الإثنين، 01 ديسمبر 2025

10:01 م

المنتجات الاستهلاكية 2025.. استعادة الأهمية في عصر الذكاء الاصطناعي

الإثنين، 01 ديسمبر 2025 09:07 م

السلع الاستهلاكية

السلع الاستهلاكية

تتجه شركات السلع الاستهلاكية المعبأة، نحو عام 2025 بروح جديدة من الوضوح الإستراتيجي، مع آفاقٍ واسعة للابتكار لدى الشركات التي تتبنى خطوات جريئة نحو التغيير، وهذه التوقعات الواردة في التقرير السنوي الثاني لشركة باين آند كومباني Bain & Company حول المنتجات الاستهلاكية، قد تبدو غير متوقعة في ظل بداية عام اتسمت بقدر كبير من الضبابية.

 

تحديات عالمية تعيد رسم المشهد

وبدأت الإدارات التنفيذية العام وسط موجة من الشكوك، مدفوعة بتوترات جيوسياسية تهدد سلاسل التوريد وتعقد البيئة التنظيمية، كما يشهد سلوك المستهلك تذبذبًا واضحًا نتيجة الضغوط الاقتصادية وتغير الاحتياجات، إلى جانب تأثير اتجاهات جديدة مثل الإقبال المتزايد على لقاحات إنقاص الوزن.

ورغم هذه المعطيات، فإن الصورة ليست قاتمة بالكامل، فالتشوهات التي أحدثها التضخم المفرط في الأداء بدأت تتلاشى، كاشفة بوضوح عن تحديات النمو الحقيقي، لم يعد الضغط المستمر على المبيعات والأرباح مجرد أزمة عابرة، بل أصبح مؤشرًا على أن بعض الشركات لا تزال عاجزة عن التكيف مع الوضع الطبيعي الجديد.

السلع الاستهلاكية

 

التكنولوجيا.. فرصة لإعادة رسم قواعد المنافسة

هذا القدر من الوضوح، يمنح شركات السلع الاستهلاكية فرصة لإعادة صياغة إستراتيجيات النمو واستعادة مكانتها لدى المستهلكين، ومع صعود دور التكنولوجيا، خصوصًا الذكاء الاصطناعي التوليدي، تتعزز فرص الشركات الجاهزة للاستثمار في حلول قادرة على تحويل تجربة المستهلك وصناعة ميزات تنافسية جديدة.

كما أن فرص النمو لا تزال متاحة بشكل كبير أمام الشركات الراسخة والناشئة في القطاع، بشرط دمج الابتكار في محافظ منتجاتها وتبني ممارسات مؤهلة للمستقبل، وقبل عام واحد، حذرت شركة باين Bain & Company من اعتماد الشركات المفرط على رفع الأسعار كوسيلة رئيسية لزيادة الإيرادات، وقد تراجع هذا الاتجاه خلال 2024 مع انحسار موجة التضخم، لكن ضعف ثقة المستهلك، أبقى مهمة تحقيق نمو ربحي قائم على زيادة حجم المبيعات معلقة حتى دخول 2025.

 

نمو المبيعات.. أرقام كبيرة لكن بجودة أقل

وعلى مستوى العالم، ارتفعت قيمة مبيعات التجزئة لقطاع المنتجات الاستهلاكية، بما يشمل الغذاء والمشروبات ومنتجات العناية المنزلية والشخصية بنسبة 7.5%، لتصل إلى 7.5 تريليون دولار في عام 2024، ورغم أن هذا النمو يبقى قويًا، إلا أنه أقل من مستويات 2023 بنسبة 9.3%، و2022 بنسبة 9.8%.

وتشير التقديرات إلى أن ثلاثة أرباع هذا النمو، جاء من زيادات الأسعار وليس من نمو أحجام المبيعات، وهو تحسن طفيف مقارنة بعام 2023 حين بلغت النسبة 90%، ومع محدودية قدرة الشركات على رفع الأسعار مجددًا، يبدو أن الطريق ما يزال طويلًا أمام تعافي الأحجام، كما دفع نمو المبيعات نحو مسارٍ تصاعدي مستدام.

تطور مبيعات المنتجات الاستهلاكية

وشهد عام 2024، تباطؤًا ملحوظًا في نمو المبيعات عبر مختلف فئات السلع الاستهلاكية، وكان التراجع أكثر بروزًا في قطاعي الأغذية والمشروبات غير الكحولية، اللذين حملا إرثًا من الارتفاع الكبير في الأسعار خلال 2023.

الأسواق المتقدمة تواجه نموًا ضعيفًا رغم استقرار الأسعار

في الأسواق المتقدمة، هبطت وتيرة نمو مبيعات المنتجات الاستهلاكية من 7.7% في 2023، إلى 4.5% في 2024، ورغم أن الزيادات السعرية جاءت هذا العام أكثر اعتدالًا، فإن أحجام المبيعات بقيت شبه ثابتة، ما كشف عن تأثيرات تراكمية لفترة طويلة من التضخم المرتفع.

