عمالقة شحن الحاويات، 10 شركات تتحكم في نبض التجارة العالمية
الخميس، 11 ديسمبر 2025 11:10 م
عمالقة شحن الحاويات
في زمن تتشابك فيه الاقتصادات وتتحرك فيه السلع عبر القارات بسرعة لم يشهدها العالم من قبل، يبرز النقل البحري كعمود فقري لا غنى عنه للتجارة الدولية، ومع ازدهار التجارة العابرة للحدود، تظهر شركات شحن الحاويات باعتبارها القوة المحركة الأكبر في هذا النظام الاقتصادي الهائل.
فهذه الشركات، التي تدير آلاف السفن وتتحكم في ملايين الوحدات من سعة الحاويات (TEU)، لا تؤثر فقط على حركة البضائع، بل على أسعارها، وسرعة وصولها، واستقرار سلاسل الإمداد العالمية.

ويرصد التقرير التالي أكبر 10 شركات شحن حاويات في العالم، والتي تتحكم في الحصة الأعظم من القدرة الاستيعابية العالمية.
السياق العالمي.. لماذا شحن الحاويات هو قلب التجارة الدولية؟
يمثل النقل البحري أكثر من 80% من حجم التجارة العالمية، وذلك لأنه الوسيلة الأرخص لنقل البضائع لمسافات طويلة مقارنة بالجو أو البر.
وقد أحدثت الحاويات ثورة حقيقية في ستينيات القرن الماضي عندما جرى توحيد حجمها، حاوية بطول 20 قدم، ما سهل عملية التحميل والتفريغ والتخزين، وأصبحت TEU وحدة القياس الأساسية لسعة السفن والشركات والموانئ.
وحسب البيانات الواردة، يعمل العالم بـ 6,195 سفينة نشطة في قطاع الحاويات، بإجمالي طاقة استيعابية يصل إلى 24,481,986 وحدة TEU.
هذا الحجم الهائل يفسر لماذا أصبحت شركات شحن الحاويات مؤسسات عالمية تتجاوز في تأثيرها اقتصادات دول كاملة.

