حجم سوق التكنولوجيا المالية يتجه نحو 1.5 تريليون دولار بحلول 2030

الإثنين، 29 ديسمبر 2025 12:05 م

التكنولوجيا المالية

أحدثت شركات التكنولوجيا المالية (Fintech)، منذ ظهورها، ثورة في تقديم الخدمات المالية، مستفيدة من التطور التكنولوجي لتوفير حلول أكثر مرونة وسرعة مقارنة بالمؤسسات المصرفية التقليدية.

ومع مرور الوقت، لم تعد التكنولوجيا المالية مجرد قطاع ناشئ أو ظاهرة عابرة، بل أصبحت محركًا رئيسيًا للتحول في النظام المالي العالمي.

تشير التقديرات إلى أن حجم سوق التكنولوجيا المالية سيصل إلى نحو 1.5 تريليون دولار بحلول عام 2030، بينما من المتوقع أن يبلغ سوق التمويل المدمج (Embedded Finance) وحده نحو 350 مليار دولار، مما يعكس توسع القطاع وتأثيره العميق على المدفوعات، التمويل، إدارة المخاطر والهوية الرقمية.

نمو مستمر رغم التحديات التنظيمية والسوقية

أظهر قطاع التكنولوجيا المالية مرونة ملحوظة خلال السنوات الأخيرة، رغم التغيرات في الظروف الاقتصادية والتنظيمية العالمية، فمع ازدياد وعي الأسواق وتسارع وتيرة المنافسة، لم يعد النمو السريع وحده كافيًا لضمان الاستمرارية.

وبدأت شركات التكنولوجيا المالية تواجه ضغوطًا متزايدة لرفع مستوى النضج التنظيمي والتشغيلي، بما يتماشى مع تطلعات المستثمرين والجهات الرقابية على حد سواء.

وفي هذا السياق، يبرز التحول من نموذج النمو بأي ثمن إلى نموذج أكثر حذرًا يركز على الربحية والاستدامة، وهذا التحول يعكس إدراكًا متزايدًا بأن الابتكار، مهما كان جذابًا، لا يمكن أن يحقق نجاحًا طويل الأجل دون أسس تشغيلية قوية وإدارة فعالة للمخاطر.

البنوك الرقمية المنافسة تعيد رسم الخريطة المصرفية

يعمل في العالم اليوم ما يقرب من 453 بنكًا رقميًا، وهو رقم يعكس حجم التحول الذي يشهده القطاع المصرفي، فقد نجحت هذه البنوك، التي نشأت في الأساس كشركات تكنولوجيا مالية، في استقطاب شرائح واسعة من العملاء، خاصة من الأجيال الشابة، من خلال تجارب استخدام مبسطة وتكاليف أقل وخدمات متاحة على مدار الساعة.

لكن هذا الانتشار السريع يفرض تحديات كبيرة تتعلق بالتوسع الآمن، والامتثال التنظيمي، وبناء الثقة طويلة الأجل مع العملاء، وهو ما يجعل الحاجة إلى نماذج تشغيل قابلة للتوسع، وهياكل تكلفة متوازنة، أمرًا بالغ الأهمية في المرحلة الحالية من تطور القطاع.

التسعير والتسويق من الانتشار إلى تعظيم القيمة

لطالما عانت شركات التكنولوجيا المالية من اختلال في استراتيجيات التسعير، حيث كان التركيز في كثير من الأحيان على زيادة عدد المستخدمين على حساب مواءمة الأسعار مع القيمة الحقيقية المقدمة.

ومع نضوج السوق، بات هذا النهج أقل قابلية للاستمرار، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف التشغيل وتراجع شهية المستثمرين لتمويل الخسائر.

وفي الوقت نفسه، أصبحت كفاءة الإنفاق التسويقي عنصرًا حاسمًا في تحديد قدرة الشركات على تحقيق نمو مربح، فالتحليل الدقيق لقيمة كل دولار ينفق على التسويق، وتوجيه الاستثمارات نحو القنوات الأكثر تأثيرًا، بات ضرورة وليس خيارًا، في سوق يتسم بتنافسية عالية وسرعة في تغير تفضيلات العملاء.

إدارة المخاطر والامتثال.. من الهامش إلى صميم النموذج

في بدايتها، استفادت العديد من شركات التكنولوجيا المالية من بيئة تنظيمية أقل صرامة، ما أتاح لها التحرك بسرعة ومرونة، غير أن هذا الوضع بدأ يتغير مع اتساع نطاق هذه الشركات وتأثيرها النظامي، حيث أصبح الامتثال التنظيمي عنصرًا أساسيًا في قدرتها على الاستمرار والنمو.