ففي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، كانت الأسعار بنهاية 2024، أعلى بأكثر من 20% مقارنة بالربع الأول من 2020، وعندما أجرت باين آند كومباني Bain & Company استطلاعًا في أكتوبر، أشار نحو 80% من المستهلكين الأمريكيين والأوروبيين، إلى أنهم يخفضون إنفاقهم بسبب استمرار الضغوط المعيشية.

وفي ظل التضخم الكامن، أعاد المستهلك الأمريكي ترتيب أولوياته الشرائية، موجهًا إنفاقه نحو المنتجات التي توفر أفضل قيمة مقابل السعر، وتمثل ذلك في التحول نحو العلامات التجارية الخاصة منخفضة التكلفة من جهة، وإلى الفئات المتميزة عالية الجودة من جهة أخرى، فيما تراجعت فئات القيمة التقليدية ومنتجات الكميات الكبيرة.

المنتجات الفاخرة ومنتجات العلامات التجارية الخاصة

وواصلت الأسواق الناشئة، لعب دورها كأكبر محرك لنمو المنتجات الاستهلاكية، فقد سجلت زيادة بنسبة 11% على أساس سنوي في قيمة مبيعات التجزئة، وهو ما يتماشى بشكل عام مع السنوات الأخيرة، ويتجاوز ضعف معدل نمو الأسواق المتقدمة في عام 2024، ويعادل نمو حجم المبيعات بنسبة 3% في الأسواق الناشئة، على خلفية انخفاض الزيادات في الأسعار، تقريبًا مجمل نمو حجم المبيعات الذي سجلته صناعة المنتجات الاستهلاكية عالميًا.

الأسواق الناشئة مسؤولة عن نمو الحجم في عام 2024

وسجلت الأسواق الناشئة نموًا من خانتين في 2024، على الرغم من التباطؤ الملحوظ في أكبر سوقين: الصين والهند، ففي الصين، أدى ضعف ثقة المستهلك إلى استمرار ضغوط انكماشية، زادتها المنافسة السعرية الحادة داخل قنوات التجارة الإلكترونية، ما حد من توسع أحجام مبيعات السلع الاستهلاكية، أما الهند فقد جاء نمو المبيعات أقل من التوقعات، لكنه ظل متينًا نسبيًا في ظل ضعف الطلب.

تراجع تكاليف السلع الأساسية يغير أولويات الشركات

وتعكس العودة المحدودة للنمو القائم على الأحجام في 2024، انخفاضًا في ضغوط تكاليف المدخلات التي كانت تقود موجة الزيادات السعرية خلال العام السابق، ومع تراجع أسعار بعض السلع الأساسية وليس كلها، تغير محور اهتمام الإدارات العليا بشكل واضح، ففي تقرير العام الماضي، وضع أكثر من 80% من التنفيذيين، تكلفة المواد الخام على رأس التحديات الخارجية في 2023، أما اليوم ومع نظرة أكثر تقدمًا نحو 2025، تراجعت تكاليف المدخلات إلى المركز الرابع في سلم أولوياتهم.

 

تحديات 2025.. منافسة أشد وإنفاق أقل وضغوط أكبر من التجار

وبدلًا من القلق بشأن تكاليف الموارد، باتت التحديات الأكبر التي يراها التنفيذيون في 2025 تتمثل في:-

  • اشتداد المنافسة على المستهلكين.
  • انخفاض مستويات الإنفاق.
  • زيادة الضغوط من قبل تجار التجزئة.

وهي عوامل من المتوقع أن تشكل المشهد الاستهلاكي في العام المقبل، وفقًا لنتائج الاستطلاع.

 

المنافسة بين المتسوقين

وفرضت بيئة عام 2024 المعقدة، ضغوطًا كبيرة على أكبر شركات السلع الاستهلاكية المعبأة، لتكشف محدودية نموذج النمو التقليدي الذي اعتمد على التوسع الواسع مدفوعًا بالتضخم، ومع تراجع موجة ارتفاع الأسعار، أصبح من الواضح أن هذا النموذج، لم يعد مناسبًا للوضع الطبيعي الجديد الذي يتشكل عالميًا.

شركات كبرى بنمو محدود رغم ضخامة السوق

وسجلت أكبر 50 شركة سلع استهلاكية معبأة، نموًا سنويًا في الإيرادات بلغ 1.2% فقط خلال النصف الأول من 2024، وفي السوق الأمريكية، ورغم تباطؤ نمو الشركات الكبرى، استحوذت الشركات الرائدة على نحو 40% من إجمالي نمو القطاع خلال الفترة ذاتها، وهي نسبة تفوق بكثير حصتها السوقية الفعلية.

