سباق الـ "تريليون دولار"، "الروبوتاكسي" يدخل مرحلة الانتشار وتحديان يواجهان "القيادة بلا سائق"
الإثنين، 08 ديسمبر 2025 02:39 م
الروبوتاكسي
بعد ثلاثين عامًا من التجارب الأولى للقيادة الذاتية التي بدأت في منتصف التسعينيات، تدخل الولايات المتحدة اليوم مرحلة جديدة من سباق المركبات الذاتية مع الانتشار السريع لسيارات الأجرة التي يقودها الذكاء الاصطناعي.
ليست هذه مجرد نقلة تقنية فحسب، بل تحول اقتصادي ضخم يعيد تشكيل أسواق النقل، والاستثمار، والعمالة، والبنية التحتية الحضرية، ويطلق سوقاً عالمية تتجاوز قيمتها التريليون دولار خلال العقد المقبل.

من التجربة إلى الصناعة.. رحلة الميل الأخير نحو التشغيل التجاري
عندما قطعت سيارة «كارنيجي ميلون» مسافة 3000 ميل دون لمس المقود عام 1995، لم يكن أحد يتخيل أن التجربة ستتحول إلى صناعة تقودها شركات التكنولوجيا العملاقة.
واليوم، تتصدر شركة وايمو التابعة لألفابت المشهد بأسطول يضم نحو 2500 مركبة ذاتية، وتشغيل تجاري كامل في خمس مدن أمريكية كبرى.، هذا التوسع السريع يضع وايمو في موقع الريادة، خصوصاً مع خطط مضاعفة الأسطول وفتح أسواق جديدة داخل وخارج الولايات المتحدة.
في المقابل، تتحرك شركات أخرى بوتيرة مختلفة، تسلا توسع خدماتها الأولية التي لا تزال تتطلب مراقبًا بشريًا، بينما تظهر زووكس رؤية مستقبلية أكثر جرأة بسيارات بلا مقود أو دواسات، تعمل في اتجاهين وبهوية تصميمية أقرب لقمرة مصغرة أكثر منها سيارة تقليدية.
ورغم تنوع النماذج، يظهر اتجاه واحد واضح، الانتقال من التجارب المحدودة إلى التشغيل الواسع، مدفوعًا بثقة الشركات في نضج تقنياتها، وتسارع البيانات المتدفقة من الطرق.
الفجوة بين ثقة التكنولوجيا وثقة الجمهور
ورغم التطور، يبقى العامل النفسي أكبر معوق أمام تبني الروبوتاكسي، فاستطلاع «يوجوف» يظهر أن ثلاثة أرباع الأمريكيين لا يثقون بالسيارات الذاتية، لكن تجارب الاستخدام تغير المعادلة بشكل واضح، إذ تظهر بيانات «جيه دي باور» ارتفاع الثقة بـ 56 نقطة بين من خاضوا التجربة فعليًا.
هذا يعني أن التحدي ليس في قدرة التكنولوجيا على القيادة، بل في إقناع الجمهور وصناع السياسات بأنها آمنة بما يكفي لتصبح بديلًا حقيقيًا عن سيارات الأجرة التقليدية.

البيانات تقود الطريق.. الأرقام تتحدث
لا يمكن تجاهل الأرقام التي بدأت تظهر نتائج ملموسة، فقد سجلت وايمو بالتعاون مع شركة التأمين «سويس ري» انخفاضًا كبيرًا في حوادثها، بنسبة:
- 88% في مطالبات أضرار الممتلكات
- 92% في إصابات الجسم
وذلك خلال 25 مليون ميل من القيادة، هذه النسبة تفوق بكثير أداء السائقين البشر، وتمنح الشركات سلاحاً قوياً في مواجهة الشكوك التنظيمية.
وعلى الجانب التجاري، أصبح لوايمو مليون مستخدم نشط شهريًا في الربع الثالث من 2025، بزيادة 82% عن العام السابق، ما يعكس تحول الروبوتاكسي من تجربة لافتة إلى وسيلة نقل يومية لمئات الآلاف.
اقتصاد الروبوتاكسي.. كيف تبنى سوق تتجاوز التريليون دولار؟
تملك سوق النقل التشاركي في أمريكا وحدها قيمة تقارب 50 مليار دولار سنويًا، لكن الأفق الحقيقي للقيادة الذاتية أبعد من ذلك بكثير.
فحسب الرئيس التنفيذي لأوبر دارا خسروشاهي، يمكن لسوق القيادة الذاتية في الولايات المتحدة وحدها أن تتجاوز تريليون دولار، نظرًا لاتساع تطبيقات التقنية:
- سيارات الأجرة الذاتية
- شاحنات النقل الثقيلة
- مركبات التوصيل
- أنظمة القيادة المدمجة داخل سيارات المستهلكين
- البرمجيات المرخصة لشركات السيارات
تتحرك شركات التكنولوجيا الكبرى مثل إنفيديا لتحتل موقع القلب في هذا النظام البيئي، بتوفير رقائق الذكاء الاصطناعي اللازمة للتدريب والمعالجة، وكلما زاد عدد السيارات، تضاعفت البيانات، وتعززت قدرات الخوارزميات، ما يخلق دائرة نمو ذاتية الدفع.

