من مقر أمني لوجهة سياحية، تطوير مبنى وزارة الداخلية القديم يُعيد رسم خريطة وسط البلد

الأربعاء، 24 ديسمبر 2025 05:34 م

مبنى وزارة الداخلية بـ لاظوغلي

لم تعد مشروعات التطوير العمراني في القاهرة مجرد عمليات ترميم أو تجميل للواجهات، بل تحولت إلى جزء من رؤية أوسع، لإعادة تعريف دور العاصمة اقتصاديًا وسياحيًا وثقافيًا.

وفي قلب هذه الرؤية، تبرز سياسة جديدة لإدارة أصول الدولة، تقوم على إعادة توظيف المواقع ذات القيمة التاريخية والموقع الاستراتيجي، وتحويلها من أعباء إدارية أو مقار خرجت من الخدمة، إلى محركات للنمو والاستثمار المستدام.

**مخطط تطوير مبنى وزارة الداخلية القديم بمنطقة لاظوغلي**

مشروع تطوير مبنى وزارة الداخلية السابق بمنطقة لاظوغلي

في هذا السياق، يمثل مشروع تطوير مبنى وزارة الداخلية السابق بمنطقة لاظوغلي نموذجًا دالًا على هذا التحول، حيث ينتقل أحد أبرز الرموز الأمنية في قلب القاهرة إلى مشروع استثماري وسياحي متعدد الاستخدامات، في انسجام واضح مع ما تشهده مناطق القاهرة التاريخية من أعمال تطوير موسعة، تهدف إلى إحياء التراث وتحويله إلى قيمة اقتصادية مضافة.

وبين لاظوغلي، وشارع المعز، وباب زويلة، ودرب اللبانة، تتشكل ملامح خريطة جديدة للقاهرة، مزيج بين الحفاظ على الهوية التاريخية وتعظيم العائد الاستثماري، ضمن رؤية متكاملة لإعادة تقديم العاصمة كوجهة عالمية للسياحة والثقافة والأعمال.

لاظوغلي.. من رمز أمني إلى مشروع استثماري متكامل

يمثل مبنى وزارة الداخلية السابق بـ لاظوغلي أحد أبرز المواقع الحكومية في قلب القاهرة، لما يحمله من رمزية سياسية وأمنية، وموقع استراتيجي يربط بين وسط البلد ومناطق حيوية متعددة، ومع خروجه من الخدمة، اتجهت الدولة إلى إعادة توظيفه ضمن رؤية استثمارية مدروسة، بدلًا من تركه أصلًا غير مستغل.

ويأتي المشروع ضمن استراتيجية الصندوق السيادي التابع لوزارة الاستثمار والتجارة الخارجية، التي تستهدف تعظيم القيمة الاقتصادية للأصول المملوكة للدولة، من خلال الشراكة مع القطاع الخاص، وتحقيق أعلى عائد مستدام يدعم الموازنة العامة ويحفظ حقوق الأجيال القادمة.

رؤية حكومية لتعظيم العائد دون بيع الأصول

وخلال تفقده للمشروع، أكد المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، أن تطوير مبنى وزارة الداخلية بلاظوغلي يُعد تطبيقًا عمليًا لنهج الصندوق السيادي القائم على تعظيم العائد من الأصول الحكومية، مشددًا على أن الهدف لا يتمثل في بيع هذه الأصول، وإنما إعادة توظيفها اقتصاديًا بصورة تحقق قيمة مضافة طويلة الأجل.

وأوضح الوزير، وفق بيان صادر عن وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية، أن هذه المشروعات تعكس توجه الدولة نحو إدارة احترافية للأصول، بما يسهم في دعم الاستدامة المالية وتحفيز الاستثمار، دون التفريط في الأصول ذات القيمة التاريخية والموقع المميز.

مشروع متعدد الاستخدامات في قلب العاصمة

ويضم مشروع لاظوغلي مجموعة متنوعة من الأنشطة، تجعله مجمعًا متكاملًا يجمع بين السياحة والأعمال والثقافة والترفيه، ويشمل فندقًا عالميًا تحت إدارة شركة «ماريوت»، إلى جانب شقق فندقية، ومركز للإبداع، ومساحات مكتبية وإدارية، ومتاجر، ومنافذ للأطعمة والمشروبات، فضلًا عن مناطق ترفيهية وثقافية وساحة مركزية واسعة.

ويبلغ عدد الغرف الفندقية بالمشروع 364 غرفة، إضافة إلى 35 وحدة تجارية، ومساحات إدارية وترفيهية تقدر بنحو 20 ألف متر مربع، على أن يتم الانتهاء من المشروع خلال النصف الأول من عام 2027.

عوائد اقتصادية وفرص عمل تتجاوز حدود المشروع

ولا تقتصر أهمية مشروع تطوير مبنى وزارة الداخلية على مكوناته الاستثمارية فقط، بل تمتد إلى أثره الاقتصادي والاجتماعي، إذ من المتوقع أن يوفر نحو 3 آلاف فرصة عمل مباشرة، ونحو 10 آلاف فرصة عمل غير مباشرة، فضلًا عن دوره في تنشيط الحركة السياحية والتجارية في منطقة وسط القاهرة.

