الخميس، 27 نوفمبر 2025

07:40 م

وراء الفقاعة قصة، كيف صنعت كوكاكولا أقوى علامة تجارية على وجه الأرض؟

الخميس، 27 نوفمبر 2025 04:44 م

كوكاكولا تصنع أقوى علامة تجارية

كوكاكولا تصنع أقوى علامة تجارية

عندما ابتكر جون ستيث شرابه الجديد في أتلانتا عام 1886، لم يكن يتخيل أنه يؤسس لواحدة من أقوى العلامات التجارية في التاريخ.

كان الرجل يبحث عن بديل للمورفين بعد إصابته في الحرب، لكن الوصفة التي مزجت بين الكولا والكاكاو تحولت تدريجيًا إلى سلعة ذات قابلية إنتاج هائلة وهوامش ربح مستقرة. 

كوكاكولا 

منذ اللحظة الأولى، امتلكت كوكاكولا مكونات النجاح الاقتصادي: تكلفة منخفضة، وسهولة التصنيع، وإمكانية التوسع السريع، وعندما انتقل المشروب إلى يد آسا كاندلر، أصبح منتجًا يستند إلى رؤية تجارية لا إلى مصادفة علمية، وبدأت الشركة في ترسيخ نموذج اقتصادي جديد يقوم على بيع الشراب المركز لمئات المعبئين بدلًا من إدارة الإنتاج كاملًا داخل الشركة الأم. 

هذا النموذج خفض التكاليف، ووسع الانتشار، وخلق شبكة توزيع هي الأكثر نفوذًا في تاريخ صناعة المشروبات.

صناعة العلامة.. التسويق باعتباره محركًا للتوسع

في العقود التالية، أدركت كوكاكولا أن القوة الحقيقية لا تكمن في مذاق المشروب وحده، بل في قدرته على تمثيل فكرة أوسع، لذلك لم تكتفي بالإعلان التقليدي، بل بدأت في هندسة صورة عاطفية مرتبطة بالحياة اليومية والسعادة والانتعاش. 

تحولت الزجاجة إلى رمز بصري عالمي، وتحول اللون الأحمر إلى جزء لا يتجزأ من الثقافة الشعبية، وأصبح المشروب رفيق الملايين في السينما والملاعب والرحلات. 

بل إن السعر الثابت لمدة 70 عامًا كان خطوة تسويقية واقتصادية عبقرية، إذ جعل كوكاكولا جزءًا من العادات اليومية للطبقات المتوسطة والفقيرة دون تردد سعري، وتدريجيًا، لم يعد المستهلك يشتري مشروبًا، بل يشترى لحظة عاطفية مرتبطة بذاكرته الخاصة.

العولمة وكوكاكولا 

العولمة.. من منتج محلي إلى رمز دولي

حين دخل العالم الحرب العالمية الثانية، لم تفوت كوكاكولا فرصة تحويل نفسها إلى رمز وطني أمريكي، كما  وعدت الشركة الجيش بتوفير مشروب لكل جندي أينما كان، وبالسعر ذاته داخل البلاد. 

هذا القرار غيّر مستقبل كوكاكولا بالكامل، إذ فتح أمامها أسواقًا كانت مغلقة، وخلق عادة استهلاك استمرت بعد عودة الجنود إلى الوطن، وفي العقود التالية، أصبحت كوكاكولا واحدة من أوائل شركات العولمة التي توجد في كل القارات تقريبًا. 

دخولها إلى أسواق آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية مهد لمرحلة جديدة أصبح فيها المشروب جزءًا من التحولات الاقتصادية والثقافية لهذه المجتمعات، من الشوارع الشعبية في الهند إلى المحلات الصغيرة في إفريقيا.

التنويع.. مواجهة اقتصاد الصحة الجديد

مع نهاية القرن العشرين، ظهرت موجة عالمية من الوعي الصحي، وزادت المخاوف من السكر والسمنة، كان تهديدًا حقيقيًا لمنتج يعتمد على السكر كمكون رئيسي، لكن كوكاكولا لم تنتظر لتنهار مبيعاتها. 

بدأت الشركة في التحول إلى شركة مشروبات شاملة وليس مجرد مصنعة لمشروبات غازية، وظهرت منتجات مثل دايت كوك، كوكاكولا زيرو، وسبرايت، وباوريد، وداساتاني، إضافة إلى استحواذات في العصائر والشاي والمياه. 

كان هذا التحول خطوة اقتصادية ضرورية لحماية الحصة السوقية من الانكماش، ولتلبية ذوق مستهلك جديد يبحث عن بدائل أقل سكر وأكثر صحة.

كوكاكولا 

الاستدامة.. من عبء بيئي إلى فرصة اقتصادية

لم تكن مشكلة البلاستيك والنفايات مجرد أزمة بيئية، بل تهديدًا اقتصاديًا مباشرًا لعلامة تعتمد على مواد يصعب إعادة تدويرها. 

