رهانات جديدة في التجارة العالمية، كيف ستغير الصفقة الهندية الأمريكية المشهد الاقتصادي؟
الجمعة، 09 مايو 2025 04:33 م

الهند والولايات المتحدة
كتب/ كريم قنديل
في خطوة تُعد من بين أبرز التحولات في سياسة التجارة العالمية خلال عام 2025، عرضت الهند تقليص فجوة الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة من نحو 13% إلى أقل من 4%، في مقابل إعفائها من رسوم جمركية فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
_1787_040559.jpg)
هذه الصفقة المحتملة، التي لم يُكشف عن كامل تفاصيلها من قبل، تسلط الضوء على المسار المتسارع نحو اتفاق تجاري شامل بين أكبر ديمقراطيتين في العالم، وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية والحمائية الاقتصادية.
لكن ما وراء هذه الأرقام هو صراع هادئ، وإن بدا مرنًا، على النفوذ في التجارة العالمية، حيث تسعى الهند للحصول على ما هو أبعد من الإعفاءات الجمركية، مكان على طاولة الكبار في تكنولوجيا المستقبل.
رهانات بالمليارات على اتفاق الفرصة الأخيرة
الهند، خامس أكبر اقتصاد في العالم، تخطو نحو شراكة غير مسبوقة مع أكبر شريك تجاري لها، الولايات المتحدة، التي بلغ حجم التبادل التجاري معها نحو 129 مليار دولار في 2024، بفائض لصالح الهند بلغ 45.7 مليار دولار.
وفيما أعلن ترامب عن الاختراق التجاري الأول لإدارته مع بريطانيا الذي خفض الرسوم البريطانية لكنه أبقى على رسوم أميركية بنسبة 10% يبدو أن الهند تستعد لتقديم تنازلات أوسع أملاً في اتفاق لا يشبه سابقيه.
عرض الهند يتضمن إعفاءات جمركية على 60% من بنود التعريفة الجمركية في مرحلتها الأولى، ونفاذًا تفضيليًا لنحو 90% من السلع الأميركية، وهي تنازلات لا تبدو مجانيةن فالمقابل المطلوب من واشنطن هو إعفاء الهند من رسوم جمركية قد تصل إلى 26%، إضافة إلى طلبات أكثر استراتيجية.

الهند تطالب بمكان في نادي التكنولوجيا الحيوية
وراء الستار، لم تكتفي نيودلهي بعرض تقليص الرسوم الجمركية، بل ذهبت أبعد، فطالبت واشنطن بمعاملة تفضيلية في قطاعات تصديرية حيوية مثل المجوهرات والمنسوجات والكيماويات والمنتجات الزراعية، إضافة إلى وصول تفضيلي إلى الأسواق الأميركية لهذه السلع مقارنة بدول أخرى.
لكن الطلب الأكثر لفتًا للنظر كان من خارج ساحة التجارة التقليدية، الهند تسعى للمعاملة بالمثل مع حلفاء واشنطن الكبار في قطاعات الذكاء الاصطناعي، والاتصالات، والصيدلة، وأشباه الموصلات وهي ميادين المستقبل التي ستحدد من يقود الاقتصاد العالمي في العقود القادمة.
رغبة الهند في الدخول إلى هذا النادي اصطدمت بعقبات حقيقية، أبرزها القيود الأميركية الصارمة على مشاركة التقنيات الحساسة، وهو ما يضع الكرة في ملعب واشنطن، هل تُجازف بتقاسم التكنولوجيا مع نيودلهي مقابل مكاسب تجارية سريعة؟
صفقة بطابع جيوسياسي
السياق الزمني والظروف الدولية لا يقلان أهمية عن مضمون الصفقة، ترامب الذي أعلن عن تجميد مؤقت للرسوم لمدة 90 يومًا، يبدو حريصًا على تحقيق اختراقات تجارية قبل أي تصعيد جديد في سباق الانتخابات، بينما تسعى الهند إلى تعزيز موقعها في سلاسل التوريد العالمية وسط تقهقر الصين في بعض القطاعات.
كما أن عرض الهند شمل تسهيلات على تصدير سلع أميركية عالية القيمة من الطائرات إلى الويسكي ما يعكس رغبة واضحة في استرضاء دوائر التأثير الاقتصادي في واشنطن.

المنافسة مع الحلفاء
غير أن طموحات الهند قد تصطدم بمبدأ المعاملة بالمثل، إذ أن الصفقة البريطانية الأميركية حافظت على رسوم أميركية بنسبة 10%، ما يعني أن منح الهند إعفاءً كاملاً سيشكل سابقة محرجة لواشنطن في علاقاتها مع شركاء آخرين.
ومع دخول اليابان أيضًا على طاولة التفاوض، تبدو الإدارة الأميركية أمام اختبار صعب، هل تفضل الهند كشريك استراتيجي في التجارة والتكنولوجيا؟ أم تلتزم بتوازن دقيق في توزيع الامتيازات؟
الاقتصاد والتكنولوجيا على طاولة واحدة
الصفقة التجارية بين الهند والولايات المتحدة ليست مجرد تبادل امتيازات جمركية، بل هي مزيج من الاعتبارات الاقتصادية، والتوازنات الجيوسياسية، وصراع المواقع في الاقتصاد الرقمي العالمي.
الهند تريد أن تبيع المزيد من العنب والروبيان، نعم، لكنها أيضًا تريد أن تصدر العقول والبرمجيات وتستورد الثقة التكنولوجية من واشنطن.
السؤال الحاسم يكمن هنا: هل سترى هذه الصفقة النور؟ أم سيبقى الطموح الهندي محصوراً في غرف التفاوض المغلقة؟
Short Url
من البطاريات للثورة الصناعية، من يلحق بسباق الطاقة؟
08 مايو 2025 05:16 م
قمة كوالالمبور، الصين توسع تحالفها الآسيوي – الخليجي في مواجهة أمريكا
08 مايو 2025 12:15 م
الاقتصاد تحت القصف، أرقام الهند وباكستان في مرمى التوتر
07 مايو 2025 04:25 م


أكثر الكلمات انتشاراً