سباق الغواصات، هل تفقد الولايات المتحدة تفوقها تحت الماء أمام الصين؟
الجمعة، 24 أكتوبر 2025 11:21 ص
غواصات
في سباق خفي يدور بأعماق المحيطات، تتسابق الولايات المتحدة والصين لإعادة رسم موازين القوة البحرية العالمية، بعدما كشفت بكين مؤخرا عن غواصات ذاتية التشغيل لتوسّع أسطولها بشكل غير مسبوق، لتجد واشنطن نفسها أمام تحدٍّ أكثر تعقيدا من مجرد تفوق عسكري؛ قد يمتد إلى المصانع، وأحواض البناء، وبرامج التدريب التي تشكّل عصب القوة تحت الماء.
عجز في اليد العاملة وتأخر في الإبحار
تواجه الصناعة البحرية الأمريكية أزمة مزدوجة من نقص العمالة الماهرة والتأخيرات الإنتاجية، فبرامج بناء الغواصات من فئتي كولومبيا وفرجينيا، التي تمثل حجر الأساس للردع النووي والهجومي الأمريكي، تسير ببطء يهدد الخطط الاستراتيجية للبحرية.
أولى غواصات كولومبيا، التي كان يفترض تسليمها في 2027، تأجلت إلى 2029، فيما ارتفعت تكلفتها إلى أكثر من 16 مليار دولار بزيادة تفوق 12% عن التقديرات السابقة.
السبب لا يعود إلى سوء الإدارة فقط، بل إلى أزمة أعمق في سلسلة التوريد والمهارات الصناعية، فبعد عقود من تقليص الاستثمار في البنية الدفاعية عقب الحرب الباردة، تجد الولايات المتحدة نفسها مضطرة إلى إعادة بناء خبرات صناعية اندثرت، في وقت تتسابق فيه الصين لتطوير قدرات بحرية متقدمة، من الدفع النووي إلى الذكاء الاصطناعي البحري.

100 ألف عامل لإنقاذ الأسطول
وأطلقت البحرية الأمريكية برنامجًا طموحًا لتدريب 100 ألف عامل جديد خلال العقد المقبل لإحياء صناعة الغواصات، ضمن مبادرات مثل "برنامج التدريب السريع في التصنيع الدفاعي" بولاية فرجينيا، الذي يقدم دورات مكثفة لتأهيل الفنيين في مجالات اللحام والتصنيع الدقيق والتجميع الموجَّه بالحاسوب.
تكلفة السباق ومأزق التحالفات
الأزمة لا تنعكس على الداخل الأمريكي فقط، بل تهدد التزامات واشنطن تجاه حلفائها، وخصوصًا في إطار اتفاقية AUKUS مع أستراليا وبريطانيا، التي تلزم الولايات المتحدة بتزويد كانبيرا بغواصات من فئة فرجينيا.
لكن مع تراجع الإنتاج إلى 1.2 غواصة سنويًا فقط وهو أقل من الهدف البالغ 2.3 غواصة، تتزايد المخاوف من تأخير تنفيذ الصفقة بحلول منتصف الثلاثينيات، ما قد يؤثر على مصداقية واشنطن في مواجهة التوسع البحري الصيني.
وبحسب بلومبرج إنتليجنس، يمكن للجيش الصيني بناء حتى 6 غواصات نووية سنويًا، مقابل واحدة أو اثنتين فقط في الولايات المتحدة، ما يعكس فجوة إنتاجية مقلقة في ميزان القوة البحرية.

صناعة تحت الضغط
منذ الحرب العالمية الثانية، تقلصت البنية التحتية البحرية الأمريكية من أكثر من 70 منشأة لبناء الغواصات إلى حوضين فقط، وهو التراجع الذي جعل الصناعة هشة أمام أي اضطراب، من نقص الفولاذ المتخصص إلى تعثر الموردين الصغار الذين لم يتعافوا بعد من آثار جائحة كوفيد-19.
ويقدّر مكتب الميزانية بالكونجرس أن تكاليف بناء السفن ستصل إلى 40 مليار دولار سنويًا خلال العقود المقبلة، أي أعلى بـ17% من توقعات البحرية الحالية، ما يكشف عن فجوة تمويلية متصاعدة.

الغواصات الأمريكية الأكثر تطورا في العالم
رغم التحديات، ما تزال الغواصات الأمريكية الأكثر تطورًا في العالم، وتتفوق في أنظمة الدفع النووي، والاستشعار، والاتصالات تحت الماء.
ويرى خبراء أن واشنطن تتقدم على بكين بخمس إلى عشر سنوات تقنيًا، إلا أن استمرار التأخيرات قد يضيق هذا الهامش بسرعة.
اقرأ أيضًا:
من الدفاع للردع، أستراليا تدخل عصر الغواصات النووية في سباق التسليح الآسيوي
معركة في المصانع قبل البحار
تضخ الإدارة الأمريكية مليارات الدولارات لتحديث أحواض البناء ودعم الموردين، فيما يخصص الكونجرس تمويلات إضافية للتعليم التقني والابتكار الصناعي، لكن أغلب المحللين يرون أن نتائج هذه الجهود لن تظهر قبل 3 إلى 5 سنوات، وهي فترة طولة قد تستغلها الصين لتكريس تفوقها البحري.

يدور السباق الحقيقي في قاع الاقتصاد أكثر منه في قاع البحر، فالتفوق العسكري يبدأ من خطوط الإنتاج، لا من مراكز القيادة، وإذا لم تنجح واشنطن في إعادة بناء منظومتها الصناعية الدفاعية، فقد تجد نفسها تراقب من بعيد وهي تفقد عمقها الاستراتيجي في أكثر ساحات الصراع غموضًا تحت أعماق المحيط.
اقرأ أيضًا:
الصين تبتكر نظام غواصات جديدة احتفالًًا بالذكرى الـ80 للانتصار على اليابان
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
بين الحلم والحقيقة، لماذا لم تتحقق السيارات النووية حتى الآن؟
21 أكتوبر 2025 03:00 م
تداعيات الإغلاق الأمريكي على سوق الإسكان، قروض متوقفة ومخاطر تمتد إلى البنوك
20 أكتوبر 2025 03:53 م
لماذا أصبح الذكاء الاصطناعي شرطًا للبقاء في سوق صناعة المنتجات الاستهلاكية؟
20 أكتوبر 2025 03:00 م
أكثر الكلمات انتشاراً