جولة «إيجي إن» داخل «باوستيل».. العملاق الصيني يرسم مستقبل الصلب العالمي (صور وفيديو)

الأحد، 16 نوفمبر 2025 08:32 م

جولة «إيجي إن» داخل إحدى مصانع شركة باوستيل الصينية

أميرة الشريف

في مدينة شنغهاي، تلك الحاضرة الاقتصادية التي لا تنام، إذ تمتزج الأبراج الزجاجية الحديثة بتاريخ من الطموح والعمل الدؤوب، تقف منشأة عملاقة تجسد روح الصين الصناعية في أبهى صورها، إنها شركة باوستيل (Baosteel)، أحد أضخم وأهم مصانع الصلب في العالم، وواجهة للتطور التكنولوجي والاقتصادي الذي تعيشه الصين المعاصرة.

تُعدّ باوستيل، التابعة لمجموعة تشاينا باو وو للصلب (China Baowu Steel Group)، رمزًا للنهضة الصناعية الصينية، ليس فقط لحجم إنتاجها الذي يبلغ عشرات الملايين من الأطنان سنويًا، بل لما تمثله من نموذج متكامل للابتكار والإدارة الحديثة.

أجرى موقع «إيجي إن» جولة ميدانية داخل "باوستيل" ذلك المصنع العملاق الذي تأسس في أواخر سبعينيات القرن الماضي، للوقوف على أبرز أنشطته التجارية وكيف أصبح صرحًا اقتصاديًا عملاقًا ومحورًا استراتيجيًا في منظومة التصنيع الصينية، ليتحول إلى أحد أعمدة الاقتصاد الوطني.

وبحسب مسؤولون بالشركة، تقع شركة شنغهاي باوستيل ميتال المحدودة في مدينة شنغهاي، أكثر المناطق تطورًا اقتصاديًا في الصين، بالقرب من ميناء شنغهاي، وهي مؤسسة متكاملة لخدمات الصلب، متخصصة في معالجة وبيع وتقديم الخدمات التقنية للفولاذ المقاوم للصدأ وسبائك الفولاذ الكربوني.

وتتمتع الشركة بسمعة عالية في سوق الصلب، وتمتلك معدات معالجة فولاذية من الطراز الأول، بالإضافة إلى مركز حديث للاختبارات الفيزيائية والكيميائية، وتقدم خدمات تشمل القصّ، والتقطيع، والصقل السطحي، والتشكيل، واللحام، والمعادن الدقيقة، والتصنيع الآلي، وتلتزم الشركة بتقديم خدمات آمنة واقتصادية واحترافية بروح مهنية عالية.

وتُعد شنغهاي باوستيل ميتال المحدودة شركة صناعية كبرى تجمع بين خدمات المعالجة والبيع لمواد الفولاذ المقاوم للصدأ وسبائك الفولاذ الكربوني، كما تُعتبر شريكًا مهمًا لعدد من أشهر مصانع الصلب العالمية، مثل شاآنشي تايسكو، وشنغهاي كروب، وتشانغجياغانغ بوهانغ، ونيبون ستيل اليابانية (NSC) وغيرها.

رحلة إلى قلب الصناعة الصينية

زيارة مصنع باوستيل ليست تجربة عادية، إذ أنها أشبه بالدخول إلى عالم صناعي متكامل ينبض بالحياة، فمنذ اللحظة الأولى التي تطأ فيها قدم الزائر أرض المصنع، يدرك أنه أمام منظومة هندسية معقدة تسير بدقة مذهلة، خطوط الإنتاج تمتد على مساحات شاسعة، تتخللها أنظمة تحكم رقمية وروبوتات ضخمة تُشرف على كل عملية، من صهر الحديد الخام إلى تشكيل الألواح المعدنية النهائية.

خلال جولة محررة «إيجي إن» داخل الشركة، والتي امتدت لنحو ساعة ونصف، كان المشهد مدهشًا من بدايته حتى نهايته، الأفران العملاقة تشتعل بطاقة حرارية هائلة، تُحول خام الحديد إلى فولاذ مصهور بدرجات حرارة تتجاوز 1500 درجة مئوية، فيما تتنقل كتل الحديد المتوهجة بين خطوط الدرفلة لتُشكَّل بدقة مذهلة إلى صفائح معدنية ضخمة تُستخدم لاحقًا في صناعة السيارات، السفن، الجسور، والمعدات الثقيلة، وكل ذلك يتم في بيئة عمل مؤتمتة بالكامل تقريبًا، حيث تعمل أنظمة المراقبة الذكية على تتبع درجات الحرارة، ومعدلات الإنتاج، وجودة المنتج في الوقت الفعلي.

