إعفاء الصادرات المصرية إلى الصين من الرسوم الجمركية، ما المكاسب الاقتصادية المتوقعة لمصر؟

الأربعاء، 29 أكتوبر 2025 11:46 م

صادرات

يستعد الاقتصاد المصري لحدث تجاري واقتصادي مهم خلال الأيام المقبلة، مع اقتراب بدء تنفيذ قرار الصين بإعفاء الصادرات المصرية من الرسوم الجمركية نهاية نوفمبر المقبل، ضمن مبادرة بكين الجديدة "الشراكة من أجل التنمية".

ويعتبر القرار الذي أعلن عنه السفير الصيني في القاهرة، لياو ليتشيانج، الأسبوع الماضي، تحولًا محوريًا في مسار العلاقات الاقتصادية بين البلدين، إذ ينقلها من مستوى الشراكة التقليدية إلى مستوى أعمق من التكامل الصناعي والتجاري، ويرسخ مكانة مصر كمركز محوري في شبكة التجارة الصينية مع الشرق الأوسط وإفريقيا.

خطوة تعيد رسم خريطة التعاون التجاري المصري الصيني

يمثل القرار الصيني أحد أهم التحولات في تاريخ العلاقات التجارية بين القاهرة وبكين، ويعكس رغبة واضحة من ثاني أكبر اقتصاد في العالم في تعزيز التعاون الاقتصادي مع مصر.

ويأتي ذلك في ظل ما تمتلكه مصر من مقومات تنافسية، تشمل موقعًا جغرافيًا فريدًا واتفاقات تجارة حرة تربطها بأكثر من 60 دولة، ما يجعلها بوابة مثالية لتوسع الصادرات الصينية والإنتاج المشترك نحو الأسواق الإقليمية.

وتأتي هذه الخطوة في ظل العلاقات الاقتصادية المتنامية بين مصر والصين، يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 17 مليار دولار في عام 2024، مقابل 16 مليار دولار في عام 2023، بزيادة قدرها 6%.

كما تعتبر الصين من أكبر الشركاء التنمويين لمصر، و تحتل المرتبة العاشرة بين الدول المستثمرة في مصر، فيما تستهدف الحكومة المصرية رفع ترتيبها إلى قائمة أكبر 5 مستثمرين خلال السنوات المقبلة.

وتتطلع بكين في المقابل إلى زيادة وارداتها من السوق المصرية دعمًا لشركاتها وتعزيزًا للعلاقات الاقتصادية والسياسية بين الجانبين في ظل تنامي الشراكة خلال الأعوام الأخيرة.

خفض التكاليف وتعزيز تنافسية المنتج المصري

ويحمل الإعفاء الجمركي أثرًا مباشرًا على خفض تكلفة الصادرات المصرية إلى الصين، إذ كانت الرسوم المفروضة سابقًا تتراوح بين 5% و25% حسب نوع السلعة.

إلغاء هذه الرسوم يعني دخول المنتجات المصرية إلى السوق الصيني بأسعار أكثر تنافسية، خاصة في قطاعات الزراعة، والمنسوجات، والكيماويات، وهي قطاعات تمتلك فيها مصر ميزة نسبية قوية.

ويتوقع خبراء أن يسهم القرار في رفع قيمة الصادرات المصرية إلى الصين من نحو 1.5 مليار إلى 5 مليارات دولار خلال 5 سنوات، بما يعزز الحصيلة الدولارية ويدعم خطة الدولة للوصول إلى صادرات سنوية بقيمة 145 مليار دولار بحلول عام 2030.

اقتصاديون: تعاون مكثف بين مصر والصين خلال المرحلة القادمة مدفوعا بترفيع العلاقات بين البلدين - بوابة الأهرام

فتح أكبر سوق استهلاكي في العالم أمام المنتجات المصرية

بإعفاء الصادرات من الرسوم، تفتح الصين سوقها الضخم الذي يضم أكثر من 1.4 مليار مستهلك أمام المنتجات المصرية، وهو ما يتيح فرصًا واسعة للانتشار في آسيا، وتوسيع قاعدة الطلب على السلع المصرية.

كما يمثل القرار فرصة لمصر لإعادة هيكلة صادراتها باتجاه منتجات صناعية وزراعية ذات قيمة مضافة، بدلًا من الاعتماد على المواد الخام.

تحسين الميزان التجاري ودعم الاحتياطي النقدي

يميل الميزان التجاري بين مصر والصين منذ سنوات لصالح بكين، إذ تبلغ الصادرات المصرية نحو 1.8 و2 مليار دولار مقابل واردات تتجاوز 18 مليار دولار.

