الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025

06:20 م

محمود جاويش يكتب.. "العربية كيوت" مشروع تهديد قومي

الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025 04:26 م

محمود جاويش

محمود جاويش

تحدثنا في المقال السابق "من أدخل التوك توك وقرر إعدامه"  عن فرض السيارة "كيوت" كبديل رسمي للتوك توك في محافظة الجيزة، دون إعطاء حرية الاختيار بين سيارات متعددة، ووكلاء مختلفين لضمان التنافسية، وكذلك خطأ استيراد سيارات تعمل بالوقود فين حين تتجه الدولة للتوسع في استخدام السيارات الكهربائية لتقليل فاتورة استخدام الوقود والغاز.

 وفي هذا المقال نتحدث عن مآلات إدخال نحو 100 ألف "عربية كيوت" لطرق محافظة الجيزة، كنموذج قبل التعميم على مستوى الجمهورية، خاصة بعد أن قطعت مصر شوطًا كبيرًا في مجال تطوير البنية التحتية، وبعد أن أنفقت أكثر من تريليون جنيه على مشروعات الطرق المحاور الجديدة على مستوى الجمهورية، وهي أكبر إنجاز ملموس شعر به المواطن بعد عذاب عاشه لعشرات السنين بسبب أزمات المرور في مصر، فلا أحد ينكر أن هذه المشروعات القومية للطرق والمحاور قضت بنسبة كبيرة على أكبر أزمة يومية كان يعيشها المواطن المصري في طول الإقليم.

 ولعل سكان القاهرة والجيزة أكثر من عاشوا الصبر في إشارات المرور، ابتداء من إشارة روكسي بمصر الجديدة لإشارة البحر الأعظم في الجيزة، مرورًا بعشرات من الاختناقات المرورية بكل الطرق الرئيسية تقريبًا، حتى جاء المشروع القومي لتطوير الطرق وإنشاء محاور جديدة بجانب خطوط المترو الجديدة، لحل هذه الاختناقات وتسهيل حركة التجارة ونقل البضائع بين المحافظات، وهو ما ظهرت نتائجه وأصبحت أغلب المحافظات في حالة أفضل من حيث حركة المرور وإن لم يتم حلها 100%. 

بالعودة لمحافظة الجيزة، باعتبارها صاحبة المبادرة الأولى لاستبدال السيارة كيوت بالتوك توك، فإن عدد المركبات التي تسير بها يوميًا نحو 1.5 مليون مركبة بين سيارات ملاكي وأجرة ونقل وموتوسيكل، أي ما يعادل 14.2% من عدد المركبات في مصر، بدون التوك توك، ووفقًا لآخر إحصاء للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في 2019 فإن عدد التكاتك في الجيزة كان 42.5 ألف توك توك مرخص، مع وضع خطا أحمر تحت كلمة مرخص، لأن عدد التكاتك غير المرخصة في الجيزة تجاوز ضعف هذا الرقم، ليقترب من 100 ألف توك توك داخل محافظة الجيزة وحدها، وهو عدد إذا تم استبداله بالسيارة كيوت، فعلى المحافظة أن تدرس أولًا قدرة شوارع الجيزة بعد تطويرها وتوسعتها، على استيعاب هذا العدد من السيارات الصغيرة، وكذلك سرعة السير على هذه الطرق، وتأثيرها على وقت وصول مستخدمي الطريق لعملهم، فلا يمكن أن يتم حل مشكلة على حساب صناعة مشكلات أخرى، وتعود بنا لازمة تصورنا أننا تجاوزناها بفضل المشروع القومي للطرق. 

كان على المحافظة أن تستطلع أولًا وزارة النقل فيما يخص منافسة النقل الجماعي والنقل الذكي، وكذلك هيئة الطرق والكباري بشأن قدرة الطرق على استيعاب آلاف جديدة من السيارات بها، خاصة على الطريق الدائري، فإذا سمحت المحافظة لهذه السيارة الكيوت للسير على الطريق الدائري، فيجب أن تكون مستعدة لعدد من الأزمات قد تسببها هذه السيارة بسبب صغر حجمها، والتي تجعل سيرها على الطريق الدائرة خطرًا داهما بالسير بجانب سيارات النقل، وكذلك السير بسرعتها القصوى التي لا تتعدي 80 كيلو في الساعة، بجوار طريق سريع مثل الدائري، ما يجعل منها عرضة لحوادث متعددة على الطريق الأهم في القاهرة الكبرى، فلا يمكن الإقدام على هذه الخطوة إلا بوضع هذه القضايا في الحسبان.

Short Url

search