تامر مؤمن يكتب: المتحف المصري الكبير نموذج حي للتنمية المستدامة حين يلتقي التاريخ بالاستراتيجية
الأحد، 02 نوفمبر 2025 12:22 م
الدكتور تامر مؤمن
الدكتور تامر مؤمن
"حين يلتقي التاريخ بالاستراتيجية" هو ما يمثله افتتاح المتحف المصري الكبير من حدثًا فارقًا في التاريخ المصري الحديث، ليس فقط بوصفه أكبر متحف أثري في العالم مخصص لحضارة واحدة، بل باعتباره مشروعًا استراتيجيًا متكاملًا يجمع بين الثقافة والاقتصاد والتنمية المستدامة. إنه مشروع يترجم رؤية مصر 2030 إلى واقع ملموس، حيث تصبح الثقافة قوة اقتصادية ناعمة، والسياحة رافعة للنمو، والهوية الوطنية مصدرًا متجددًا للثقة والانتماء.
إن المتحف كأصل وطني واستثمار طويل الأجل يمتلك رأس مال ثقافي حيث يضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، بما فيها المجموعة الكاملة لتوت عنخ آمون، وهو ما يجعله أصلًا وطنيًا ذا قيمة اقتصادية غير قابلة للاستنساخ. ولا يقتصر دوره على العرض الأثري، بل يمتد إلى البحث العلمي، التعليم، والتكنولوجيا المتحفية الحديثة كقيمة مضافة، ما يخلق سلاسل قيمة جديدة مرتبطة بالمعرفة. ويعتبر استثمار طويل الأجل فهو ليس مشروعًا قصير الأمد، بل هو أصل استراتيجي يولّد عوائد اقتصادية وسياحية مستدامة لعقود قادمة.
يعد المتحف المصري الكبير نموذج حي لتطبيق التنمية المستدامة بما يمتلكه تصاميم اعتمدت على معايير كفاءة الطاقة وإدارة الموارد، ليكون نموذجًا للبنية التحتية الخضراء (البعد البيئي). ووفر مشروع انشاء المتحف آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، وأسهم في رفع مهارات العاملين في مجالات السياحة والخدمات الثقافية (البعد الاجتماعي).
أما عن (البعد الاقتصادي) فيعزز المتحف من قدرة مصر على تنويع مصادر الدخل القومي، عبر السياحة الثقافية، الصناعات الإبداعية، والحرف التراثية، ويملك أثر كبير على لاقتصاد الكلى عبر:
- "تنشيط السياحة الدولية" فمن المتوقع أن يجذب المتحف ملايين الزوار سنويًا، ما يرفع إيرادات السياحة ويزيد من تدفقات النقد الأجنبي.
- "تحفيز الصناعات المكملة" النقل، الفنادق، المطاعم، التجارة، والحرف اليدوية والتي ستشهد نموًا متسارعًا خلال الفترة القادمة.
- "تحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي" من خلال زيادة في الناتج المحلي الإجمالي من قطاع السياحة، وتحسن في ميزان المدفوعات عبر زيادة الصادرات الخدمية وخلق موارد مستدامة بالنقد الأجنبي.
- "تعزيز القوة الناعمة" المتحف يرسخ صورة مصر كدولة رائدة حضاريًا، ما ينعكس إيجابًا على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
ويتكامل المتحف المصري الكبير مع أهداف رؤية مصر 2030 في عدة محاور منها الاقتصاد التنافسي والمتنوع عبر تنويع مصادر الدخل وتعزيز قطاع السياحة الثقافية، والعدالة الاجتماعية من خلال توفير فرص عمل وتحفيز الصناعات الصغيرة والمتوسطة المرتبطة بالتراث، والتنمية البيئية عبر الالتزام بمعايير الاستدامة في التصميم والتشغيل، وأخيرا الريادة الإقليمية بتعزيز مكانة مصر كمركز عالمي للثقافة والسياحة المستدامة.
ولتعظيم العائد من المتحف المصري الكبير يحب ان يكون هناك تسويق دولي متكامل من إطلاق حملات ترويجية تربط المتحف بالهوية المصرية الحديثة، مع استهداف أسواق سياحية جديدة في آسيا وأمريكا اللاتينية، وتكوين شراكات استراتيجية بالتعاون مع مؤسسات ثقافية عالمية لتعزيز البحث العلمي والمعارض المؤقتة ودعم الاقتصاد الإبداعي من خلال دعم الصناعات المرتبطة بالتراث (الحرف، التصميم، المنتجات الثقافية) وربطها بالعلامة التجارية للمتحف.
ويعد من اهم جوانب الاستفادة وتعظيم المنفعة هو الاستثمار في التكنولوجيا والتحول الرقمي للمتحف عبر جولات افتراضية ومنصات تعليمية، ما يوسع قاعدة المستفيدين عالميًا، مع وضع آليات للحوكمة المستدامة لإدارة المتحف وفق معايير الشفافية والكفاءة، بما يضمن استدامة العوائد الاقتصادية والاجتماعية.
إن افتتاح المتحف المصري الكبير ليس مجرد حدث ثقافي، بل هو "قرار استراتيجي" يعكس قدرة مصر على تحويل موروثها الحضاري إلى "أصل اقتصادي مستدام" إنه مشروع يربط بين الماضي والحاضر والمستقبل، ويجسد رؤية مصر 2030 في جعل الثقافة والسياحة "قاطرة للتنمية الشاملة".
بهذا الافتتاح، تؤكد مصر أنها لا تكتفي بأن تكون ذاكرة التاريخ، بل تصنع حاضرها وتخطط لمستقبلها، لتظل دائمًا في موقع الريادة الحضارية والاقتصادية.
Short Url
رئيس هيئة الرقابة المالية يكتب: المتحف المصري الكبير.. ثروة التراث ومشروع المستقبل
02 نوفمبر 2025 06:01 م
محمد عامر يكتب: المتحف المصري الكبير انطلاقة جديدة تقود نمو السياحة لأعلى مستوياتها
01 نوفمبر 2025 06:13 م
محمود نجلة يكتب.. المتحف المصري الكبير ليس فقط استثماراً حكومياً بل منصة لتنشيط الاقتصاد
01 نوفمبر 2025 04:06 م
أكثر الكلمات انتشاراً