الخميس، 30 أكتوبر 2025

05:49 م

الفيدرالي أمام مفترق جديد، هل يبدأ زمن التيسير بعد أطول تشديد في التاريخ الحديث؟

الأربعاء، 29 أكتوبر 2025 01:00 م

مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي

مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي

تتجه أنظار العالم مجددًا إلى واشنطن، حيث يستعد مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لعقد اجتماعه الحاسم غدًا وسط حالة من الترقب الحذر التي تسود الأسواق المالية. 

فبعد أكثر من ثلاث سنوات من سياسة نقدية متشددة هي الأطول منذ ثمانينيات القرن الماضي، يتساءل المستثمرون والمحللون: هل حان الوقت لتغيير الاتجاه، أم أن الفيدرالي لا يزال يرى أن معركة التضخم لم تنته بعد؟

يأتي الاجتماع المرتقب في لحظة حساسة من الدورة الاقتصادية العالمية، حيث تتقاطع مؤشرات متناقضة: تضخم في مسار هابط، ونمو اقتصادي متباطئ، واستمرار القلق حيال الاستقرار المالي والإنفاق الاستهلاكي، هذه المعادلة المعقدة تجعل من أي قرار للفيدرالي، سواء بالتثبيت أو التيسير، حدثًا يتجاوز حدود الولايات المتحدة ليهز أركان الاقتصاد العالمي بأسره.

الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي 

ملامح المشهد النقدي الأمريكي.. بين السيطرة على التضخم ومخاطر الركود

منذ مارس 2022، رفع الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بوتيرة هي الأسرع في تاريخه الحديث، في محاولة لكبح جماح التضخم الذي بلغ ذروته منتصف عام 2022، وقد نجحت هذه السياسة نسبيًا، إذ تراجعت معدلات التضخم خلال 2024 لتقترب تدريجيًا من المستوى المستهدف البالغ 2%، لكن هذا النجاح جاء على حساب تباطؤ النمو وزيادة الضغوط على سوق العمل، فقد بدأت إشارات ضعف التوظيف واعتدال الأجور تظهر بوضوح، ما دفع الأسواق إلى توقع تحول في نبرة الفيدرالي من التشديد إلى الحياد الحذر.

وتشير التقديرات الحالية إلى أن احتمال تثبيت أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل يتجاوز 80%، مع ترجيحات ببدء دورة خفض تدريجية في النصف الأول من عام 2026 إذا واصل التضخم مساره الهابط دون اضطرابات في سوق العمل.

ثلاثة متغيرات تحدد مسار القرار

قرار الفيدرالي المنتظر لن يكون مبنيًا على رقم واحد، بل على مزيج من ثلاثة متغيرات رئيسية:

معدل التضخم الأساسي: لا يزال فوق المستهدف، ما يجعل أي خفض سريع للفائدة محفوفًا بمخاطر عودة الأسعار إلى الارتفاع.

معدلات البطالة: التي بدأت تميل إلى الارتفاع، ما يعكس هشاشة سوق العمل ويضع ضغطًا سياسيًا واقتصاديًا على الفيدرالي لعدم المبالغة في التشديد.

عوائد السندات الأمريكية: التي تشهد تذبذبًا حادًا، ما يعكس حساسية الأسواق لأي إشارة من البنك المركزي حول توجهاته المقبلة.

في ضوء هذه العوامل، من المرجح أن يتبنى الفيدرالي نبرة حذرة، مع تثبيت مؤقت للفائدة وإرسال رسائل تؤكد أن أي خفض قادم سيكون مشروطًا باستقرار مؤشرات الأسعار والنمو بشكل مستدام.

الفيدرالي الأمريكي

القرار الأمريكي وتأثيره العالمي.. العالم يترقب الإشارة

قرار الفيدرالي لا يقتصر على كونه شأنًا داخليًا، بل هو في جوهره إشارة مرجعية لبقية البنوك المركزية حول العالم، فخفض الفائدة الأمريكية سيغير خريطة تدفقات رؤوس الأموال العالمية، إذ سيدفع المستثمرين إلى البحث عن عوائد أعلى في الأسواق الناشئة، مما قد يدعم عملات تلك الاقتصادات ويزيد من تدفق الاستثمارات قصيرة الأجل إليها.