لكن كوكاكولا تعاملت مع هذا التحدي باعتباره استثمارًا طويل الأجل، فأطلقت مبادرات لإدارة المياه، وشراكات مع منظمات بيئية، وابتكرت زجاجات قابلة لإعادة التدوير وأخرى مصنوعة جزئيًا من مواد نباتية.

هذا التحول لم يكن مجاملة بيئية، بل محاولة لتفادي التشريعات العقابية، والحفاظ على سمعة الشركة، وتعزيز ولاء المستهلك في زمن يتغير بسرعة، وهكذا تحولت الاستدامة من عبء إلى عنصر من عناصر التنافسية.

دعائم الاقتصاد الداخلي.. لماذا لا تزال كوكاكولا قوية؟

رغم المنافسة الشرسة والانكماش التدريجي لاستهلاك المشروبات الغازية في بعض الأسواق، لا تزال قيمة كوكاكولا السوقية من الأعلى في قطاع السلع الاستهلاكية. 

يكمن السر في نموذج عمل يتسم بمرونة استثنائية، فالشركة الأم تركز على بيع الشراب المركز، وهو منتج منخفض التكلفة وعالي الربحية، بينما تتحمل شركات التعبئة عبء التشغيل والنقل والتوزيع. 

إضافة إلى ذلك، تمتلك كوكاكولا قدرة فريدة على التكيف مع الأنماط الثقافية المختلفة، ما يجعلها سلعة عالمية لكنها محلية في الوقت ذاته. 

هذا التنوع الجغرافي يحمي الشركة من الأزمات المحلية، ويجعلها أقل حساسية للتقلبات الاقتصادية.

كوكاكولا وبيبسي

أرباح شركة كوكاكولا

سجلت شركة كوكاكولا نتائج فصلية تفوقت على التوقعات خلال الربع الثاني من عام 2025، مدعومة بزيادة الطلب في الأسواق الأوروبية، ما عوض التراجع في كميات المبيعات ببعض المناطق الأخرى.

 الشركة، رغم التحديات الخارجية المتقلبة خلال الربع الثاني، تمكنت من الحفاظ على التركيز وإظهار مرونة واضحة، كما تواصل تنفيذ أولوياتها بثبات، وتمضي بثقة نحو تحقيق التوجيهات المحدثة لأداء عام 2025 وأهدافها الاستراتيجية طويلة الأجل.

وقامت الشركة بخفض توقعاتها لنمو الربح المعدل للسهم خلال عام 2025 إلى 3%، وهو الحد الأعلى للنطاق السابق.

نتائج الربع الثاني 2025 مقارنةً بنفس الفترة خلال 2024

البند

الربع الثاني 2025

الربع الثاني 2024

التوقعات

التغير السنوي

الإيرادات (مليار دولار)12.5412.3612.54+1%
صافي الدخل (مليار دولار)3.802.40+58%
الربح المعدل للسهم (سنت)885683+58%

الصراع مع بيبسي.. حرب السوق المفتوحة

لا يمكن الحديث عن كوكاكولا دون التطرق إلى منافستها الأبرز بيبسي، وعلى مدى عقود، دارت بينهما حروب تسويق شرسة، من مقارنة النكهات إلى استقطاب النجوم والمشاهير. 

لكن كوكاكولا بقيت متقدمة في معظم الأسواق، ليس فقط بسبب الإعلانات، بل بفضل شبكة توزيع عملاقة، وقدرة أكبر على اختراق الأسواق الناشئة، وارتباط أعمق بالثقافة الشعبية، بينما ربحت بيبسي معارك فردية، حافظت كوكاكولا على الحرب الكبرى، الولاء طويل المدى.

لماذا لا يزال العالم يشرب كوكاكولا؟

الإجابة تتجاوز الاقتصاد إلى علم النفس، فكوكاكولا، بعكس كثير من المنتجات الاستهلاكية، نجحت في خلق ارتباط عاطفي يتجاوز المذاق. 

هي منتج تُشترى ذكرياته قبل زجاجته، وتحولت إلى عادة يومية، ومكون في لحظات اجتماعية لا تنسى، ورمز ثقافي يمر عبر الأجيال.  لذلك لم تنجح أي علامة في تقليد تأثيرها، حتى لو استطاعت تقليد مذاقها.

كوكاكولا 

اقتصاد العاطفة

قصة كوكاكولا ليست قصة مشروب، بل قصة اقتصاد قائم على العاطفة والانتشار الواسع والتسويق الذكي، هي مثال نادر على شركة استطاعت أن تحافظ على مركزها العالمي لأكثر من قرن، وأن تظل جزءًا من حياة الناس رغم تغير العادات والاقتصاد والتكنولوجيا. 

إنها نموذج متكامل في كيفية بناء علامة تجارية تتحول إلى بنية اقتصادية مستقلة، قادرة على الصمود أمام الزمن، وعلى إعادة اختراع نفسها عندما تتغير قواعد اللعبة.

اقرأ أيضًا:

40 مليار دولار حجم سوق المشروبات الغازية، كوكاكولا تهيمن وبيبسيكو تتراجع في 2025

رسوم ترامب تُفجّر قنينة المنافسة، كوكاكولا تنتصر وبيبسي تحت الضغط

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search