بعد قرار البنك المركزي، لماذا يعتبر خفض أسعار الفائدة سلاح ذو حدين؟

الجمعة، 03 أكتوبر 2025 12:11 ص

خفض أسعار الفائدة

نفيسه محمود

تؤثر تخفيضات أسعار الفائدة على الأسواق، وفي الغالب يوجد ثلاث تأثيرات محتملة لخفض أسعار الفائدة على مدخرات الأفراد والمستثمرين والمصنعين، فعندما يُعلن بنك مركزي مثل البنك المركزي المصري، عن خفض سعر الفائدة الرئيسي، فهذا يعني أن البنك يحاول انعاش الاقتصاد المصري، والحفاظ على استقرار التضخم.

وفي العموم، تضطر البنوك المركزية إلى تعديل سياساتها النقدية، بناءً على تطور الاقتصاد، وعادةً، ترتفع أسعار الفائدة عندما يكون التضخم مرتفعًا جدًا، وتنخفض عندما يقترب التضخم من هدف البنوك المركزية في الوصول لنسبة معينة، حيث يتم حساب التضخم باستخدام مؤشر أسعار المستهلك (CPI).

ويؤثر تخفيض أسعار الفائدة بشكل مباشر على تكلفة الاقتراض، وعوائد بعض الاستثمارات، كما يساعد على نمو الأسواق بشكل إيجابي، ولكي نفهم كيف تؤثر أسعار الفائدة على المدخرات، يجب فهم أولًا كيفية ارتباط النمو الاقتصادي بالتضخم؟

العلاقة بين السياسة النقدية ونسبة التضخم

وتؤثر الدورة الاقتصادية، بشكل مباشر على التضخم، وخاصة خلال فترات النمو وهو ما يوضحه الجدول التالي:-

نمو اقتصادي قوي وتضخم منخفض	نموٌ قوي وتضخم مرتفع	نمو ضعيف وتضخم مرتفع	نمو ضعيف وتضخم منخفض
تبدأ الدورة الاقتصادية بنمو قوي ولكن بتضخم منخفض، ما يؤدي إلى عودة التضخم	مرحلة النمو الاقتصادي والتضخم المرتفع، في هذه الحالة ترفع البنوك المركزية أسعار الفائدة	تباطؤ النمو يدفع البنوك لثبيت أسعار الفائدة للسيطرة على التضخم وقد يحدث ركود للاقتصاد	المرحلة النهائية عندما يكون النمو والتضخم منخفضين، وتحدث هذه الحالة عندما تكون هناك حالة ركود، أو الاقتصاد يتعافى من حالة الركود

يلاحظ أن أسعار الفائدة، تنخفض عند دخول المرحلة الأخيرة من الدورة الاقتصادية، وهي مرحلة "ضعف النمو وانخفاض التضخم"، وتهدف هذه الفترة من انخفاض أسعار الفائدة، إلى تحفيز الاقتصاد الوطني.

ثلاثة تأثيرات محتملة على المدخرات عند انخفاض الفائدة

الجانب الإيجابي هو انخفاض الديون ذات السعر المتغير

أول فائدة لانخفاض أسعار الفائدة، هو انخفاض الديون، بمعنى أنه إذا كان لدى شخص ما دين بسعر فائدة متغير، أي أنه يرتفع وينخفض على حسب حالة وسعر السوق، فإن القسط الشهري بالتالي الذي يجب دفعه سينخفض، وبالتبعية سيتم توفير بعض الأموال الإضافية، التي كانت من المفرض ستستخدم لسد الدين، أما إذا كان الدين بسعر فائدة ثابتة فلن يتأثر القسط ولن ينخفض.

الجانب السلبي هو انخفاض عوائد الادخار التقليدية

الجانب السلبي هنا، يعرف بالمقايضة بمعنى أن انخفاض الفائدة سيكون لصالح المقترض (البنك)، ولن يكون في صالح المدخر (الفرد)، لأن المدخر هنا يستثمر في أدوات استثمارية مرتبطة مباشرة بأسعار الفائدة، كالحسابات البنكية وحسابات التوفير ذات العائد المرتفع وصناديق الاستثمار التي تتأثر بأسعار الفائدة، وعلى الجانب الآخر يساهم خفض أسعار الفائدة في إنعاش الأسواق، ليصبح الاقتراض لتمويل المشاريع أرخص.