ومن المتوقع أن يسهم المشروع في إعادة إحياء محيط لاظوغلي والمناطق المجاورة، وتحفيز استثمارات جديدة في قطاعات الضيافة والخدمات والثقافة، وهو ما يقوي من تنافسية القاهرة كمركز إقليمي للأعمال والسياحة.

إحياء التراث بروح عصرية

يحمل موقع مشروع لاظوغلي قيمة تاريخية خاصة، لوقوعه في منطقة ذات طابع ثقافي وتراثي مميز، ويضم «سبيل شريف باشا» الذي يعود تاريخ إنشائه إلى عام 1913.

وقد استلهمت التصميمات الهندسية للمشروع من هذا الإرث التاريخي، بما يضمن الحفاظ على الهوية المعمارية للمنطقة، والالتزام بضوابط التنسيق الحضاري، مع تقديم تجربة عصرية تلبي احتياجات الزوار والمستثمرين.

وفي هذا السياق، أوضحت نهي خليل، القائم بأعمال الرئيس التنفيذي للصندوق السيادي، أن المشروع جاء ثمرة تعاون مع شركاء محليين ودوليين وبيوت خبرة عالمية، بهدف تقديم نموذج مبتكر لإعادة استغلال الأصول الحكومية، مع الحفاظ على الطابع المعماري المميز لوسط القاهرة، وفقًا لبيان صادر عن وزارة الاستثمار.

شراكة مع القطاع الخاص لإحياء وسط القاهرة

من جانبه، أكد مجدي قصبجي، رئيس مجلس إدارة شركة «ريلاينس» لتطوير المشروعات العقارية، أن مشروع لاظوغلي يعكس رؤية شاملة لإحياء وسط القاهرة، وإعادة تقديمها كوجهة تجمع بين السياحة والثقافة والأعمال، بما يعزز قدرتها على جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، ويخلق قيمة مضافة للمدينة وسكانها.

لاظوغلي ضمن خريطة أوسع لتطوير القاهرة التاريخية

ولا يمكن التركيز على مشروع تطوير مبنى وزارة الداخلية السابق، بمعزل عن خطة الدولة لتطوير القاهرة التاريخية، التي شهدت خلال عام 2025 تقدمًا ملحوظًا في أعمال الترميم وإعادة التأهيل، وتحويل عدد من المناطق التراثية إلى وجهات سياحية وثقافية مفتوحة، تدعم السياحة وتوفر فرص عمل، مع الحفاظ على الطابع الأصيل للمدينة.

وتشمل القاهرة التاريخية مناطق ممتدة من سور مجرى العيون وحتى منطقة الحسين، وتضم مواقع ذات قيمة أثرية وتراثية بارزة، مثل شارع المعز، وباب زويلة، ودرب اللبانة، وحارة الروم.

متحف مفتوح في قلب العاصمة

وشهدت هذه المناطق ترميمًا شاملًا لعدد من المباني الأثرية، وإعادة تأهيل المباني ذات القيمة المعمارية، مع تغيير نشاط بعضها لتخدم الأغراض السياحية والثقافية، من بينها تحويل عدد من المباني إلى فنادق صغيرة (بوتيك هوتيل)، بما يسهم في دعم الإقامة السياحية داخل المناطق التاريخية.

كما جرى تطوير واجهات المباني وإعادة توظيفها بنفس النسق المعماري الأصلي، وإنشاء ساحات ومناطق مفتوحة للزوار، إلى جانب ترميم بوابتي النصر والفتوح بمحيط شارع المعز، وتطوير مناطق الحسين وباب زويلة وحارة الروم ودرب اللبانة.

الحرف التراثية والبنية التحتية

وامتد التطوير ليشمل دعم الحرف التراثية، مثل الزجاج والنسيج والمعادن، من خلال إنشاء مناطق مخصصة لها، أبرزها سوق الفسطاط، إلى جانب تطوير البنية التحتية والخدمات، وتحسين شبكات الطرق والمرافق، وإنشاء مراكز للزوار، وتطوير حدائق عامة مثل حديقة الفسطاط، لتقديم تجربة سياحية متكاملة.

وفي هذا السياق، تضمنت خطة التطوير إنشاء مسارات مرورية بديلة، من بينها طريق صلاح سالم المستحدث، المقرر تشغيله كمسار بديل لكوبري السيدة عائشة، ليساعد في تحسين الحركة المرورية وربط المناطق السياحية والتاريخية، مع التمهيد لرفع الكوبري بشكل نهائي.

بين الماضي والحاضر.. القاهرة تعيد تقديم نفسها

يعكس مشروع تطوير مبنى وزارة الداخلية بلاظوغلي، إلى جانب أعمال تطوير القاهرة التاريخية، تحولًا نوعيًا في كيفية التعامل مع الأصول الحكومية والتراثية، فلم تعد مباني خرجت من الخدمة أو مناطق تعاني الإهمال، بل فرصًا تنموية قادرة على توليد الدخل، وخلق فرص العمل، وتحفيز النشاط الاقتصادي.

وبين الماضي الأمني لاظوغلي، والحاضر الاستثماري والسياحي، تكتب القاهرة فصلًا جديدًا في قصة إعادة إحياء وسط البلد، كأحد أهم محاور التنمية العمرانية والاقتصادية، ضمن رؤية ترسخ الأصالة، وتعيد للعاصمة مكانتها كوجهة عالمية للسياحة والثقافة والأعمال.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، بالإضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.