الجمعة، 24 أكتوبر 2025

11:49 م

العقوبات الأمريكية تشعل فتيل سباق الأسعار، هل يقترب النفط من 100 دولار؟

الجمعة، 24 أكتوبر 2025 09:02 م

العقوبات الأمريكية تشعل فتيل سباق الأسعار

العقوبات الأمريكية تشعل فتيل سباق الأسعار

في خطوة وصفت بأنها الأعنف منذ الحرب الباردة، فرضت الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب عقوبات شاملة على عملاقي النفط الروسيين روسنفت ولوك أويل، لتفتح بذلك جبهة جديدة في حرب الطاقة العالمية، وتثير مخاوف من عودة أسعار النفط إلى مستويات ثلاثية الأرقام التي لم يشهدها السوق منذ ذروة أزمة الطاقة في 2022.

روسنفت 

شرارة العقوبات

العقوبات جاءت بعد أشهر من التوتر المتصاعد بين واشنطن وموسكو، وسط فشل جهود ترامب في دفع الكرملين لإنهاء حرب أوكرانيا التي دخلت عامها الرابع. 

وفي بيان حاد اللهجة، أعلن وزير الخزانة الأمريكي "سكوت بيسنت" أن روسيا رفضت إنهاء الحرب العبثية، مشيرًا إلى أن العقوبات الجديدة تستهدف شرايين التمويل الروسية.

وسرعان ما انعكست هذه الخطوة على أسواق الطاقة العالمية، إذ قفز خام برنت بنحو 6% إلى 66 دولارًا للبرميل فور الإعلان، فيما يتوقع محللون أن تكون هذه مجرد بداية لموجة ارتفاعات جديدة قد تمتد إلى مستويات غير مسبوقة منذ عامين.

عقدة العرض الروسي

تصدر روسنفت ولوك أويل معًا نحو 3.1 مليون برميل يوميًا، ما يعادل 6% من إنتاج النفط العالمي، وبذلك، فإن أي اضطراب في صادرات الشركتين يعني عمليًا سحب ملايين البراميل من السوق، وهو ما يعزز من توقعات نقص المعروض وارتفاع الأسعار.

تشير تقديرات الحكومة البريطانية إلى أن روسنفت وحدها مسؤولة عن نصف إنتاج روسيا النفطي، مما يجعل استهدافها ضربة مباشرة لعصب الاقتصاد الروسي، الذي يعتمد على إيرادات الطاقة لتغطية ربع ميزانيته الفيدرالية.

النفط الروسي

الهند في مفترق طرق

رد فعل الأسواق الآسيوية لم يتأخر، فالهند أكبر مشتري آسيوي للنفط الروسي بعد الصين بدأت بالفعل تقليص وارداتها تحسبًا للعقوبات الثانوية الأمريكية. 

ووفقًا لتقارير محلية، تستعد شركة ريلاينس إندستريز لوقف وارداتها من الخام الروسي، في خطوة تهدف إلى حماية مصالحها التجارية في السوق الأمريكية.

هذا التحول، إن حدث على نطاق واسع، سيعيد رسم خريطة تدفقات النفط عالميًا، إذ سيفقد الروس منفذهم الأهم إلى آسيا، بعد أن أُغلق الباب الأوروبي في وجوههم بفعل العقوبات السابقة.

اقرأ أيضًا:

العقوبات الأمريكية تجبر الشركات الصينية على تعليق مشتريات النفط الروسي

خسائر بمليارات.. وتعويض جزئي بالأسعار

تقديرات مراكز الأبحاث الغربية تشير إلى أن نجاح العقوبات الأمريكية في عزل روسنفت ولوك أويل قد يكلف روسيا ما يقارب 109 مليارات دولار سنويًا من عائدات النفط، وهو رقم يوازي تقريبًا كامل ميزانية موسكو العسكرية.

لكن المفارقة أن ارتفاع الأسعار الناتج عن نقص المعروض قد يمنح الكرملين متنفسًا غير متوقع، فكل قفزة بـ10 دولارات في سعر البرميل قد تعوض جزءًا كبيرًا من تراجع حجم الصادرات، وكأن موسكو تخسر في الكمية، لكنها تعوض في السعر.

اليورانيوم 

أوروبا بين المطرقة والسندان

على الجانب الآخر، تجد الأسواق الأوروبية نفسها أمام مأزق جديد، فبينما تحاول بروكسل فرض سقف لسعر النفط الروسي، تتدفق المنتجات النفطية المكررة القادمة من الصين والهند وتركيا، والتي تحتوي على خام روسي بالأصل إلى الموانئ الأوروبية بأسعار متزايدة.

ومع اقتراب فصل الشتاء، حيث يبلغ استهلاك النفط لأغراض التدفئة ذروته، يبدو أن المستهلك الأوروبي سيدفع الثمن الأغلى مرة أخرى. 

فكل ارتفاع بمقدار 10 دولارات في البرميل قد يضيف ما بين 0.3 إلى 0.5 نقطة مئوية إلى معدلات التضخم الأوروبية.

اقرأ أيضًا:

التنين يتحدى العقوبات الأمريكية، هل تنتصر الصين في معركة التجارة العالمية؟

ورقة اليورانيوم الروسية

في المقابل، لم تغلق موسكو يدها تمامًا، فروسيا ما تزال ممسكةً بورقة ضغط حيوية على واشنطن، إذ تؤمن نحو 20% من واردات الولايات المتحدة من اليورانيوم الخام المستخدم في تشغيل المفاعلات النووية، إضافة إلى نحو 30% أخرى تأتي من دول مدعومة روسيًا مثل النيجر. 

أي أن واشنطن، وهي تعاقب النفط الروسي، ما زالت تعتمد على روسيا لتشغيل جزء من قطاعها النووي المدني.

هل نرى 100 دولار قريبًا؟

بحسب تقديرات مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، فإن استجابة أغلب الدول لسياسة العقوبات الأمريكية الجديدة، وتوقفها عن شراء النفط الروسي، قد يؤدي إلى خروج نحو 4.7 ملايين برميل يوميًا من السوق. 

هذه الفجوة كفيلة بحسب النموذج الحسابي للمركز، بدفع أسعار النفط إلى ما فوق 100 دولار للبرميل في غضون أسابيع، خاصة إذا تزامنت مع شتاء بارد أو اضطرابات في الإمدادات من الشرق الأوسط.

أسعار النفط

خلاصة المشهد

العقوبات الأمريكية الأخيرة لا تمثل مجرد خطوة سياسية ضد موسكو، بل نقطة تحول في توازنات سوق الطاقة العالمي.

فبينما تراهن واشنطن على خنق التمويل الروسي، تراهن موسكو على مرونة السوق وقدرتها على رفع الأسعار، وفيما يحاول العالم تفادي أزمة طاقة جديدة، يبدو أن شبح البرميل ذو الثلاثة أرقام عاد ليطل مجددًا، حاملاً معه ذكريات 2022، ومهددًا بتقويض جهود السيطرة على التضخم حول العالم.

إذا استمر هذا المسار دون انفراج دبلوماسي، فقد يكون الشتاء المقبل شتاءً نفطيًا قاسيًا، يعيد رسم خريطة الطاقة والسياسة معًا.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search