التأثير الثالث هو إنعاش فرص سوق السندات

ومن أهم معادلات الاستثمار، هي العلاقة العكسية بين أسعار الفائدة وأسعار السندات، فعندما تنخفض أسعار الفائدة، فإن السندات الجديدة التي سيتم إصدارها، ستكون ذات عائد مناسب، ولكن ليست بنفس ارتفاع عائد السندات القديمة، فبينما يتجه الأفرد إلى شراء السندات، لأن فائدتها تصبح أعلى من فائدة الحسابات البنكية، يؤدي ذلك إلى إنعاش سوق السندات وزيادة أسعار منتجاته.

تأثير أسعار الفائدة على التصنيع خطير

إن تأثير أسعار الفائدة على التصنيعن خطير لأن التصنيع هو قطاع صناعي يعتمد على الأصول، والأصول تتميز بأنها باهظة الثمن، وتحتاج شركات التصنيع إلى تمويل تكلفة الآلات والمعدات الجديدة، وتوفير المركبات وتوفير بنسية تحتية قوية.

ومع ارتفاع أسعار الفائدة، ترتفع تكلفة التمويل، ما يعني أن ينتهي الأمر بالمصنعين إلى دفع مبالغ أكبر بكثير لتوسيع العمليات، مع إنفاق المزيد للاقتراض وللصيانة، لذلك تلجأ الحكومات إلى خفض أسعار الفائدة لمساعدة القطاع الصناعي.

أسعار الفائدة على قطاعات التصدير

وتؤثر أسعار الفائدة بشكل عام على قطاعات التصدير، حيث تؤثر بشكل إيجابي على زيادة القدرة التنافسية للصادرات، بمعنى عندما تنخفض أسعار الفائدة، فغالبًا ما يؤدي ذلك إلى انخفاض قيمة العملة المحلية، وبالتالي انخفاض سعر المنتج المحلي بالنسبة للمستثمر الأجنبي، وبالتبعية سيفضل المستثمر الأجنبي، شراء المنتجات المحلية، وسيزيد الطلب على الصادرات الوطنية، حيث سينتعش الاقتصاد، وتربح الشركات المصدرة.

كما سيساعد انخفاض أسعار الفائدة، على تشجيع الاستثمار الصناعي، لأن انخفاض تكلفة الاقتراض، يحفز المصنعين والمنتجين على تطوير منتجاتهم وزيادة الإنتاج، وتمويل وتطوير خطوط الإنتاج.

انخفاض أسعار الفائدة يضعف هوامش الربح

وبالنسبة للآثار السلبية على انخفاض أسعار الفائدة، فهو الضغط على هامش الربح للأفراد والمستثمرين والمصنعين المحللين، لأنه عندما تنخفض الفائدة بشكل كبير، سيؤدي ذلك إلى انخفاض قيمة العملة المحلية بشكل مبالغ فيه، وبالتالي سترفع تكلفة استراد المواد الخام والمعدات، وبالتبعية زيادة تكاليف الإنتاج وأسعار المنتجات، وفي النهاية الضغط على المستهلك النهائي وهوامش ربح المنتجين.

وبالمختصر المفيد، انخفاض أسعار الفائدة على قطاعات التصنيع ككل ذو حادين، إما أن ينعش السوق، ويوفر للمصنعين فرصة للحصول على قروض تمويلية بفوائد منخفضة، أو تضغط على المصنعين وتضعف من أرباحهم، نتيجة انخفاض قيمة العملة المحلية، والتي ستؤثر على تكاليف الإنتاج.

البنك المركزي المصري يخفض أسعار الفائدة للمرة الرابعة على التوالي

وقررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركــزي المصـري، في اجتماعهـا اليــوم الخميس، الموافـــق الـ2 من أكتوبر 2025، خفض سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 100 نقطة أساسن إلى 21.00%، و22.00%، و21.50%، على الترتيب.

كما قررت خفض سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس، ليصل إلى 21.50%، ويأتي هذا القرار انعكاسًا لتقييم اللجنة لآخر تطورات التضخم، وتوقعاته منذ اجتماعها السابق.

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، بالإضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.