الخميس، 08 مايو 2025

09:28 م

الرسوم الجمركية تفتك بالمستقبل الأخضر، من سيدفع الفاتورة؟

الخميس، 08 مايو 2025 06:37 م

الاقتصاد الأخضر

الاقتصاد الأخضر

كتب/ كريم قنديل

في عالم الاقتصاد، هناك قاعدة واحدة لا تقبل الجدل، الأسواق تكره المفاجآت، وحين تندلع حرب تجارية بين أميركا والصين، أكبر اقتصادين في العالم، لا تظل آثارها محصورة بين واشنطن وبكين، بل تمتد كالأمواج الارتدادية إلى كل من يحاول بناء مستقبل أنظف، من مصانع السيارات الكهربائية في أوروبا إلى مشاريع الطاقة الشمسية في الخليج.

الاقتصاد الأخضر

منذ أبريل 2025، دخلت الحرب التجارية الخضراء مرحلة أكثر شراسة، فرضت واشنطن رسومًا جمركية قاسية على واردات التكنولوجيا النظيفة من الصين، 100% على السيارات الكهربائية، 50% على الألواح الشمسية، و25% على بطاريات الليثيوم. 

وجاء رد بكين سريعًا باستهداف صادرات أميركية استراتيجية مثل أشباه الموصلات والتقنيات الزراعية المتقدمة، لكن هذه ليست مجرد لعبة أرقام ونسب مئوية، إنها معركة على مستقبل كوكب بأسره.

 

حين تتحول التقنيات الخضراء إلى رهينة سياسية

الصين تهيمن اليوم على نحو 60% من إنتاج المعادن النادرة عالميًا، وتُجري ما يقرب من 85% من عمليات معالجتها، بحسب هيئة المسح الجيولوجي الأميركية وتقرير وكالة الطاقة الدولية لعام 2024. 

هذه المعادن هي العمود الفقري للتكنولوجيا النظيفة، أي اضطراب في العلاقات التجارية معها يعني ارتباكًا في سلاسل الإمداد وتباطؤًا في التحول العالمي إلى الاقتصاد منخفض الكربون.

التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي (IMF 2024) أطلق إنذارًا اقتصاديًا واضحًا، من المتوقع أن تنخفض الاستثمارات الموجهة للطاقة النظيفة والتقنيات المستدامة بنسبة تصل إلى 15% بحلول نهاية 2025، فقط بسبب هذه التصعيدات التجارية، هذه النسبة لا تعني تباطؤًا في الأرقام فقط، بل في مستقبل الكوكب ذاته.

دور الطاقة المتجددة في مكافحة التصحر واستصلاح الأراضي في الشرق الأوسط |  منصة ستانفورد للابتكار الاجتماعي
الطاقة المستدامة

 

الأسواق لا تراهن على النوايا.. بل على الثقة

السؤال المنطقي هنا، كيف يمكن لمستثمر أو شركة أن تخطط لمشروع مستدام، في ظل الغموض الذي يخيّم على أسعار المواد الأولية واستمرارية التوريد؟ الجواب الصادم، لن يخطط أو على الأقل، سيتردد، ومع تردد المستثمر، تتراجع السوق، وتتوقف عجلة التنمية ولو مؤقتًا.

هذا القلق لا يقتصر على الغرب، الاقتصادات النامية والناشئة من أمريكا اللاتينية إلى الدول العربية تجد نفسها اليوم أمام تكاليف مضاعفة للوصول إلى تكنولوجيا الطاقة النظيفة، أما الدول الخليجية، التي حققت خطوات طموحة في هذا المجال، فهي وإن كانت تمتلك السيولة والمرونة، إلا أنها ليست محصنة من اضطرابات الأسعار وغياب الإمدادات.

الطاقة النظيفة

الفرص لا تنتظر.. والأسواق لا تغفر

في هذا المشهد المعقّد، الضحية الأولى هي الاستدامة، والمفارقة أن العالم بأسره اتفق ولو نظريًا على أن المستقبل يجب أن يكون أخضر، نظيفًا، مستدامًا، لكن الحروب التجارية لا تعترف بالمُثل، بل تحركها الحسابات السياسية الضيقة والمكاسب الآنية.

ولهذا فإن الحل ليس بيد السوق فقط، بل في خلق بيئة استثمارية مستقرة، وتوفير ضمانات دولية حقيقية لسلاسل الإمداد، وإنهاء حالة الغموض التي تخنق القرار الاقتصادي.

ففي اقتصاد سريع الدوران، الانتظار هو ترفٌ لا يمكن تحمله، والأسواق كما المستثمرون، لا يقرأون التقارير الرسمية، بل ما بين سطور السياسات، فإذا غابت الثقة، غابت الاستثمارات، ومعها أحلام التنمية الخضراء.

Short Url

showcase
showcase
search