بالقطع، إنها تجربة تعكس كيف أصبحت الصناعة الصينية تدمج بين التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الصناعي في كل تفصيلة من تفاصيل الإنتاج.

من الخام إلى الإبداع الصناعي

ما يميز مصنع باوستيل أنه لا يعتمد فقط على الضخامة الإنتاجية، بل على فلسفة قائمة على الابتكار المستدام، فبدلًا من الاكتفاء بإنتاج الصلب، استثمرت الشركة في تطوير مواد جديدة عالية القوة وخفيفة الوزن، تُستخدم في صناعة السيارات الكهربائية والطائرات الحديثة.

هذه الخطوة تمثل جزءًا من استراتيجية الصين للتحول من “مصنع العالم” إلى “مبتكر العالم”، كما تبنت “باوستيل” نموذجًا رائدًا في إدارة الكفاءة البيئية، إذ تمتلك أنظمة متقدمة لإعادة تدوير الغازات والانبعاثات الناتجة عن عمليات الصهر، وتحويلها إلى طاقة تُستخدم داخل المصنع ذاته.

التبريد الصناعي لتقليل الفاقد المائي

كما تُستخدم المياه المعالجة في التبريد الصناعي لتقليل الفاقد المائي، ما يجعل المصنع نموذجًا متكاملًا لـ“الاستدامة الصناعية”، وتمتد خطوط الإنتاج على مساحات شاسعة، تتخللها أنظمة تحكم رقمية وروبوتات ضخمة تُشرف على كل عملية، من صهر الحديد الخام إلى تشكيل الألواح المعدنية النهائية.

وفي مشهد يختصر دقة التصنيع وذكاء التشغيل، يعمل روبوت مبرمج على طباعة أرقام الألواح المعدنية بشكل تلقائي، في خطوة تهدف إلى تسريع وتيرة الإنتاج وضمان تتبع كل قطعة فولاذ بدقة متناهية، ما يعكس التكامل الفريد بين التقنية والأتمتة داخل المصنع.

صرح عملاق بعقلية منضبطة

ورغم الأتمتة الواسعة والاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة، فإن العنصر البشري ما زال يحتل مكانة محورية داخل المصنع، آلاف المهندسين والفنيين الصينيين يديرون هذا الصرح العملاق بعقلية منضبطة ووعي عال بالمسؤولية الوطنية.

يقول أحد المهندسين المشرفين على خطوط الإنتاج إن العمل في باوستيل ليس مجرد وظيفة، بل هو مسؤولية وطنية. نحن ندرك أن كل لوح فولاذ ننتجه يدخل في مشروع ضخم، سواء في الصين أو في الخارج، ولهذا نضع الجودة فوق كل اعتبار.

وقال أحد المسؤولين: "نحن نؤمن بأن التكنولوجيا وحدها لا تكفي، بل يجب أن تُدار بعقل بشري واعٍ ومدرب، لذلك نحرص على تدريب فرقنا باستمرار ومتابعة أحدث تقنيات الفحص والاختبار لضمان أن كل منتج يغادر المصنع يعكس سمعة باوستيل العالمية.

بدوره، أشار "وانغ جينغ"، فني صيانة ميكانيكية بالشركة، إلى أنهم يعملون في بيئة مليئة بالتحديات التقنية، لكنهم فخورون بمواكبة التطور يومًا بعد يوم، موضحا أن التكنولوجيا هنا ليست بديلاً عن الإنسان، بل أداة تمكّنه من الإبداع.
وأشار إلي العمل على تطوير أنواع جديدة من الفولاذ الخفيف والعالي القوة لاستخدامها في السيارات الكهربائية والطائرات. هدفنا أن تكون باوستيل في طليعة الابتكار الصناعي عالميًا.

دور باوستيل في الاقتصاد العالمي

تمثل “باوستيل” اليوم أكبر منتج للصلب في الصين، وثاني أكبر منتج على مستوى العالم، إذ تصل منتجاتها إلى أكثر من 40 دولة، وتدخل في تصنيع كبرى العلامات التجارية في مجالات السيارات والطاقة والبنية التحتية.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.