من فنجان المتعة إلى عبء الإنفاق، القهوة تشعل الأسواق وتربك الجيوب
الخميس، 01 مايو 2025 12:55 م

القهوة
تحليل/ ميرنا البكري
رغم أن مصر لطالما عُرفت بأنها "بلد الشاي"، إلا أن مشهد الاستهلاك المحلي يشهد تحولًا لافتًا في السنوات الأخيرة، حيث استطاع البن أن يخطف الأضواء في السنوات الأخيرة، حيث برزت القهوة كمنافس قوي في العادات اليومية للمصريين، والأحداث الآن في سوق القهوة ليس مجرد موضة، بل تحول اقتصادي كبير يتقاطع فيه الاستهلاك المحلي، بأسعار عالمية مشتعلة، وسط ضغوط استيرادية ومناخ عالمي متقلب.

من 6 آلاف لـ 80 ألف طن، لماذا ارتفع استهلاك المصريين من القهوة؟
وفقًا لـ CNN الاقتصادية، في عام 2006 كان استهلاكنا حوالي 6 آلاف طن، حتى عام 2024 بلغ 80 ألف طن، وهي قفزة خرافية تعكس إن القهوة أصبحت جزء من روتين المصريين اليومي، وليس مجرد عادة نخبوية أو تريند سوشيال ميديا، هذا التحول ليس عشوائي، بل جاء مع تغير ذوق المستهلك، وانتشار ثقافة الكافيهات، والطلب على بدائل أسرع للشاي أو المشروبات الغازية.
نصيب الفرد تضاعف 5 مرات، القهوة تقترب من الشاي
استنادًا لـ CNN الاقتصادية، كان المواطن المصري يشرب في المتوسط 100 جرام بن في العام في 2008. والآن ارتفع لـ 500 جرام، وهو لا يعكس تحول في العادات فقط، بل يشير إلى إن شريحة المستهلكين تكبر، وعلى استعداد لدفع المزيد رغم الظروف الاقتصادية.
وهو ما يجعلنا نسأل: هل القهوة أصبحت "سلعة ضرورية" مثل الخبز والسكر؟ أم مازالت من الكماليات التي قد تتأثر بسهولة بأي هزة سعرية؟
فاتورة القهوة، من 196 لـ279 مليون دولار، والعداد يستمر
أصبح استيراد البن عبء ثقيل على ميزان المدفوعات، خصوصًا مع غياب الإنتاج المحلي للبن، حيث تستورده الدولة من دول مثل فيتنام والبرازيل وإندونيسيا، وتعتبر كلها أسواق تتأثر بتقلبات مناخية وشحن عالمي وأسعار، وتوترات تجارية في المنطقة.
في خلال عام واحد فقط، زادت فاتورة البن بأكثر من 80 مليون دولار، وهو رقم مرعب لدولة تعاني من نقص الدولار وشد الحزام في الاستيراد.
الطن أصبح بـ 5700 دولار، البن يلعب مع الكبار
شهد طن البن ارتفاعًا ملحوظًا من 3100 دولار للطن في 2023 لـ 5700 دولار في 2024، لن تؤثر هذه الزيادة على التاجر فقط، بل تصل إلى فنجان القهوة التي نشربه، فمن كان يشتري الكيلو بـ 90، الآن أصبح بـ 540، وأحيانًا يصل إلى 700 أو 800.
وهو خلق سوق جديدة للإبداع في التغليف، وجعل مبادرات مثل "عبوة بن تحتوي على 9 جرام" تلقى رواجًا كبيرًا، خصوصًا بين محدودي الدخل.

المقاهي، تفكر بالجرام وليس بالكوب
وفقًا لـ CNN الاقتصادية، قال أحد مالكي المقاهي في حوار مع CNN، أنه يبيع فنجان القهوة بـ 15 جنيه، وأنه لا يريد أن يرفعه لـ 20 لكي لا يخسر الزبون. وهو ما جعل فكرة الربح تتعلق بالتوازن بين الطعم والتكلفة، ومن هنا بدأ الاعتماد على القهوة الخفيفة أو الفورية، التي يوجد بها هامش ربح أكبر وسهولة في التقديم.
القهوة في مصر، صناعة غير صناعية
رغم إن مصر لن تزرع بن، لكن هناك صناعات كاملة تقوم حوله، كـ شركات الاستيراد وتعبئة روسترات وتحميص مقاهي وسلاسل كافيهات، وهناك صناعات مساعدة (تغليف، توزيع، دعايا وإعلان)، وكل هذه الصناعات تخلق فرص عمل ومجالات ربح في وقت الاقتصاد المصري يبحث عن فرص نمو جديدة.
البن ليس مجرد مشروب، البن مؤشر اقتصادي
التطورات في سوق البن تعكس أكثر من مجرد حب المصريين للكافيين، فهو يعتبر تحول اجتماعي في الذوق والعادات، وضغط استيرادي يؤثر على الاقتصاد، وهشاشة السوق المحلي واعتماده على الخارج، ولكن يسلط الضوء على فرص حقيقية لنمو صناعات تكميلية.

توقعات وتحذيرات، إلى أين يتجه سوق القهوة؟
1. من المتوقع أن ترتفع الأسعار أكثر إذا استمرت أزمة المناخ وتأخرت الشحنات العالمية.
2. ظهور منتجات محلية بديلة مثل "القهوة الفورية" أو "البدائل العشبية" بأسعار أقل.
3. فرصة للمشروعات الصغيرة التي تعتمد على إعادة التعبئة والتوزيع بكميات صغيرة للفئات الأقل دخلًا.
4. في حالة استمرار أزمة الدولار، قد يتأثر السوق بشدة، ومن المتوقع أن تُفرض قيود على الاستيراد.
Short Url
80 ألف طن من البن، ماذا يخبرنا عشق المصريين للقهوة عن الاقتصاد؟
01 مايو 2025 03:52 م
ترامب يعيد أشباح الكساد الكبير، هل يقود طوفان الرسوم الجمركية إلى أزمة عالمية جديدة؟
30 أبريل 2025 10:55 م
من الفيضانات إلى الجفاف، تأثيرات تغير المناخ على الاقتصاد والمجتمعات في عالم متغير
30 أبريل 2025 03:11 م


أكثر الكلمات انتشاراً