المعادلة الصعبة هي التكلفة
رغم كل التطور، يبقى التحدي الأكبر اقتصاديًا هو كلفة تشغيل الروبوتاكسي، وتشير تقديرات BCG إلى أن التكلفة تتراوح بين:
- 7 – 9 دولارات لكل ميل للروبوتاكسي
- 2 – 3 دولارات لكل ميل لأوبر
- 1 دولار للسيارات الخاصة
السبب؟ الأجهزة باهظة الثمن، والصيانة، وتنظيف الأسطول، مراقبة العمليات، وشحن المركبات، إضافة إلى ذلك، تعتمد بعض النماذج على سيارات فاخرة مثل «جاكوار آي-بايس»، ما يرفع تكلفة الوحدة الواحدة إلى 130– 200 ألف دولار.
لكن هناك مؤشرات قوية على أن التكلفة ستنخفض خلال العقد القادم، مع تراجع أسعار أجهزة الاستشعار (الليدار الذي كان بـ100 ألف دولار أصبح أقل من ألف دولار)، واستخدام منصات سيارات أرخص مثل Hyundai IONIQ 5.
معركة الهيمنة.. من يقود السباق؟
في ميدان المنافسة، تتصدر وايمو بفضل حصولها على تصنيف المستوى 4 للقيادة الذاتية، ما يسمح لها بالعمل دون تدخل بشري في مناطق محددة.
أما تسلا، فترتكز على رؤية مختلفة، من قيادة ذاتية تعتمد فقط على الكاميرات والذكاء الاصطناعي، بهدف خفض التكلفة والوصول إلى نموذج اقتصادي أكثر ربحية على المدى الطويل، لكن تقنياتها لا تزال عند المستوى 2 أو 3، وتحتاج إلى مراقبة بشرية.
أما زووكس وأمازون فتقدم نموذج خدمة متكاملة، بينما تعد أوبر نفسها لتكون منصة الحجز العالمية لهذه السيارات، عبر شراكات مع وايمو ولوسيد ونورو، وخطة لتشغيل 20 ألف مركبة ذاتية خلال ست سنوات.
وفي الخلفية، تبرز إنفيديا كأكبر مستفيد من هذا السباق، بفضل موقعها كمزود رئيسي لمعالجات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في التدريب والتشغيل فى مختلف الشركات.

الطريق نحو المستقبل
تواجه السيارات الذاتية تحديات تنظيمية واقتصادية ونفسية، لكن اتجاه السوق يبدو واضحًا: الروبوتاكسي ليس مستقبل النقل فحسب، بل مستقبل صناعة كاملة تتقاطع فيها التكنولوجيا والاقتصاد والبنية التحتية وسلوك المستهلك.
وإذا تمكنت الشركات من خفض التكاليف وتعزيز الثقة العامة، فإن هذه المركبات قد تصبح في غضون عقد الخيار الأرخص والأكثر أمانًا، فاتحة الباب أمام ثورة اقتصادية تعيد تشكيل مفهوم الحركة داخل المدن، وتحول النقل من خدمة بشرية إلى منظومة ذكية تعمل بلا سائق.
اقرأ أيضًا:
كيف تبني مصر شبكة ذكية لاحتضان السيارات المتصلة بالإنترنت؟
1.8 مليار دولار حجم سوق السيارات الذكية بمصر حتى 2030 (تفاصيل)
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هُــــــــنا.
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
تريليونا دولار إنفاقًا والجدوى قيد الاختبار، انحسار مؤقت لمخاوف فقاعة الذكاء الاصطناعي
07 ديسمبر 2025 04:10 م
السياحة العربية 2025، صعود متسارع يعزز مكانة المنطقة على خريطة السفر العالمية
07 ديسمبر 2025 01:00 م
بعد آلاف السنين من التوسع الزراعي، العالم يتجاوز ذروة الأراضي الزراعية
07 ديسمبر 2025 09:40 ص
أكثر الكلمات انتشاراً