ترامب يهدد الأدوية الأوروبية، معركة جمركية قد تقلب موازين السوق العالمية
الأربعاء، 30 أبريل 2025 09:32 م

صناعة الأدوية
تحليل/ كريم قنديل
في خطوة تهدف إلى إعادة رسم ملامح النظام التجاري العالمي، يتجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لفتح جبهة جديدة في حربه الاقتصادية، وهذه المرة مع صناعة الأدوية الأوروبية، فبعد أن ظلت هذه الصناعة بمنأى عن الرسوم الجمركية طوال السنوات الماضية، باتت الآن على خط المواجهة مع تلويح ترامب، بفرض تعرفة قد تصل إلى 25% على واردات الأدوية إلى الولايات المتحدة.

سوق بـ127 مليار دولار على المحك
وتشير بيانات لجنة التجارة الدولية الأميركية، إلى أن الأدوية والمواد الكيميائية، تشكل رأس حربة في الصادرات الأوروبية إلى أميركا، بقيمة بلغت 127 مليار دولار في عام 2024م، حيث تتصدرها أدوية باهظة الثمن مثل أوزيمبيك لعلاج البدانة، وعلاجات السرطان والقلب والإنفلونزا.
أي أن هناك ضريبة على هذه الواردات، ستضرب قلب الاقتصاد الدوائي الأوروبي، وستفتح الباب أمام إعادة ترتيب الأولويات والتحالفات، في قطاع حيوي لا يحتمل المجازفة.
أيرلندا في عين العاصفة
وأكثر الدول الأوروبية تعرضًا للعاصفة المقبلة هي أيرلندا، والتي تصدر ما يقارب 80% من صادراتها الأميركية من قطاع الأدوية والكيماويات فقط، بقيمة بلغت 66 مليار دولار العام الماضي، ونجاح الجزيرة الصغيرة في استقطاب أكثر من 90 شركة أدوية، من بينها عمالقة أميركيون، كان بفضل نظامها الضريبي الجذاب وبنيتها الصناعية المتطورة.
لكن ترامب، يرى في ذلك تفريغًا للقاعدة التصنيعية الأميركية، وأثناء لقائه برئيس الوزراء الأيرلندي في مارس 2025م، وصف أيرلندا بأنها استولت على صناعة الأدوية الأميركية.

أوروبا بأكملها في مرمى النيران
وبعيدًا عن أيرلندا، يطال التهديد الألمانية باير وميرك، والدنماركية نوفو نورديسك، والبلجيكية التي تُعد مركزًا لتوزيع الأدوية، وحتى سلوفينيا التي تُنتج أدوية متخصصة، كل هذه الدول تعتمد على السوق الأميركية كمحرك لنموها الاقتصادي، وفرض الرسوم الجمركية سيهزّ هذه الركائز من العمق.
الشركات تتأقلم، بطرق متباينة
وتتوزع استجابات الشركات الأوروبية بين التوسع الأميركي المباشر، كما فعلت روش باستثمارها المعلن بـ50 مليار دولار، وبين خطط إعادة الهيكلة وتوزيع الإنتاج، وهناك أيضًا من يبحث عن حلول محاسبية أو رفع أسعار المنتجات لتعويض فارق الرسوم.
لكن كما يوضح ديدريك ستاديج من بنك ING، فإن الرسوم الأميركية قد تؤدي في النهاية إلى نتيجة عكسية، وزيادة ضخمة في الاستثمارات الأوروبية داخل أميركا، ما قد يدعم استراتيجية ترامب، دون أن ينجح فعليًا في إعادة التصنيع الأميركي بالكامل.

مفترق طرق حاسم
إن ما يحدث اليوم، هو تحول جذري في قواعد اللعبة الاقتصادية، إما أن تستثمر الشركات الأوروبية في الداخل الأميركي، أو تخسر السوق الأكبر والأكثر ربحية، كما أن هذه الأزمة، كشفت هشاشة الاعتماد الأميركي الطويل على الخارج، والذي كان يُنظر إليه كوسيلة لتقليص التكاليف، لكنه الآن أصبح عبئًا استراتيجيًا.
حلول ممكنة أم هروب للأمام؟
إن أمام الشركات الأوروبية، خيارات عدة من التحالفات مع شركات أميركية، إلى التصنيع التعاقدي داخل أميركا، مرورًا بالاستفادة من بنية تحتية دوائية ضخمة تضم أكثر من 450 منشأة، وتكمن أهمية الاستثمار في البحث والتطوير، في الأدوية البيولوجية المتقدمة، التي من المتوقع أن يتجاوز إنفاقها العالمي 580 مليار دولار بحلول 2027م.

نهاية مرحلة، وبداية أخرى
وصناعة الأدوية الأوروبية، تقف اليوم أمام منعطف لا يشبه أي أزمة سابقة، فما يحدث ليس مجرد فرض للرسوم، بل عملية إعادة تموضع استراتيجية في ساحة صناعية شديدة الحساسية، والنجاة في هذه المعركة، لن تكون للأقوى، بل للأكثر قدرة على التكيف والابتكار، في مواجهة رئيس أميركي يرفع شعار "صنّعها هنا، أو ادفع الثمن".
Short Url
ترامب يعيد أشباح الكساد الكبير، هل يقود طوفان الرسوم الجمركية إلى أزمة عالمية جديدة؟
30 أبريل 2025 10:55 م
من الفيضانات إلى الجفاف، تأثيرات تغير المناخ على الاقتصاد والمجتمعات في عالم متغير
30 أبريل 2025 03:11 م
من الادخار إلى الاستثمار، كيف تساعد «كاكيبو» اليابانية على توفير 35% من الدخل شهريًا؟
30 أبريل 2025 03:01 م


أكثر الكلمات انتشاراً