أكبر 10 شركات شحن حاويات في العالم.. من يحكم البحار؟
1. Maersk – الدنمارك (4.1 مليون TEU – 712 سفينة)
لطالما احتلت Maersk المركز الأول عالميًا لعقود، ورغم المنافسة الشرسة من MSC، ما زالت الشركة تعد رمزًا في النقل البحري.
تمتلك الشركة واحدة من أكبر أساطيل السفن الضخمة، بما في ذلك سلسلة Triple-E التي صممت خصيصًا لتقليل الانبعاثات.
2. MSC – سويسرا (3.8 مليون TEU – 589 سفينة)
MSC ليست مجرد شركة شحن، بل واحدة من أسرع الشركات نموًا، وقد أصبحت فعليًا على وشك تخطي Maersk في السنوات الأخيرة.
تتوسع MSC في شراء السفن المستعملة، وافتتحت خطوطًا جديدة بعد أزمة كورونا، ما منحها دفعة كبيرة في الحصة السوقية.
3. COSCO Shipping – الصين (3.0 مليون TEU – 500 سفينة)
يمثل صعود الصين الاقتصادي انعكاسًا مباشرًا في COSCO، التي تعد ذراعًا مهمًا ضمن مشروع “الحزام والطريق”، وتملك الصين عبر COSCO حصصًا في موانئ استراتيجية حول العالم، من اليونان حتى إفريقيا.
4. CMA CGM – فرنسا (3.0 مليون TEU – 556 سفينة)
الشركة الفرنسية العملاقة باتت لاعبًا حيويًا في البحر المتوسط وآسيا، واستثماراتها في الرقمنة والذكاء الاصطناعي جعلتها تتفوق تقنيًا في إدارة الشبكات البحرية ومتابعة الحاويات عالميًا.
5. Hapag-Lloyd – ألمانيا (1.7 مليون TEU – 257 سفينة)
رغم امتلاكها لأسطول أقل عددًا ووزنًا، فإن حصة Hapag-Lloyd تأتي من مزيج بين الكفاءة التشغيلية وقوة السوق الأوروبية، كما أنها واحدة من أكثر الشركات التزامًا بمعايير البيئة.
6. ONE – اليابان (1.6 مليون TEU – 222 سفينة)
صدرت ONE كتحالف بين ثلاثة خطوط يابانية. ورغم حداثة تأسيسها، إلا أنها أصبحت ضمن أكبر ست شركات عالميًا، وتعتمد على أسطول حديث مع تصميم سفن عالية الكفاءة.
7. Evergreen – تايوان (1.3 مليون TEU – 200 سفينة)
اكتسبت Evergreen شهرة واسعة بعد تعطل إحدى سفنها (Ever Given) في قناة السويس عام 2021، ولكن حجمها الحقيقي يتجاوز تلك الواقعة بكثير، وهي منافس قوي في طرق آسيا–أوروبا.
8. HMM – كوريا الجنوبية (0.7 مليون TEU – 74 سفينة)
حيث تضخ كوريا مليارات الدولارات لدعم شركة HMM كي تستعيد مكانتها بعد أزمات سابقة، وتشغل اليوم بعضًا من أكبر سفن الحاويات في العالم.
9. Yang Ming – تايوان (0.6 مليون TEU – 89 سفينة)
تعتمد بشكل أساسي على خطوط آسيا–أوروبا، مع توسع ملحوظ في أسطولها في السنوات الأخيرة.
10. ZIM – الاحتلال (0.4 مليون TEU – 97 سفينة)
ZIM أقل حجمًا، لكنها تعتمد على نموذج تشغيل متميز قائم على استئجار السفن وفق الطلب، وتتمتع الشركة بوجود قوي في التجارة عبر المتوسط والولايات المتحدة.

ماذا تعني هذه الأرقام للسوق العالمي؟
1. تركز القدرة العالمية في يد عدد قليل من الشركات
من خلال النظر إلى أكبر 10 شركات فقط، يتضح أنها تسيطر على أكثر من 70% من القدرة الاستيعابية العالمية للحاويات، هذا التركز الضخم يعني:
• قدرة كبيرة على تحديد أسعار النقل البحري.
• تأثير مباشر على تكاليف الاستيراد والتصدير.
• حساسية عالية لأي اضطراب في عمليات هذه الشركات.
2. ازدياد الاعتماد على خطوط آسيا–أوروبا
تظهر الأرقام الواردة في الصورة أن:
• 566,714 TEU أسبوعيًا تنقل عبر خطوط Trans-Pacific.
• 415,447 TEU عبر خطوط Far-East – Europe.
وهذا يعكس، قوة الصين ودول شرق آسيا كمركز صناعي عالمي، واعتماد أوروبا وأمريكا على الواردات من آسيا أكثر من أي وقت مضى.
3. المضاربات على أسعار الشحن ودورات الازدهار والانكماش
بعد جائحة كورونا، شهد العالم ارتفاعًا تاريخيًا في أسعار الشحن نتيجة:
• نقص الحاويات.
• انسداد موانئ.
• صعود الطلب الاستهلاكي.
لكن مع عودة النشاط الطبيعي في 2023–2024، بدأت الأسعار بالاستقرار، إلا أن محللين يرون أن أي اضطراب جديد سواء جيوسياسي أو لوجستي، سيعيد الأسعار للارتفاع، لأن السوق شديدة الحساسية لقوى العرض والطلب.
4. سباق التكنولوجيا والرقمنة
تتجه الشركات الكبرى نحو:
• الذكاء الاصطناعي لإعادة توزيع السفن حسب الضغط.
• أنظمة تتبع دقيقة للحاويات.
• سفن تعمل بالغاز الطبيعي والميثانول للتقليل من الانبعاثات.
Maersk وCMA CGM في المقدمة، بينما تستثمر Evergreen وHMM في سفن أكبر وأكثر كفاءة.