ورغم عدم اكتمال الصورة الكاملة لأرباح عام 2024، تشير النتائج الأولية إلى تحسن هامش الأرباح قبل الفوائد والضرائب، بفضل انخفاض تكاليف المدخلات، إلا أن هذه الهوامش بقيت دون مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19، نتيجة استمرار تقلبات سلاسل التوريد وارتفاع الإنفاق على البيع والمصروفات الإدارية والعمومية.

 

التكنولوجيا تتسارع.. وشركات السلع الاستهلاكية تتباطأ

ويتغير المشهد التكنولوجي بسرعة غير مسبوقة، وهو ما يتطلب قيادة جريئة واستثمارات كبيرة للحاق بالمنافسة، ومع ذلك، تكشف استطلاعات باين Bain & Company فجوة كبيرة بين الشركات، منها أن 84% من التنفيذيين في القطاعات غير التقنية، يعتبرون الذكاء الاصطناعي التوليدي من أولوياتهم الخمس الأولى، مقابل 37% فقط من التنفيذيين في شركات السلع الاستهلاكية المعبأة، وهذا التردد ينذر بتراجع أعمق على المدى المتوسط.

 

تراجع العوائد للمساهمين يعكس ضعف الثقة

ولم يمر الأداء المتذبذب دون أثر في الأسواق العامة، فقد انخفض العائد السنوي على المساهمين لأكبر الشركات، من حيث القيمة السوقية إلى أقل من نصف مستوياته في السنوات الخمس السابقة، وهذا التراجع يعكس مزيجًا من انخفاض الهوامش وتراجع مضاعفات التقييم، مع فقدان المستثمرين الثقة في استدامة النمو المعتمد على رفع الأسعار.

 

التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي يفتحان المجال لفرص تحول واسعة

وتشهد تقنيات الـERP والذكاء الاصطناعي، طفرة تعيد رسم حدود الابتكار الرقمي، مانحة شركات السلع الاستهلاكية فرصة نادرة لإحداث تحول جذري في عملياتها، ويعكس ارتفاع الاهتمام التنفيذي بالذكاء الاصطناعي، بنسبة 24% وفق استطلاع باين Bain & Company تحولًا تدريجيًا نحو إدراك أهميته.

ويمكن لهذه التقنيات أن تدفع المبيعات عبر، تعزيز التخصيص وتجربة المتجر المثالي، ونماذج متقدمة لمزيج التسويق، وأتمتة المحتوى التسويقي، وتحسين إدارة سلسلة التوريد. ومع ذلك، ورغم اهتمام 90% من التنفيذيين بالذكاء الاصطناعي، فإن 6% فقط، لديهم خطة واضحة لاستخدامه في خلق قيمة تجارية مباشرة.

عوائد السلع الاستهلاكية

 

إعادة تصور نموذج الأعمال للارتقاء بالتجربة الاستهلاكية

وسيتجه رواد المستقبل إلى نموذج أعمال رقمي، يعتمد على الذكاء الاصطناعي، ويتيح تواصلًا أعمق مع المستهلكين ويعزز كفاءة الإنفاق الإعلامي وفعالية العمليات، وسيكون هذا النموذج ضروريًا لتفادي مخاطر “إلغاء الوسيط” التي قد يحدثها لجوء المستهلكين لمساعدات الذكاء الاصطناعي، عند اتخاذ قرارات الشراء.

ويتطلب هذا التحول، إعادة ابتكار قدرات التسويق باستخدام بيانات المستهلك، وتوسيع الحضور في بيئات رقمية جديدة، ولعب دور فاعل في مجالات مثل تخطيط الوجبات الآلي، وتجارب التسوق المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، كما يتطلب نجاح هذا المسار، خارطة طريق رقمية مرنة، قائمة على الاختبار والتعلم، واستغلال حجم الشركات الكبيرة وأصولها، لإحداث إعادة ابتكار شاملة.

 

2025.. عام استعادة الموقع والجاهزية للمستقبل

ومثَّل عدم اليقين خلال السنوات الخمس الماضية، اختبارًا صعبًا لقطاع السلع الاستهلاكية، لكن تزايد وضوح الرؤية وتسارع تبني الأدوات الرقمية، يفتحان الباب أمام الشركات لاستعادة ثقة المستهلكين وتعزيز موقعها، وبالنسبة للشركات المستعدة لاغتنام اللحظة، فإن 2025 سيكون بنهايته العام الحاسم، وذلك لإعادة صياغة الإستراتيجيات واتخاذ خطوات جريئة، تضمن النجاح في عصر الذكاء الاصطناعي.

اقرأ أيضًا:-

قائمة أكبر 10 شركات عالمية في السلع الاستهلاكية والخدمات خلال 2024

قطاع السلع الاستهلاكية يدفع وول ستريت للتراجع وأسهم «إنفيديا» تنتعش

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هُــــــــنا.

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search