ومن المتوقع أن يسهم القرار الجديد في تقليص العجز التجاري تدريجيًا، مع زيادة نفاذ الصادرات المصرية إلى السوق الصيني، وتحسن تدفقات النقد الأجنبي من عائدات التصدير، ما يدعم ميزان المدفوعات وقيمة الجنيه المصري على المدى المتوسط.

تحفيز الاستثمارات الصينية في مصر

لا يقتصر أثر القرار على الصادرات فحسب، بل يمتد إلى جذب موجة جديدة من الاستثمارات الصينية في مصر، إذ تسعى الشركات الصينية للاستفادة من الموقع الجغرافي المصري واتفاقاته التجارية لتصنيع منتجاتها محليًا وإعادة تصديرها.

ويترجم ذلك فعليًا في توسع منطقة "تيدا" الصينية المصرية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، التي تضم أكثر من 200 شركة باستثمارات تتجاوز 3 مليارات دولار وتوفر 70 ألف فرصة عمل مباشرة.

كما أشار المستشار محسن الششتاوي، المدير التنفيذي لمؤسسة رجال الأعمال المصريين الصينيين، إلى أن الاستثمارات الصينية الحالية في مصر تبلغ نحو 9 مليارات دولار موزعة على 2900 شركة تعمل في العديد من المجالات مثل الطاقة والصناعة والخدمات اللوجيستية، وفقًا لبيانات مؤسسة رجال الأعمال المصريين الصينيين.

صادرات مصر السلعية ترتفع 6% خلال أول شهرين من 2024 - Economy Plus

وتوقع الششتاوي، في تصريحات تليفزيونية، أن ترتفع إلى 16 مليار دولار خلال 4 سنوات بفضل الإعفاء الجمركي الذي يعزز ثقة المستثمر الصيني في السوق المصري.

القطاعات الأكثر استفادة من الإعفاء الجمركي

ووفقًا لعدد من الخبراء، فإن أبرز القطاعات المستفيدة من القرار تشمل كل من الحاصلات الزراعية مثل البرتقال والبلح والعنب، والرخام والجرانيت والمواد البنائية، والقطن المصري طويل التيلة والكتان.

كما أن الشركات الصينية العاملة في مصر، والبالغ عددها نحو 3000 شركة باستثمارات تقارب 9 مليارات دولار، يمكن أن تلعب دورًا محوريًا في تعزيز حركة التصدير من مصر إلى الصين، خاصة في الصناعات النسيجية والملابس الجاهزة.

انعكاسات القرار على الاقتصاد الكلي المصري

وأوضح خبراء الاقتصاد، أن الإعفاء الجمركي سيترك آثارًا إيجابية متعددة على الاقتصاد الكلي المصري خلال العام المقبل، ومن أبرزها زيادة تدفقات النقد الأجنبي من عائدات الصادرات، وتراجع العجز التجاري مع الصين وتحسن ميزان المدفوعات، وتعزيز قيمة الجنيه المصري تدريجيًا مع ارتفاع موارد العملة الصعبة.

بالإضافة إلي تنويع الأسواق التصديرية وتقليل الاعتماد على الأسواق التقليدية في أوروبا والعالم العربي، وجذب استثمارات صناعية جديدة من الشركات الصينية والعالمية الراغبة في دخول إفريقيا عبر البوابة المصرية.

شراكة استراتيجية جديدة بين مصر والصين

يمثل القرار الصيني الجديد، خطوة تتجاوز البعد التجاري إلى إطار استراتيجي شامل، وينسجم مع اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين البلدين التي تركز على تطوير البنية التحتية والطاقة المتجددة والتكنولوجيا الحديثة والصناعات المغذية.

كما يعكس هذا التطور ثقة الصين في قدرات الاقتصاد المصري واستقراره، وحرصها على توطيد الشراكة التنموية بما يخدم مصالح الطرفين.

مصر أمام فرصة تاريخية

لا يعتبر إعفاء الصين الصادرات المصرية من الرسوم الجمركية، مجرد إجراء اقتصادي، بل يعد خطوة استرتيجية وهامة في مسار العلاقات الثنائية، ويفتح أمام مصر بوابة عملاقة تجاه أكبر الأسواق العالمية، ويمنحها فرصة لتعزيز التصنيع المحلي، وزيادة مواردها الدولارية، وإعادة تموضعها في سلاسل القيمة العالمية، في خطوة تضع الاقتصاد المصري على طريق جديد من التكامل الصناعي والتجاري.

اقرأ ايضًا:

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.