التأثيرات الجيوسياسية.. السفن التي تحرك الاقتصاد ومعه السياسة
ليس النقل البحري مجرد نشاط اقتصادي، بل هو أحد مكونات القوة الجيوسياسية، ولم تكتفي الصين بأن تجعل COSCO شركة عملاقة، بل اشترت حصصًا في موانئ في أوروبا وإفريقيا، ما يمنحها نفوذًا كبيرًا.
كذلك، تلعب الطرق البحرية دورًا رئيسيًا:
• قناة السويس تتحكم في 12% من تجارة العالم.
• مضيق ملقا يمر عبره 40% من تجارة آسيا.
• مضيق هرمز يتحكم في تجارة النفط العالمية.
وأي أزمة في واحد من هذه الممرات ترفع أسعار الشحن عالميًا وتؤثر مباشرة على هذه الشركات.
ماذا تعني هذه الأرقام للمستوردين والمصدرين؟
فهم أداء شركات الشحن العشرة الكبرى يساعد على:
• اختيار خطوط شحن أكثر موثوقية.
• توقع درجات الازدحام في المسارات البحرية.
• تحليل احتمالات تغير الأسعار.
• اتخاذ قرارات أفضل في التعاقدات طويلة المدى.
أما الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد على الاستيراد أو التصدير، فهي الأكثر تأثرًا بارتفاع أسعار الشحن، وقد رأينا خلال جائحة كورونا كيف توقفت مصانع عديدة في أوروبا بسبب تأخر الحاويات.
مستقبل شحن الحاويات.. إلى أين يتجه العالم؟
1. سفن أكبر وقدرات هائلة: التوجه الحالي هو بناء سفن تتجاوز سعتها 24,000 TEU، وهذا يخفض التكلفة لكل حاوية، لكنه يضغط على الموانئ التي تحتاج لتطوير مستمر لاستقبال هذه السفن العملاقة.
2. تقليل الانبعاثات: بحلول 2050، سيتعين على القطاع تقليل الانبعاثات بنسبة 50% على الأقل، وكانت Maersk أول شركة تطلب سفن تعمل بالميثانول الأخضر.
3. الاعتماد على الأتمتة: موانئ في الصين وهولندا أصبحت شبه آلية بالكامل، ما يقلل الأخطاء ويزيد سرعة التعامل مع الحاويات.

رؤية واضحة لواقع صناعة شحن الحاويات العالمية
هناك رؤية واضحة لواقع صناعة شحن الحاويات العالمية، وهو أنها صناعة ضخمة ومتركزة، تقودها شركات تمتلك أساطيل بحرية هائلة، وتتحكم فعليًا في حركة التجارة العالمية.
ولأن التجارة أصبحت، “هي ما يدير العالم، والشحن هو ما يدير التجارة”، فإن الدور الحاسم لهذه الشركات سوف يستمر بل ويرتفع مع ازدياد الاعتماد على التجارة عبر البحار.
إن فهم هذه الشركات العشر الأكبر في العالم لا يمنح فقط نظرة في سوق النقل البحري، بل يكشف عن مفاتيح الاقتصاد العالمي نفسه، من سلاسل الإمداد إلى أسعار السلع، ومن الاستقرار الجيوسياسي إلى مستقبل التجارة.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هُــــــــنا.
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
من الاقتصاد السعودي إلى المصري، كيف أصبحت العائلات التجارية لاعبًا رئيسيًا في أسواق المال؟
10 ديسمبر 2025 05:10 م
الكشري المصري، طبق شعبي يتحول إلى أيقونة تراث إنساني على قوائم اليونسكو
10 ديسمبر 2025 03:26 م
قطاع مزدهر يضخ المليارات، كيف تتحول السياحة الطبية إلى محرك اقتصادي جاذب للاستثمار؟
10 ديسمبر 2025 01:00 م
أكثر الكلمات انتشاراً