كرة القدم.. صناعة المليارات التي لا تعرف صافرة النهاية

الإثنين، 12 مايو 2025 10:34 م

سوق كرة القدم

تحليل/ كريم قنديل

في عالم تتقاطع فيه الرياضة مع الاقتصاد والتكنولوجيا والثقافة الجماهيرية، تبرز أندية كرة القدم كنماذج معقدة لمؤسسات تجارية ضخمة، تتجاوز كونها مجرد فرق رياضية إلى كيانات اقتصادية تؤثر في الأسواق العالمية.

تشير أحدث التقديرات إلى أن سوق الأندية الكروية سيصل حجمه إلى 1.22 مليار دولار بحلول عام 2030، انطلاقًا من 0.96 مليار دولار في 2025، بمعدل نمو سنوي مركب يتجاوز 5%، هذه الأرقام تعكس بوضوح أن اللعبة الجميلة باتت أيضًا صناعة ذهبية.

أمريكا الشمالية تتصدر وأفريقيا تنطلق

شهد عام 2022 سيطرة واضحة لأمريكا الشمالية على الحصة الأكبر من سوق الأندية الكروية، بينما تشير التوقعات إلى أن أفريقيا ستكون المنطقة الأسرع نموًا، مدفوعة بطفرة اقتصادية متوقعة في عدد من الدول النامية والمتقدمة على حد سواء.

ويبدو أن اهتمام القارة السمراء بكرة القدم، سواء على مستوى الجماهير أو اللاعبين، سيترجم قريبًا إلى طفرات استثمارية وتجارية ملموسة.

عودة الجماهير تحيي الإيرادات

بعد موسمين باهتين نتيجة قيود جائحة كورونا، شهد العام الجاري انتعاشة واضحة في إيرادات أكبر 20 ناديًا عالميًا، بزيادة بلغت 13% مقارنة بالعام السابق، واقتربت من مستويات ما قبل الجائحة.

المحرك الأساسي لهذه العودة كان الجماهير، حيث ساهمت مبيعات التذاكر في رفع عوائد يوم المباراة، وهي أحد أهم مصادر الدخل، إلى جانب البث التلفزيوني والأنشطة التجارية.

الإيرادات.. ثلاثية ذهبية

تنقسم إيرادات الأندية إلى ثلاث فئات رئيسية:

الإيرادات التجارية: وتشمل صفقات الرعاية وبيع المنتجات، وهنا يتفوق العمالقة كريال مدريد وبرشلونة، اللذان يمتلكان قاعدة جماهيرية دولية واسعة تترجم إلى أرقام مالية مذهلة.

إيرادات البث: وتكتسب أهمية متزايدة مع العقود الخيالية لحقوق نقل الدوريات الكبرى، بالإضافة إلى الجوائز السخية التي تمنحها بطولات مثل دوري أبطال أوروبا.

إيرادات يوم المباراة: وهي تتعلق ببيع التذاكر والدخول إلى الملاعب، لكنها تبقى مرتبطة بسعة الاستاد وتوافر الجمهور.

الفرق الكبرى تعرف كيف تحول شهرتها إلى عائد مالي، ففي موسم 2019، على سبيل المثال، تفوقت إيرادات برشلونة التجارية وحدها بمقدار 20 مليون يورو على إجمالي إيرادات نادي أتلتيكو مدريد، منافسه في الدوري نفسه.

الفرق الرياضية الأعلى ربحية في العالم لعام 2024 طبقًا لمجلة فوربس

الترتيب	النادي	القيمة (بالمليون دولار)
1	مانشستر سيتي	478
2	توتنهام	441
3	مانشستر يونايتد	424
4	ليفربول	334
5	بايرن ميونخ	319

التكنولوجيا تغير قواعد اللعبة

لم تعد الجماهير محصورة في مدرجات الملاعب، بل باتت في قلب تجربة رقمية متكاملة عبر تطبيقات الهواتف الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي، ما فتح قنوات جديدة للإيرادات مثل الإعلانات الرقمية، التسوق الإلكتروني، وخدمات البث عبر الإنترنت.

شركات البث تسابق الزمن لعقد شراكات جديدة وبث محتوى حصري، ما يزيد من المنافسة على حقوق النقل ويضخ المزيد من الأموال في السوق.

كرة القدم كمنصة للصحة والدمج المجتمعي

الاهتمام المتزايد بأسلوب الحياة الصحي وساهم في ارتفاع عدد المشاركين في أنشطة كرة القدم، ليس فقط كمشجعين بل أيضًا كممارسين، الحكومات والمنظمات، مثل مؤسسة الفيفا، تدعم برامج تُعزز من ممارسة اللعبة كوسيلة لتحسين الصحة الجسدية والنفسية وإعادة دمج المجتمعات بعد جائحة كورونا.

ما بعد الرياضة

من الواضح أن كرة القدم لم تعد مجرد رياضة تنافسية، بل أصبحت نموذجًا اقتصاديًا متكاملًا يعكس تطورات الأسواق العالمية، سلوك المستهلك، وتوجهات التكنولوجيا الحديثة، وبينما تتنافس الأندية في البطولات، تتسابق أيضًا في توسيع علامتها التجارية، جذب الاستثمارات، وبناء قواعد جماهيرية عابرة للقارات.

لم تعد كرة القدم مجرد لعبة، بل بدأت كرياضة على العشب الأخضر، لكنها اليوم تلعب أيضًا على أرض البورصات والتطبيقات والمستقبل الرقمي.

Short Url

أخبار متعلقة