الشحن الجوي يحلق عاليًا، التجارة الإلكترونية تقوده للنمو رغم التحديات العالمية

السبت، 03 مايو 2025 10:36 ص

الشحن الجوي

تحليل/ كريم قنديل

يلعب الشحن الجوي دورًا حيويًا في المشهد اللوجستي العالمي، ويقدم سرعة وكفاءة لا مثيل لها في نقل البضائع، كما يعد الشحن الجوي الحل الأسرع في عالم يُعد التسليم في الوقت المناسب أمر أساسي، مما يضمن وصول المنتجات إلى وجهاتها بسرعة.

أهمية الوقت بالنسبة للشحن الجوي

هذه الوسيلة من النقل حيوية بشكل خاص للبضائع القابلة للتلف مثل المنتجات الطازجة والمستلزمات الطبية، حيث أن الحساسية للوقت أمر حاسم، بالإضافة إلى ذلك يسهل الشحن الجوي التجارة الدولية عن طريق ربط الأسواق البعيدة وتمكين الشركات من الوصول إلى قاعدة مستهلكين ضخمة.

لمعالجة القضايا البيئية، تجري جهود لتحسين استدامة الشحن الجوي من خلال طائرات أكثر كفاءة في استهلاك الوقود ومبادرات التعويض الكربوني، مع استمرار العولمة في تشكيل عالمنا، يظل الشحن الجوي عنصرًا لا غنى عنه في سلسلة التوريد، مما يربط القارات ويسهل تبادل البضائع على نطاق عالمي.

السوق العالمية والعولمة السريعة

يتم تشغيل السوق العالمية أساسًا بواسطة العولمة السريعة، وتعتمد الشركات التي تسعى لتوسيع نطاقها عبر الحدود على الشحن الجوي لسرعته وموثوقيته التي لا مثيل لها، وبالتالي تعزيز الصناعة، علاوة على ذلك، شهد قطاع التجارة الإلكترونية ارتفاعًا هائلًا في الطلب على الشحن الجوي حيث يتوقع المستهلكون بشكل متزايد التسليم السريع للبضائع التي تم طلبها عبر الإنترنت.

وقد تسارع هذا الاتجاه فقط خلال جائحة كوفيد-19، حيث التفتت عمالقة التجارة الإلكترونية وتجار التجزئة التقليديين إلى الشحن الجوي لتلبية الطلب المتزايد، ومحرك آخر مهم هو قطاع الأدوية والرعاية الصحية النامية، حيث يتطلب نقل الأدوية حساسة للحرارة، واللقاحات، والمعدات الطبية سرعة ودقة يمكن أن يقدمها الشحن الجوي فقط، مما يجعله لا غنى عنه في هذا القطاع.

وعلاوة على ذلك، يؤدي الارتفاع في نقل المكونات عالية القيمة والحساسة للوقت والإلكترونيات عبر العالم إلى زيادة الاستفادة من هذه الخدمات في قطاع التكنولوجيا، بالإضافة إلى ذلك، تعزز الوعي البيئي المتزايد والحاجة إلى تقليل انبعاثات الكربون السوق، أدت القضايا المتعلقة بالاستدامة إلى تطوير مبادرات صديقة للبيئة، مثل الطائرات الأكثر كفاءة في استهلاك الوقود والوقود البديل، وبالتالي تحفيز نمو السوق.

سوق الشحن الجوي بين الفرص والتحديات

يُقدر حجم سوق الشحن الجوي العالمي بنحو 115.35 مليار دولار أمريكي في عام 2025، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 140.34 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 4% خلال الفترة من 2025 إلى 2030.

ورغم بقاء النقل البري والبحري من الخيارات الأساسية لنقل البضائع، إلا أن الشحن الجوي لا يزال يُعتبر الخيار الأسرع والأقل عوائق، ما يمنحه أفضلية حاسمة في عالم تتسارع فيه وتيرة التجارة.

