10 مليارات دولار، المؤثرون الافتراضيون يخطفون ثلث سوق تسويق الأحلام بحلول 2026
الأربعاء، 12 نوفمبر 2025 09:38 ص
الذكاء الاصطناعي يغزو عالم الشهرة والبشر
القصة لم تعد خيالًا علميًا، بل واقعًا اقتصاديًا متناميًا يعيد تشكيل صناعة الإعلان والإعلام، ويطرح أسئلة جوهرية حول الأصالة، والإبداع، والوظائف البشرية في عصر الذكاء الاصطناعي.
الاقتصاد الجديد للشهرة.. خوارزميات تسوق الأحلام
تشير تقديرات شركة الأبحاث تويمبيت إلى أن 30% من ميزانيات التسويق عبر المؤثرين ستذهب للمؤثرين الافتراضيين بحلول 2026، ما يعني إعادة توزيع مئات الملايين من الدولارات داخل واحدة من أسرع الصناعات الإعلامية نموًا في العالم.
بلغ حجم سوق التسويق عبر المؤثرين 33 مليار دولار في 2025، ما يعني أن الذكاء الاصطناعي قد يسيطر على نحو 10 مليارات دولار من هذا السوق في أقل من عامين، السبب بسيط من وجهة نظر الشركات، أنه لا يطالب المؤثر الافتراضي بزيادة أجر أو حقوق ملكية، ولا يتعرض لفضائح أو زلات لسان تضر بالعلامة التجارية، كما يعمل على مدار الساعة بلغات متعددة وبصورة مثالية، إنه حلم المسوقين وكابوس المبدعين.
اقرأ أيضًا:
طفرة الذكاء الاصطناعي، هوس المستثمرين يواجه اختبار الواقع
تحول في هيكل السوق.. من اقتصاد النجوم إلى اقتصاد النماذج
حتى وقت قريب، كانت المعادلة بسيطة: كلما زاد عدد المتابعين، زاد تأثير المؤثر، وارتفع أجره، لكن دخول الشخصيات الاصطناعية غير اللعبة، فبدلاً من الاعتماد على شخصية بشرية ذات حياة وخبرة، أصبح بالإمكان تصميم مؤثر حسب الطلب بشكل، وصوت، ولهجة، وقصة محددة سلفًا تخدم أهداف الحملة.
هذه القدرة على إنتاج نجوم مبرمجين خلقت ما يمكن تسميته اقتصاد النماذج، حيث تتنافس وكالات الذكاء الاصطناعي على تصميم مؤثرين بصفات تناسب ثقافات وأسواق مختلفة.
فعلى سبيل المثال، يمكن لمؤثرة رقمية في الهند التحدث بالهندية والإنجليزية باللهجة المحلية، بينما تتحدث النسخة الموجهة للسوق العربي بلهجة خليجية أنيقة، في حين تستخدم النسخة الأوروبية ملامح أكثر طبيعية وتعبيرات وجه غربية المظهر، والنتيجة إنتاج جماهيري للشخصيات المؤثرة، تمامًا كما تنتج المصانع السلع.

الكفاءة الاقتصادية مقابل القيمة الإنسانية
من الناحية المالية، يوفر المؤثر الافتراضي كفاءة مذهلة، بحسب وكالة "رويترز"، تبلغ كلفة التعاون مع مؤثر رقمي نحو 4000 دولار للحملة، مقارنةً بأكثر من 8000 دولار لمؤثر بشري بنفس عدد المتابعين.
أما المؤثرة الافتراضية "أيتانا لوبيز" فتجني أكثر من 1100 دولار عن كل منشور، دون سفر أو تصوير أو فريق إنتاج، لكن هذا الوفر المالي يأتي على حساب القيمة الإنسانية، فالمؤثر الرقمي لا يعيش التجربة التي يروج لها.
لا يجرب منتج التجميل، ولا يعاني الإرهاق في جلسة تصوير، ولا يواجه الواقع الاجتماعي الذي يبني عليه جمهوره ثقته، وهذا ما يفسر نتائج دراسات "ماكينزي" و"جامعة فلوريدا"، التي أظهرت أن المستهلكين يعتبرون المؤثرين الافتراضيين أقل أصالة وأقل تأثيرًا على قرارات الشراء.
اقرأ أيضًا:
أرباح أغنى المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي في العالم 2025 (انفوجراف)
تأثير اجتماعي ونفسي.. الجمهور بين الانبهار والتشكيك
في استطلاع عالمي أجرته "YouGov" عام 2025، قال 23% فقط من المشاركين إنهم قد يتفاعلون مع مؤثرين افتراضيين، لكن الأرقام تتفاوت بشدة جغرافيًا:
- الهند: 55% منفتحون على التفاعل.
- الإمارات: 51%، وهي من أعلى النسب عالميًا.
- الولايات المتحدة وبريطانيا: 11% فقط.
هذا التباين يعكس الفروق الثقافية في تقبل الذكاء الاصطناعي، ففي مجتمعات شابة ومتصلة رقميًا مثل الهند والإمارات، ينظر إلى المؤثر الافتراضي كرمز للتطور والحداثة، بينما في الغرب يقابل غالبًا بالتشكيك والخوف من فقدان الأصالة.

