الثلاثاء، 04 نوفمبر 2025

08:46 م

إلغاء قمة بودابست، الأسواق تترقب والعالم على أعتاب تصعيد اقتصادي جديد

الثلاثاء، 04 نوفمبر 2025 05:42 م

ترامب وبوتين

ترامب وبوتين

ميرنا البكري

في خطوة فاجأت العديد من المراقبين، قررت واشنطن إلغاء قمة السلام التي كانت مقررة بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في بودابست، جاء هذا القرار الحاسم بعد أن أصرت موسكو على مطالبها القديمة، والتي شملت تنازلات حدودية جديدة من أوكرانيا، وتقليص قواتها العسكرية، وضمانات رسمية بعدم انضمامها لحلف شمال الأطلسي (الناتو). وقد اعتبرت واشنطن أن روسيا كانت تتجه إلى القمة بشروط المنتصر لا بشروط المتفاوض، مما دفع ترامب للتصريح بالقول: "لن نجلس من أجل مفاوضات بلا جدوى"، مؤكداً أن الجلوس في ظل هذه الظروف يعد مضيعة للوقت.

مكالمة دبلوماسية وراء إنهاء القمة

كشفت التفاصيل التي أوردتها صحيفة "فاينانشال تايمز" أن قرار إلغاء القمة اتُخذ بعد مكالمة هاتفية حاسمة بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأمريكي ماركو روبيو، وخلال المكالمة، كرر لافروف مطالب بوتين المعروفة بوضوح: تنازلات حدودية، وتقليص الجيش الأوكراني، وتعهد بعدم انضمام كييف إلى الناتو. وبناءً على هذه المكالمة، أبلغ روبيو ترامب بوضوح: “لا يوجد استعداد حقيقي للتفاوض من جانب موسكو”، ورغم أن أمريكا كانت قد أعلنت اهتمامها بالقمة قبل ساعات من الإلغاء، إلا أن هذا التطور يشير إلى أن الخلاف بين واشنطن وموسكو لم يكن حول نية التفاوض، بل حول شكل التسوية النهائية وطبيعة التنازلات المطلوبة.

أمريكا وروسيا: توافق سياسي على مبدأ المساومة والتفاوض
الحرب تستمر بين أمريكا وروسيا

أوكرانيا تسعى للتوازن بين السلام والمقاومة

صرح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: “نحن مستعدون للسلام، لكن لن ننسحب من أراضينا مرة أخرى”. هذا التصريح هو رسالة مزدوجة موجهة لواشنطن وموسكو على حد سواء، تؤكد سعي أوكرانيا لإثبات أنها لن تقبل بـ “سلام ناقص”، ويأتي هذا الموقف في وقت تزداد فيه الضغوط الاقتصادية على كييف، خاصة مع خسارة الاقتصاد الأوكراني لأكثر من 40% من ناتجه المحلي منذ بدء الحرب، وتباطؤ وتقطع المساعدات الغربية، مما يضع زيلينسكي في موقف صعب يتطلب الموازنة بين الاستمرار في المقاومة والحاجة الملحة للدعم الغربي.

استمرار حالة عدم اليقين في الأسواق

لم يكن إلغاء القمة مجرد فشل دبلوماسي، بل يحمل بعدًا اقتصاديًا مباشرًا يتمثل في استمرار حالة عدم اليقين في الأسواق الأوروبية والعالمية، إذ كان أي تقارب محتمل بين أمريكا وروسيا ليعني احتمال تهدئة للحرب، وبالتالي انخفاضًا في أسعار الطاقة والغذاء، أما الآن، فإن إلغاء القمة يترجمه المستثمرون إلى "استمرار للتوتر"، وهذا يقود إلى ثلاث نتائج اقتصادية مباشرة:

أسعار الطاقة: ستظل أسعار النفط والغاز متذبذبة في الاتجاه الصاعد، لا سيما أن أوروبا لا تزال تعاني من نقص في الإمدادات الروسية، ومع دخول فصل الشتاء، قد يعني أي توتر جديد احتمالية ارتفاع أسعار الغاز فوق 40 يورو لكل ميجاواط ساعة مجدداً.

الملاذات الآمنة والعملات: من المرجح أن يخرج الذهب كملاذ آمن يستفيد من تصريحات ترامب التي تشير إلى أن السلام لا يزال بعيد المنال. وفي المقابل، سيظل الدولار قوياً نسبياً أمام العملات الأوروبية التي تضعف بفعل المخاطر الجيوسياسية.

البورصات الأوروبية: قد تشهد البورصات الأوروبية موجة حذر جديدة، حيث تميل رؤوس الأموال إلى الهروب من المخاطرة والاتجاه نحو الأصول الأمريكية في كل مرة تفشل فيها مبادرة سلام.

محاولات المجر للعب دور الوسيط

من اللافت أن وزير الخارجية المجري بيتر سزيتارتو خرج بتصريحات عقب الإلغاء، موضحاً أن القمة لا تزال قائمة، لكن المناقشات تتعلق بتوقيتها، يعكس هذا الموقف محاولة من المجر للعب دور الوسيط والعودة إلى دائرة الضوء السياسية، وتحاول بودابست، التي أصبحت أقرب لموسكو من باقي دول الاتحاد الأوروبي، أن تقدم نفسها كـ "قناة تواصل" بين روسيا والغرب. لكن يبقى من الصعب أن تتمكن بودابست من تغيير الموقف الحاسم لواشنطن أو موسكو في ظل استمرار المعارك الميدانية وتوسع العقوبات الأمريكية التي فُرضت قبل ساعات من إعلان الإلغاء.

استمرار الحرب الاقتصادية كسلاح رئيسي

يعني إلغاء القمة ببساطة أن التهدئة ليست قريبة، فالولايات المتحدة ستستمر في استخدام العقوبات الاقتصادية كسلاح رئيسي ضد روسيا، لا سيما في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والدفاع، في المقابل، سترد موسكو بتشديد سيطرتها على صادرات الطاقة والمعادن النادرة التي يحتاجها العالم بشدة في الصناعة الخضراء وتصنيع الرقائق. وبذلك، يتجه العالم إلى مرحلة جديدة من الحرب الاقتصادية الباردة، حيث يضغط كل طرف بالاقتصاد بدلاً من السلاح المباشر.

كانت قمة بودابست يمكن أن تكون فرصة نادرة لفتح باب التهدئة، لكنها انتهت قبل أن تبدأ بسبب شروط روسية مستحيلة تتطلب تنازلات ميدانية. ففي الوقت الذي ترفض فيه أوكرانيا التنازل، ترفض أمريكا أن تظهر بمظهر الطرف الضعيف سياسياً، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات.

اقرأ أيضًا:-

ترامب يلمح لاتفاق تجاري مع الهند ويستبعد لقاء بوتين

ترامب: "إذا كنا بحاجة لفرض عقوبات على بوتين فسنفرضها"

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا.

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search