في أكتوبر، بلغ الطلب العالمي على الشحن الجوي والمقاس بوحدة الطن نحو 21.1 مليار طن، بزيادة شهرية قدرها 3.5%، لكنه تراجع بنسبة 13.6% مقارنة بالشهر نفسه من عام 2022، و6.2% عن مستويات ما قبل الجائحة في 2019، أما البيانات المعدلة موسميًا فقد أظهرت انخفاضًا شهريًا بنسبة 2.3%، لتؤكد استمرار الضغط على هذا القطاع.

يواجه القطاع تحديات متعددة تتمثل في:

التضخم المرتفع في الاقتصادات المتقدمة
ضعف تدفقات التجارة العالمية
الحرب المستمرة في أوكرانيا
القوة اللافتة للدولار الأمريكي

كل هذه التحديات تضع مزيدًا من الضغوط على نمو الشحن الجوي، وحتى مؤشرات الطلبيات الجديدة التي تُعد مقياسًا استباقيًا لهذا النشاط، ومازال دون المستوى الإيجابي (50 نقطة)، ما يدل على استمرار التراجع العالمي.

قدرات وتباينات إقليمية

على مستوى الطاقة الاستيعابية، ارتفعت المساحات المتاحة للشحن الجوي (ACTK) بنسبة 2% مقارنة بشهر سبتمبر، إلا أن معدل حمولة الشحن شهد تراجعًا إلى -7.4% في أكتوبر، مقارنة بـ -7.0% في الشهر السابق.

من ناحية النمو الإقليمي، سجلت أمريكا اللاتينية أعلى نمو سنوي في الطاقة المعدلة موسميًا بنسبة 20.3%، تلتها أمريكا الشمالية بـ 3%، ثم الشرق الأوسط بـ 1.1%، في المقابل شهدت أفريقيا تراجعًا بنسبة -7.5%، وأوروبا بـ -5%، وآسيا والمحيط الهادئ بـ -2.1%.

التجارة الإلكترونية مُحرك النمو الصاعد

في المقابل، تُعد التجارة الإلكترونية النجم الصاعد الذي يعوّل عليه القطاع للعودة إلى النمو، إذ يُتوقع أن تنمو التجارة الإلكترونية عالميًا بنسبة 14% خلال السنوات الخمس المقبلة، لترتفع قيمة السلع المتداولة من 3.5 تريليون دولار في 2022 إلى 7 تريليونات دولار في 2025.

هذا النمو يفتح آفاقًا واعدة أمام الشحن الجوي، الذي عانى من انتكاسات سابقة بسبب الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

الشحن الجوي يُشكل اليوم 16% من حجم التجارة الإلكترونية العالمية، كما يُستخدم لنقل 80% من المشتريات العابرة للحدود بين الشركات والمستهلكين، وسعت شركات طيران كبرى إلى تعزيز حصتها في هذا السوق الديناميكي، فأطلقت “طيران الإمارات” خدمة Emirates Delivers، فيما تضم "لوفتهانزا" منصة Heyday، وتمتلك مجموعة "IAG" المالكة للخطوط الجوية البريطانية شركة Zenda.

ورغم الضغوط، أشارت بيانات الاتحاد الدولي للنقل الجوي إلى تحسن نسبي في نوفمبر، حيث سجل القطاع أبطئ معدل انكماش سنوي منذ مارس 2019.

مستقبل متسارع عبر السماء

الاعتماد المتزايد على التسوق الرقمي، إلى جانب الحاجة لتوصيل سريع وموثوق، يعزز من دور الشحن الجوي كلاعب رئيسي في المستقبل اللوجستي العالمي، ومع تنامي الطلب على الشحن السريع للمنتجات الإلكترونية والسلع عالية القيمة، فإن الشحن الجوي يبدو في موقع مثالي للاستفادة من هذا الزخم.

في عالم يتسارع نحو الرقمنة ويتجاوز الحواجز الجغرافية عبر ضغطة زر، يبقى الشحن الجوي هو الوسيلة الأذكى لتقليص المسافات وتكثيف التجارة.

Short Url

أخبار متعلقة