وتبرز أهمية هذا التحول بشكل خاص مع تصاعد نماذج الشراكة بين شركات التكنولوجيا المالية والبنوك التقليدية، خاصة في مجالات مثل التمويل المدمج والخدمات المصرفية الرقمية والتجارة المتصلة.

فالشركات التي تمتلك خبرات قوية في إدارة المخاطر والامتثال التنظيمي تكون في وضع أفضل للاستفادة من هذه الشراكات، وتحقيق نمو مستدام في بيئة تنظيمية أكثر تعقيدًا.

نماذج تشغيل مرنة لمرحلة التوسع

تعكس التجربة العالمية أن كثيرًا من شركات التكنولوجيا المالية نمت بوتيرة أسرع من قدرتها على تطوير نماذج تشغيل مناسبة لهذا التوسع، ومع دخول القطاع مرحلة النضج، أصبحت إعادة تصميم الهياكل التنظيمية، وتطوير الكفاءات البشرية، وتحسين العمليات الداخلية، عوامل حاسمة في تحقيق الكفاءة والاستعداد للمرحلة التالية من النمو.

ويبرز هنا دور الذكاء الاصطناعي والتحليلات المتقدمة في دعم اتخاذ القرار، وتحسين الكفاءة التشغيلية، وتقليل التكاليف، بما يعزز القدرة التنافسية للشركات في سوق سريع التغير.

شركات التكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط

واصلت شركات التكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نموها المتسارع خلال عام 2024، ما يعكس اهتمام المستثمرين بهذا القطاع المزدهر، إذ جمعت 119 شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا المالية نحو 700 مليون دولار، وهو ما يمثل 30% من إجمالي تمويلات الشركات الناشئة في المنطقة، وفقًا لتقرير فوربس.

وبحسب مجلة فوربس، ظلت منصات الدفع وخدمات "الشراء الآن والدفع لاحقًا" محط أنظار المستثمرين، حيث تصدرت شركة «تابي» القائمة بعد حصولها على 160 مليون دولار في جولة تمويلية من الفئة (E) في فبراير 2025، لترتفع قيمتها إلى 3.3 مليار دولار، ما يجعلها شركة التكنولوجيا المالية الأعلى تقييمًا في المنطقة.

كما احتلت «فوري» المرتبة الثانية، مدعومة بقاعدة مستخدمين تجاوزت 53.1 مليون مستخدم في مصر، أما «رسن» فقد عززت مكانتها بعد طرح أسهمها للاكتتاب العام في السعودية، مما رفع قيمتها السوقية إلى 1.9 مليار دولار.

تنوع جغرافي ونمو متسارع

شملت قائمة أقوى 50 شركة تكنولوجيا مالية في الشرق الأوسط لعام 2025، شركات من 11 دولة في المنطقة، مما يعكس التنوع الجغرافي والانتشار الواسع للقطاع، حيث تصدرت الإمارات القائمة بـ13 شركة، تلتها مصر بـ12 شركة، ثم السعودية بـ10 شركات، كما شهدت القائمة دخول 12 شركة جديدة، مثل منصة الأصول الرقمية (CoinMENA) وشركة «زينة» الإماراتية، إضافة إلى «سهل» المصرية.

قصص نجاح تعكس التحول

توضح بعض التجارب العملية كيف يمكن للتوازن بين الابتكار والانضباط المؤسسي أن يقود إلى نجاح ملموس، فقد نجحت شركة عالمية متخصصة في الهوية الرقمية في تعزيز استراتيجيتها التجارية وتحقيق نمو مستدام من خلال تسعير قائم على القيمة واستراتيجية دخول السوق أكثر دقة.

كما تمكن بنك رقمي ناشئ في الفلبين من تحقيق الربحية خلال أقل من ثلاث سنوات، مع توقعات بتجاوز تقييمه حاجز ملياري دولار، وهو ما يعكس الإمكانات الكامنة في نماذج التكنولوجيا المالية عندما تدار بفعالية.

ويمر قطاع التكنولوجيا المالية اليوم بمرحلة مفصلية، ينتقل فيها من التركيز على الابتكار السريع إلى بناء مؤسسات قادرة على الاستدامة والربحية.

ومع استمرار النمو المتوقع خلال السنوات المقبلة، سيكون النجاح حليف الشركات التي تستطيع الجمع بين الجرأة في الابتكار والانضباط في الإدارة، في عالم مالي يتسم بتغير دائم وتسارع غير مسبوق.

التحوّل الرقمي في الخدمات المصرفية والمدفوعات، أبرز الشركات

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هُــــــــنا.

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.