عن طريق تحسين التنسيق بين الحكومة الفيدرالية والمحلية، وزيادة الشفافية في ملفات المخاطر البيئية.

بمعنى آخر، باكستان تدخل على مرحلة إعادة هيكلة شاملة، والنجاح فيها يحتاج شجاعة سياسية وقدرة على إدارة الغضب الشعبي.

التحديات مازالت موجودة، رياح عالمية ضد الاستقرار

رغم التحسن، حذر صندوق النقد نفسه من مخاطر خارجية مثل: التوترات الجيوسياسية (مثل الوضع في الشرق الأوسط وأوكرانيا)، وحالة عدم اليقين التي تسود الاقتصاد العالمي، وتأثير المناخ على الزراعة والطاقة، فأي صدمة خارجية قد ترجع باكستان خطوة للخلف، مما يجعل الحفاظ على استقرار السياسات المالية والنقدية ضرورة وليس رفاهية.

اقرأ أيضًا: معركة القروض، صندوق النقد يتحول لساحة صراع بين الهند وباكستان

توقعات،هل باكستان على طريق النمو المستدام؟

إذا استطاعت الحكومة الباكستانية أن تلتزم بالإصلاحات، وتوسع مشاركتها مع القطاع الخاص، وعملت على تحسين بيئة الاستثمار، فيصبح الطريق ممهد أمامها لتحقيق نمو اقتصادي مستدام، ومن المتوقع أن يصل الاحتياطي لـ 14 مليار دولار بنهاية العام، وبالتالي يتراجع التضخم، وسعر الروبية يستقر، لكن إذا حدث تراجع في الالتزام أو انفجار اجتماعي ضد الضرائب، أو ضربة مناخية كبيرة، السيناريو الإيجابي قد ينهار بسرعة.

ختامًا، الأحداث الآن في باكستان  ليس دعم  مالي فقط، بل اختبار كبير لقدرتها على التحول من "اقتصاد هش" لـ"اقتصاد مستقر ومرن"، الفرصة متاحة، والمقومات بدأت تتكون بالفعل، لكن النجاح محتاج استمرارية وشجاعة سياسية وخطة تواصل ذكية مع الشعب، ما تشهده باكستان حاليًا قد يكون قصة تعافٍ ملهمة، أو بداية لأزمة جديدة إذا لم يتم استغلال هذه اللحظة بالشكل الصحيح.

Short Url

showcase
showcase
search