الثلاثاء، 04 نوفمبر 2025

01:04 م

من الردع إلى الاقتصاد، التجارب النووية الأمريكية تفتح عصرًا جديدًا من التنافس العالمي

الثلاثاء، 04 نوفمبر 2025 12:10 ص

الاختبارات النووية

الاختبارات النووية

إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن إصدار أوامر باستئناف التجارب النووية لم يكن مجرد تصريح عابر في موسم انتخابي محتدم، بل خطوة رمزية تحمل أبعادًا سياسية واقتصادية واستراتيجية بالغة الدلالة. 

فبعد أكثر من ثلاثة عقود على آخر اختبار نووي أمريكي، يفتح هذا الإعلان الباب أمام سباق تسلح جديد، ويعيد ترتيب أولويات الأمن القومي في واحدة من أكثر اللحظات حساسية في السياسة العالمية.

التجارب النووية

توقيت التصريح لا يقل أهمية عن مضمونه، فالإدارة الأمريكية تواجه ضغوطًا داخلية مرتبطة بتباطؤ النمو، وارتفاع الإنفاق العسكري، وتراجع الثقة الدولية في قيادتها للنظام العالمي. 

ومن هنا، ينظر إلى الورقة النووية باعتبارها وسيلة لاستعادة الردع النفسي، ولتعزيز صورة القوة التي لا تنافس أمام خصمين استراتيجيين هما.. روسيا والصين.

من خطاب الردع إلى اقتصاد التسلح

التجارب النووية، سواء أكانت فعلية أم لا، ليست مجرد شأن عسكري، بل تحمل آثارًا اقتصادية مباشرة، فكل تجربة تتطلب تمويلاً ضخمًا، وإعادة تهيئة للبنية التحتية النووية، وتشغيل مراكز الأبحاث ومختبرات الطاقة والفيزياء العسكرية.

وفقًا لتقديرات مراكز الأبحاث الأمريكية، فإن إعادة إحياء برنامج الاختبارات النووية قد تكلف ما بين 10 إلى 20 مليار دولار خلال خمس سنوات، تشمل تحديث مواقع التجارب في نيفادا وتطوير تقنيات الرصد والمحاكاة.

لكن المكاسب الاقتصادية قصيرة الأجل قد تبدو مغرية لترامب، فالمجمع الصناعي العسكري الأمريكي الذي يضم عمالقة مثل لوكهيد مارتن ونورثروب جرومان ورايثيون، سيكون المستفيد الأكبر من أي دورة جديدة في سباق التسلح، عبر عقود جديدة لإنتاج أنظمة إطلاق وصواريخ استراتيجية ورؤوس نووية محدثة.

وبينما يرى بعض الخبراء أن هذه الخطوة قد تحفز الاقتصاد الصناعي الأمريكي مؤقتًا، يحذر آخرون من أن الإنفاق العسكري المفرط سيعمق العجز الفدرالي ويزيد الضغوط على الدين العام الذي تجاوز 37 تريليون دولار.

التجارب النووية

رسائل استراتيجية إلى بكين وموسكو

اقتصاديًا، تعكس هذه التصريحات محاولة لإعادة توزيع القوة الإنتاجية في مجالات التكنولوجيا الدفاعية المتقدمة، فواشنطن تسعى لتقويض الفجوة المتسارعة بينها وبين الصين في مجالات الذكاء الاصطناعي والفيزياء الكمية والأنظمة فرط الصوتية.

أما استراتيجيًا، فإن استئناف الاختبارات النووية أو حتى التلويح بها، يمثل وسيلة ضغط على روسيا والصين لإعادة التفاوض بشأن معاهدات الحد من الأسلحة، وعلى رأسها معاهدة “نيو ستارت” التي تقترب من الانتهاء.

وهو ما يشير إلى أن الاختبار النووي أصبح جزءًا من أدوات التفاوض الجيوسياسي وليس فقط خطوة عسكرية.

وتدرك موسكو وبكين أن أي اختبار أمريكي سيستخدم كورقة لتبرير تطوير جيل جديد من الأسلحة التكتيكية، ما يعني احتمالية اندلاع سباق تسلح نووي جديد، يرفع مستويات الإنفاق الدفاعي في العالم ويضغط على الموازنات العامة للدول الكبرى.

اقرأ أيضًا:

"بكين وواشنطن في سباق محتدم".. الطاقة النووية تدخل ساحة الذكاء الاصطناعي

انعكاسات اقتصادية عالمية محتملة

عودة الخطاب النووي الأمريكي إلى الواجهة تعني زيادة حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية، إذ ترتفع عادة أسعار المعادن الاستراتيجية مثل اليورانيوم والليثيوم مع كل توتر نووي، بينما تتراجع شهية المستثمرين تجاه الأصول الخطرة.

وقد يدفع تصاعد التوتر بين القوى الكبرى إلى زيادة الطلب على السلاح في الدول الحليفة للولايات المتحدة، ما ينعش قطاع الصناعات الدفاعية، لكنه في الوقت نفسه يهدد بتقليص الإنفاق المدني في مجالات الطاقة الخضراء والبنية التحتية.

بكلمات أخرى، قد يتحول الاستثمار في الردع إلى عبء طويل الأمد على الاقتصاد العالمي، خاصة مع احتمالية دخول روسيا والصين ودول أخرى في سباق موازي لتطوير ترساناتها.

التجارب النووية قديمًا

بين السياسة والواقع.. اختبار الردع الحقيقي

تاريخيًا، استخدمت واشنطن الورقة النووية أكثر كأداة تفاوضية وسياسية منها كخيار عسكري فعلي، لذلك، يرى مراقبون أن تصريحات ترامب تندرج ضمن سياسة التصعيد المحسوب التي تستهدف إعادة تعريف حدود القوة الأمريكية في النظام الدولي، في وقت يشهد فيه تراجعًا نسبيًا لنفوذها الاقتصادي أمام الصين.

ومع ذلك، فإن مجرد إعادة إدراج التجارب النووية في الخطاب الرسمي الأمريكي يكفي لإعادة العالم إلى أجواء الحرب الباردة، حيث يتغذى الاقتصاد على الخوف، وتبرر زيادة الإنفاق العسكري باسم الأمن القومي.

الاختبارات النووية، سواء عادت فعلاً أم بقيت مجرد تهديد، تجسد التحول من دبلوماسية التهدئة إلى اقتصاد التنافس المسلح.

ترامب، الذي يجيد تحويل القضايا الأمنية إلى أدوات انتخابية واقتصادية، ربما لا يسعى فعلاً إلى تفجير تحت الأرض بقدر ما يسعى إلى تفجير في موازين القوى العالمية.

وفي النهاية، قد لا تنفجر قنبلة نووية في الصحراء الأمريكية، لكن الأسواق المالية والأنظمة السياسية حول العالم بدأت بالفعل تتعامل مع وقع هذا الانفجار السياسي.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search