السبت، 22 نوفمبر 2025

11:56 ص

استثمارات مهولة.. الخليج يحول أزمة المياه إلى اقتصاد عالمي جديد

السبت، 22 نوفمبر 2025 09:24 ص

تحلية المياه

تحلية المياه

في عالم يزداد عطشًا كل عام، تتقدم دول الخليج العربي بخطى استثمارية غير مسبوقة لتغيير معادلة الندرة إلى اقتصاد عالمي قائم بذاته، فمع تجاوز الاستهلاك البشري 4.3 تريليون متر مكعب من المياه العذبة سنويًا، وارتفاع متوقع للطلب يتراوح بين 20 – 50% بحلول 2050، تتحول المياه من مورد طبيعي إلى ملف اقتصادي وسياسي بالغ الحساسية.

ويهدد هذا الملف في حال تجاهله بخفض الناتج المحلي في بعض الدول حتى 6%، ووسط هذا المشهد العالمي المقلق، يبرز الخليج كقوة استثمارية وتكنولوجية تعيد تشكيل مستقبل المياه.

تحلية المياه

الخليج.. من منطقة شحيحة الموارد إلى لاعب عالمي يقود قطاع المياه

وتمكنت دول مجلس التعاون الخليجي، من تحويل ندرة المياه إلى أولوية إستراتيجية، معلنة استثمارات ضخمة تقدر بـ30 مليار دولار حتى عام 2030، فبالرغم من أن المنطقة لا تمتلك سوى أقل من 1% من المياه العذبة عالميًا، إلا أنها تستحوذ على نحو 10% من الإنفاق العالمي على البنية التحتية للمياه، وهو ما يعكس حجم طموحها ورغبتها في لعب دور محوري في صناعة المياه العالمية.

وهذه الاستثمارات لا تقتصر على سد الاحتياجات المحلية فحسب، بل تضع الخليج في قلب سوق عالمي تتجاوز قيمته تريليونات الدولارات خلال العقود المقبلة، مع تزايد الطلب على حلول التحلية وإدارة المياه الذكية.

تحلية قابلة للتصدير.. ولادة صناعة خليجية جديدة

وتتحول تقنيات التحلية الخليجية -خصوصًا من الجيل الجديد- إلى منتَج تصديري قائم على التكنولوجيا والخبرة التشغيلية، ومن أبرز إنجازاتها:

  • خفض استهلاك الطاقة إلى أقل من 2.8 كيلووات/ساعة لكل متر مكعب.
  • خفض تكلفة إنتاج المتر المكعب إلى نحو 0.41 دولار وهي من الأدنى عالميًا.
  • تحقيق محطات خليجية لكفاءة تستخدم اليوم كمعايير عالمية (Benchmark).

لقد انتقلت التحلية من كونها ضرورة للبقاء، إلى منصة اقتصادية تعتمد على تصدير تكنولوجيا الأغشية المتقدمة، ونقل الخبرات التشغيلية، وبناء وتشغيل محطات في أسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، وبهذا المعنى، أصبحت المياه صناعة خليجية جديدة، توازي صناعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.

تحلية المياه في السعودية

 

ثورة الابتكار الرقمي.. المياه تتحول إلى بيانات

واعتمدت مدن خليجية مثل دبي على منظومات رقمية متقدمة، تكشف التسريبات وتراقب تدفق المياه لحظيًا، والنتائج مذهلة اقتصاديًا، حيث تم اكتشاف 2.6 مليون تسريب خلال عامين، وتوفير مليون متر مكعب من المياه عبر العدادات الذكية فقط، وعالميًا، تسربت 126 مليار متر مكعب سنويًا بسبب البنية التحتية القديمة، ما يحول الرقمنة إلى فرصة بتريليونات الدولارات من الوفورات المحتملة.

كما تطور دول الخليج، منشآت تعتمد على تقنيات نانوية تعيد استخدام أكثر من 90% من مياه الصرف دون الحاجة للتحلية العكسية المكلفة، ما يخفض التكاليف التشغيلية بأكثر من 25 دولارًا للمتر المكعب، وهنا يصبح الابتكار ليس رفاهية تكنولوجية، بل أصلًا ماليًا يعزز عوائد الاستثمار ويحد من الإنفاق الحكومي.

 

تحديات حقيقية.. لكنها لا تبطئ الزخم

ورغم التقدم الكبير، تواجه المنطقة عدة تحديات أبرزها:-

  • تكاليف الطاقة التي تمثل 30–40% من نفقات التحلية.
  • الإجراءات التنظيمية قد تُؤخر المشاريع لمدة تصل إلى عامين.
  • تقبل الجمهور لاستخدام المياه المعالجة، يحتاج إلى توعية مستمرة.
  • ضرورة وضع معايير موحدة لإعادة الاستخدام بين دول المنطقة.

ومع ذلك، تبدو هذه التحديات أقرب إلى "تكاليف انتقال" نحو اقتصاد مياه أكثر كفاءة من كونها عوائق إستراتيجية.

مشروع تحلية المياه

 

التعاون الدولي.. المياه تتحول إلى دبلوماسية جديدة

الإستراتيجية الخليجية لا تعمل بمعزل عن العالم، بل تقوم على شراكات دولية ضخمة تتجاوز الإقليم، ومن أبرزها:-

  • "صندوق المياه العربي" بالتعاون مع البنك الدولي وصندوق المناخ الأخضر.
  • تمويل مشاريع مشتركة للمياه والطاقة اعتبارًا من 2026.
  • دعم مبادرة تحالف مرونة المياه (WRC) الهادفة لاستعادة 100 حوض مائي حيوي حول العالم.
  • نجاح التجارب الأولية في إعادة 175 ألف فدان قدم من المياه في كاليفورنيا وحدها.

وهذه الشراكات تصنع دبلوماسية مائية جديدة، تستخدم فيها التكنولوجيا والاستثمار لبناء النفوذ وتحقيق الأمن الإقليمي والعالمي.

 

من الندرة إلى القيادة العالمية

تحويل ندرة المياه إلى صناعة ضخمة لم يعد فكرة مستقبلية، بل واقعًا تصنعه دول الخليج بخطى واضحة:-

  • تكنولوجيا متقدمة في التحلية وإعادة الاستخدام.
  • استثمارات ضخمة تضاهي الاقتصادات الصناعية الكبرى.
  • منصات رقمية تقلل الفاقد وتحقق كفاءة تشغيلية.
  • شراكات دولية تعزز المكانة العالمية للمنطقة.
محطات تحلية المياه

 

ما يحدث اليوم يمثل تحولًا اقتصاديًا تاريخيًا

المياه لم تعد عبئًا على الخليج بل فرصة للنمو، ومجالًا جديدًا لتصدير المعرفة، وركيزة لتعزيز الأمن الاقتصادي في عالم يتغير بسرعة، كما أن الاستثمار الخليجي البالغ 30 مليار دولار ليس رد فعل لأزمة، بل خطوة إستراتيجية لصنع مركزٍ عالمي لإدارة أهم موارد الحياة، وبينما يزداد عطش العالم، يبدو أن الخليج اختار أن يتحول من مستهلك للتكنولوجيا إلى مصدر للحلول، ومن منطقة تعاني من الندرة إلى قاطرة عالمية لاقتصاد المياه.

اقرأ أيضًا:-

الذهب الأزرق الجديد، كيف أصبحت تحلية المياه قوة دافعة لتحول اقتصادي مستدام؟

رحلة الماء من المالح إلى العذب، تحلية المياه أمل العالم لمواجهة العطش المتزايد

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا.

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search