الانعكاسات على سوق العمل الإبداعي
صعود المؤثرين الرقميين يعني تحولاً حادًا في سلاسل القيمة داخل الاقتصاد الإبداعي، فبدلاً من فرق بشرية تضم مصورين، ومصففي شعر، وفناني مكياج، ومنتجين، باتت الشركات تعتمد على فرق صغيرة من مصممين ومهندسي ذكاء اصطناعي يديرون شخصيات لا تمس الواقع.
والنتيجة، انكماش في الطلب على وظائف الإبداع التقليدي، وزيادة في الطلب على مهارات الذكاء الاصطناعي والتصميم ثلاثي الأبعاد، وفي قطاع الموضة تحديدًا، أعلنت "إتش آند إم" عن استخدام توائم رقمية لأكثر من 30 عارضة عام 2025، ما أثار قلقًا واسعًا داخل صناعة تعتمد على الأجساد الحقيقية والأداء الإنساني، لكن الشركة أكدت أن العارضات سيحتفظن بحقوق استخدام نسخهن الرقمية مقابل أجر، في محاولة لموازنة التكنولوجيا مع الأخلاقيات المهنية.
اقرأ أيضًا:
الصين تختبر روبوت عملاق لتحقيق حلم "الشمس الاصطناعية"
الجانب المظلم.. سرقة الإبداع وملكية الصورة
لا يتوقف الجدل عند حدود التسويق، فالفنانون والموسيقيون يشعرون بتهديد مباشر من الذكاء الاصطناعي الذي يدرب على أصواتهم وصورهم دون إذن.
في 2024، وقع أكثر من 200 موسيقي عالمي، بينهم بيلي آيليش وستيفي وندر، رسالة مفتوحة تطالب شركات التقنية بوقف استخدام الذكاء الاصطناعي في توليد الموسيقى دون ترخيص، وفي هوليوود، اعتبرت نقابة الممثلين الأميركيين (SAG-AFTRA) أن الممثلة الافتراضية "تيلي نوروود" تمثل سرقة رقمية للهوية الفنية، القضية لم تعد من سيؤدي الدور؟ بل من يملك الحق في الأداء؟ فهل الصورة والصوت ملك للشخص أم لخوارزمية تدربت عليه؟

القانون في مواجهة الخيال
أدركت الحكومات هذا التحدي مبكرًا، ففي 2024، أقر البرلمان الأوروبي قانون الذكاء الاصطناعي الذي يلزم الشركات بوضع إشارات واضحة على المحتوى المنتج آليًا، خصوصًا في حالات التزييف العميق، وفي الصين، تفرض تعليمات مماثلة، حيث يتوجب على كل منصة أن تدرج بيانات تعريفية مرئية ومشفرة تثبت أن المحتوى مولد رقميًا، هذه الخطوات تهدف إلى حماية الجمهور من الخداع، لكنها في الوقت ذاته تعترف بشرعية النجوم الافتراضيين كجزء من المشهد الإعلامي الرسمي.
اقرأ أيضًا:
روبوت قابل للارتداء، يقدم فوائد مزدوجة لمرضى السكتة الدماغية والتصلب الجانبي
من العالم الافتراضي إلى السياسة
في سبتمبر 2025، فاجأت ألبانيا العالم بإعلان تعيين أول وزيرة مولدة بالذكاء الاصطناعي تدعى "دييلا"، لتتولى إدارة المشتريات العامة ومكافحة الفساد، أثارت الخطوة إعجابًا واسعًا بين الشباب، لكنها طرحت سؤالاً عميقًا: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون مسؤولاً سياسيًا أو أخلاقيًا؟، حتى الآن، لا تزال دييلا تعمل تحت إشراف بشري كامل، لكنها تمثل بداية مرحلة جديدة من دمج الذكاء الاصطناعي في السلطة والإدارة العامة.

توازن جديد بين الإنسان والآلة
لا يبدو أن المؤثرين الافتراضيين سيقضون على المؤثرين البشر، بل سيعيدون تعريف مفهوم الشهرة نفسه، فالإنسان سيبقى مطلوبًا كمصدر للمعنى والعاطفة، بينما ستتولى الآلة الجانب البصري والروتيني من صناعة المحتوى.
الحد الفاصل بين المؤثر والنموذج يتلاشى، لتظهر حقبة جديدة من التوأمة بين الإنسان والآلة، حيث يمتلك كل شخص نسخته الرقمية، تؤدي مهام التسويق والتواصل نيابة عنه، في اقتصاد لا يعرف التعب ولا الزمن.
وهم يباع لكن من يشتريه؟
العالم اليوم لا يستهلك منتجات فحسب، بل يستهلك شخصيات وأوهامًا رقمية، وفي كل مرة يعجب فيها المستخدم بصورة مؤثرة افتراضية، يساهم ربما دون أن يدري في تمويل نموذج اقتصادي جديد يقوم على التحكم الكامل بالخيال، قد لا يكون هذا الوهم سيئًا بالضرورة، لكنه يذكرنا بأن الذكاء الاصطناعي لا يغير فقط طريقة عملنا، بل طريقة تصورنا للواقع نفسه.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا.
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
توقعات مقلقة تلوح في الأفق، فائض كبير يهدد سوق النفط العالمي حتى منتصف 2026
12 نوفمبر 2025 11:00 ص
خفض الفائدة يضع الاقتصاد الأمريكي داخل مربع النار
11 نوفمبر 2025 05:00 م
السعودية تقود الاستثمارات الجريئة في الشرق الأوسط بمليار دولار، والذكاء الاصطناعي يهيمن
11 نوفمبر 2025 03:00 م
أكثر الكلمات انتشاراً