الخميس، 25 ديسمبر 2025

01:41 م

البنوك المركزية ومؤشرات عدم اليقين الاقتصادي، كيف تُدار السياسة النقدية؟

الخميس، 25 ديسمبر 2025 11:56 ص

البنوك المركزية

البنوك المركزية

تشير مؤشرات عدم اليقين الاقتصادي اليوم إلى مستويات لم تسجل منذ الأزمة المالية العالمية في 2008–2009 أو صدمة جائحة كوفيد-19، هذا الارتفاع الحاد في الضبابية لا يختبر فقط قدرة الاقتصادات على الصمود، بل يضع البنوك المركزية أمام امتحان مزدوج، كيف تتخذ قرارات نقدية فعّالة في بيئة متقلبة؟، وكيف تقنع الأسواق والجمهور بسلامة هذه القرارات في وقت تتسارع فيه الصدمات وتتسع فيه احتمالات الخطأ؟.

وفي الحديث الذي أجرته مجموعة التشاور للسياسة النقدية (CGMP) التابعة لبنك التسويات الدولية، وشارك فيه عدد من البنوك المركزية في الأمريكيتين، قدموا نافذة نادرة على غرفة التحكم في السياسة النقدية خلال فترات عدم اليقين المرتفع، والخلاصة الأساسية، عدم اليقين بات لاعبًا رئيسيًا، حتى وإن لم يدرج صراحة في قواعد رد الفعل النقدي.

التقلب المالي.. جرس الإنذار الأول

حين تبحث البنوك المركزية عن إشارات مبكرة لارتفاع عدم اليقين، فإن تقلبات الأسواق المالية تأتي في الصدارة، فهي مؤشرات متاحة لحظيًا، مفهومة نسبيًا، وتعكس مزاج المستثمرين بسرعة. 

ومع ذلك، فإن الاعتماد على البيانات عالية التواتر ليس بلا ثمن، فتقلبها العالي، ووجود فجوات في التغطية، وتفاوت التعريفات، فضلًا عن الحاجة إلى بنية تقنية متقدمة وكوادر متخصصة، كلها تحديات تعقد دمج هذه البيانات في صنع القرار.

مصادر الصدمات في 2025.. التجارة أولًا

تكشف المؤشرات الخاصة بعدم اليقين، أن صدمات التعريفات الجمركية والتجارة وسعر الصرف تتصدر قائمة مصادر عدم اليقين المتوقعة في 2025، تليها أسعار النفط، والتضخم، والمخاطر الجيوسياسية. 

بعض البنوك يضيف الصدمات المالية أو صدمات السلع غير النفطية، وهذه الخريطة تعكس عالمًا يعاد فيه تشكيل سلاسل الإمداد، وتتصاعد فيه التوترات الجيوسياسية، وتتعقد فيه قنوات انتقال السياسة النقدية.

تواجه البنوك المركزية تحديات نمذجة حادة، وخاصة في العلاقة بين فجوة الناتج والأسعار، وديناميكيات الأجور والتضخم، وتمرير سعر الصرف باتت أقل استقرارًا، لذلك، تتسع مساحة تحليل السيناريوهات، مع لجوء بعض البنوك إلى توزيع احتمالات حول التوقعات بدل نقطة مركزية واحدة. 

كما بدأت تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي تشق طريقها لتحليل البيانات عالية التواتر، لكن الحكم البشري يبقى عنصرًا لا غنى عنه، خاصة حين تتجاوز الأحداث حدود المعلوم.

تحركات صغيرة ومتدرجة في أسعار الفائدة

تنقسم البنوك المركزية حول وزن السيناريو المركزي في أوقات عدم اليقين الشديد، ويرى فريق أن الصدمات الكبيرة المتحققة كما في الجائحة، تضعف قيمة السيناريو المركزي، وتدفع للتركيز على بدائل متعددة. 

وفريق آخر يؤكد العكس: في زمن الضباب، يحتاج الجمهور إلى مرساة، والسيناريو المركزي يوفر قابلية التنبؤ ويثبّت التوقعات، وغالبًا ما يعتمد الاختيار على طبيعة الصدمة: متحققة أم متوقعة، قابلة للقياس أم لا.

في مواجهة المجهول، تميل البنوك إلى الحذر، وتتجه نحو تحركات صغيرة ومتدرجة في أسعار الفائدة، لتقليل مخاطر زعزعة الاستقرار المالي ومنح الأسواق وقتًا للتكيف، وهذا التدرج ليس ترددًا بقدر ما هو استراتيجية لإدارة المخاطر في بيئة تتسع فيها توزيعات النتائج.

كيف يدار الاقتصاد؟

إذا كان اتخاذ القرار صعبًا، فإن شرحه أصعب، وخلال فترات عدم اليقين المرتفع، تراجع البنوك وتيرة التواصل وطريقة عرض التوقعات، مستخدمة أدوات بصرية مثل مخططات المراوح، وتحليل السيناريوهات، والتوقعات الشرطية. 

لكن المفارقة أن تعقيد الأدوات قد يربك الجمهور ويفقد الرسالة دقتها، كما أن التوجيه المستقبلي يفقد فعاليته غالبًا في بيئات عالية الضبابية، ما يدفع بعض البنوك لتقليصه أو ربطه بشروط صارمة.

الواقع يقول إننا في زمن تتراجع فيه دقة التوقعات، وتتقدم فيه إدارة عدم اليقين كفن بحد ذاته، والبنوك المركزية توسع عدتها التحليلية، وتوازن بين السيناريوهات والمرساة المركزية، وتراهن على تواصل ذكي لا يبالغ ولا يبسط، وفي في عالم يتغير بسرعة، لم يعد السؤال كيف نصل إلى اليقين، بل كيف ندير الاقتصاد حين يصبح اليقين استثناءً؟

اقرأ أيضًا:

البنوك المركزية الكبرى تشير إلى انتهاء دورة خفض أسعار الفائدة

الدولار يرتفع إلى 98.55 والأسواق تنتظر قرارات بنوك إنجلترا وأوروبا واليابان

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search