في المقابل، استمرار الفائدة المرتفعة يعني تشديدًا إضافيًا على الاقتصادات النامية التي تواجه أصلاً تحديات في التمويل الخارجي وارتفاعًا في أعباء خدمة الديون المقومة بالدولار، كما سينعكس القرار مباشرة على أسعار السلع الأساسية، لأن تثبيت أو خفض الفائدة عادةً ما يدعم الذهب والنفط نتيجة ارتفاع الطلب على الأصول الحقيقية، بينما يؤدي استمرار التشديد إلى تعزيز الدولار والضغط على أسعار السلع المقومة به.

اقرأ أيضًا:

الفيدرالي الأمريكي يعلن مصير أسعار الفائدة وتوقعات بالتخفيض، غدًا

الانعكاسات العربية والمصرية.. بين الفرصة والضغوط

في المنطقة العربية، يرتبط المشهد النقدي الأمريكي مباشرة باتجاهات السياسات المحلية، خاصة في الدول التي تربط عملاتها بالدولار مثل دول الخليج، حيث تتبع قرارات الفيدرالي بشكل شبه تلقائي للحفاظ على استقرار أسعار الصرف، أما في مصر، فإن استمرار معدلات الفائدة الأمريكية المرتفعة سيزيد الضغط على الجنيه المصري بسبب اتساع فجوة العائد بين الداخل والخارج، ما يعقد جهود البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة محليًا، كما أن ارتفاع تكلفة الاقتراض الدولي سيحد من قدرة الحكومة على تمويل العجز بتكلفة منخفضة.

لكن في المقابل، فإن أي تلميح من الفيدرالي نحو التيسير النقدي سيكون بمثابة نافذة فرصة لمصر، إذ قد يعزز تدفقات الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين، ويدعم جاذبية العملة المحلية، خصوصًا في ظل تباطؤ التضخم المحلي واستقرار السياسة النقدية.

ترامب وباول

الجدل السياسي.. ترامب يهاجم وباول يلتزم بالحياد

في خضم هذه التطورات، دخل البعبع السياسي على الخط مجددًا، ولم يكل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الهجوم الحاد على رئيس الفيدرالي جيروم باول، متهمًا إياه بالتأخر في خفض الفائدة ومطالبًا بخطوات أكثر جرأة لتحفيز الاقتصاد. هذه الانتقادات أعادت إلى الواجهة مسألة استقلالية السياسة النقدية عن الضغوط السياسية، إذ أكدت شخصيات مصرفية بارزة، مثل لوريتا ميستر، الرئيسة السابقة لبنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلان أن أي خفض متسرع للفائدة قد يضر بمصداقية البنك المركزي ويشعل التضخم مجددًا.

اقرأ أيضًا:

السماء الأمريكية تترنح تحت وطأة الإغلاق، نقص حاد في مراقبي الحركة الجوية يهدد قطاع النقل

نهاية مرحلة التشديد.. إشارات من داخل الفيدرالي

هناك اتجاهًا شبه جماعي داخل الفيدرالي لإنهاء برنامج التشديد الكمي هذا الشهر، بعد أن تم سحب أكثر من 2 تريليون دولار من السندات الحكومية منذ عام 2022، مما أدى إلى تشديد ظروف التمويل في الأسواق. ويرى محللون مثل كريشنا جوها من “إيفركور أي إس آي” أن الفيدرالي بات أقرب إلى نقطة التوازن، بينما أكد ريتش كلاريدا، نائب رئيس الفيدرالي السابق، أن “الرسالة الأهم الآن هي أن البنك مستعد لإنهاء مرحلة التشديد بحذر، مع إبقاء الباب مفتوحًا أمام الخفض لاحقًا”.

الفيدرالي الأمريكي

ما بعد الاجتماع

اجتماع الفيدرالي غدًا، لن يكون مجرد قرار تقني حول سعر الفائدة، بل اختبار لثقة الأسواق في قدرة البنك المركزي الأمريكي على إدارة مرحلة الانتقال من التشديد إلى الاستقرار دون انزلاق الاقتصاد نحو الركود. التثبيت سيفسر كإشارة إلى أن الفيدرالي ما زال يرى مخاطر تضخمية كامنة، بينما سيعتبر أي ميل نحو الخفض بداية دورة تيسير جديدة قد تعيد التوازن بين النمو والسيولة.

في الحالتين، ستبقى رسالة الفيدرالي للعالم واحدة: أن السياسة النقدية الأمريكية لا تزال تمسك بمفاتيح اتجاه الاقتصاد العالمي، وأن كل كلمة تصدر من واشنطن كفيلة بتغيير خريطة المال في العالم.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search