التعافي الصناعي للصين، أرقام مشرقة وواقع اقتصادي معقد

الإثنين، 27 أكتوبر 2025 07:54 م

الصناعة الصينية

ميرنا البكري

بعد شهور طويلة من التراجع والضباب الاقتصادي، تسجل الصين أعلى نمو في أرباحها الصناعية من عاميين تقريبًا 21.6% في سبتمبر بعد أن كانت 20.4% في أغسطس، وهذه النتيجة جعلت الكثير من المراقبين أن الاقتصاد الصيني عاد للانتعاش مرة أخرى، لكن حقيقة الأمر أعمق من ذلك، لأن خلف هذه الأرقام هناك سياسات وأزمات وضغوط خارجية، ومخاطر داخلية لازالت تتفاعل داخل ثاني اكبر اقتصاد في العالم.

زيادة في الإنتاج الصناعي الصيني للشهر الثاني | اندبندنت عربية — **الصناعة الصينية**

من الحرب السعرية للتوازن، بكين تمسك العصا من المنتصف

منذ يوليو الماضي، قرر الحزب الشيوعي أن يتدخل بنفسه في السوق لكي يوقف "حروب الأسعار" التي جعلت الشركات تخسر، فهذه الخطوة كانت بداية سياسة جديدة لإعادة التوازن بين العرض والطلب، وبالفعل يتضح من البيانات أن هوامش ربح الشركات الصناعية تحسنت، وأن مؤشر أسعار المنتجين بدأ يتحرك بشكل إيجابي لأول مرة منذ شهور، بمعنى آخر استطاعت الحكومة منع النزيف وخلق أرضية مستقرة للنمو الصناعي.

رغم هذه الانتعاشة، لايزال اقتصاد الصين بعيدًا عن الاستقرار الحقيقي، كما أن سوق العقارات في أزمة مزمنة، والبطالة بين الشباب لازالت مرتفعة، بالإضافة إلى أن الحكومات المحلية غارقة في الديون، مما يجعل كل هذا مكسب صناعي معرض للتراجع بسرعة إذا لم يوجد طلب محلي، وبالفعل تباطأ الناتج المحلي الإجمالي من 5.2% في الربع الثاني لـ 4.8% في الربع الثالث، مما يعني أن النمو الصناعي غير كافي بمفرده لتحقيق هدف الحكومة الرسمي "5%" لهذا العام.

الشركات الحكومية ضد الخاصة، الفارق واضح

كشفت البيانات أن الشركات الخاصة سجلت نمو أرباح بـ 5.1% في أول 9 أشهر من العام، بينما الشركات الحكومية خفضت أرباحها بنسبة 0.3%، والفرق هنا يعكس أن القطاع الخاص بدأ يستفيد أسرع من تحفيزات السوق، وأن الشركات الحكومية ثقيلة الحركة ومكبلة بسياسات تشغيلية، مما يعين أن المعادلة الجديدة للنمو الصيني ستعتمد أكثر على مرونة الشركات الخاصة، وليس المؤسسات الحكومية.

التعافي الصيني بين الحقيقة والأرقام الرسمية

يعود جزء من الارتفاع القوي في الأرباح لما يُسمى بتأثير سنة الأساس"، سجل الأداء الصناعي في سبتمبر وأغسطس 2024، أداء ضعيف للغاية، فبالتالي أي تحسن في هذا العام يتضح أنه ضخم نسبيًا، وهذا الذي جعل بنك نومورا يتوقع تباطؤ في معدل النمو في أكتوبر وذلك عند مقارنة الأرقام بفترة أقوى نسبيًا، بمعى آخر الصين تتعافى بالفعل، لكن جزء من الصورة متضخم بسبب المقارنة وليس بسبب الطفرة حقيقية في الطلب.

المستهلك الصيني لايزال حذر

لايزال الطلب المحلي واجه عدة تحديات، فأعلنت شركات مثل تشان تشو بينتزيهوانج أكبر منتج للأدوية الصينية التقليدية، أن أرباحها تراجعت بنسبة 28.8% في الربع الثالث.

وهذا دليل على أن المستهلكين الصينيين ليس لديهم استعداد للإنفاق على الكماليات أو المنتجات “الاختيارية” مما يشكل خطرًا على استدامة النمو الصناعي، لأن المصانع تحتاج عميل داخلي قبل الاعتماد على على التصدير فقط.

تعافي تدريجي، وليس طفرة مفاجئة

إذا استمرت الحكومة في مسار إعادة التوازن، قد تحافظ الصين على نمو سنوي قريب من 4.8 لـ 5% في 2025، لكن استمرار أزمة العقارات أو ضعف الاستهلاك سيجعل التعافي بطيء، وفي المقابل، قد يفتح الاستثمار في التكنولوجيا والمعدات عالية الجودة مسار نمو جديد للصناعة الصينية في القطاعات المتقدمة كالشرائح الإلكترونية والطاقة النظيفة).

التعافي الصناعي خطوة هامة، لكن الطريق لايزال طويلًا

النتائج الأخيرة بالفعل إيجابية وتثبت أن بكين بدأت تسيطر على فوضى السوق الصناعي، لكن لايزال الطريق طويلًا، لأن الاقتصاد لابد أن يقوم على الإنتاج بمفرده بل طلب داخلي وثقة مستهلك واستقرار مالي، وكل هذه ملفات لاتزال تتعامل معها الحكومة خطوة بخطوة.

التنين الصيني يتراجع خطوة، تباطؤ النمو يضع بكين أمام اختبار صعب

التضخم الصيني عالق بين «تسارع المستهلكين» و«انكماش المنتجين» — **المستهلك الصيني**

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.