التجارة العربية ترتفع لـ3.6 تريليونات دولار في 2024، لكن من يصنع القيمة؟
الخميس، 23 أكتوبر 2025 08:25 م

التجارة العربية
ميرنا البكري
شهدت التجارة العربية، مفارقات كبيرة في عام 2024، حيث وصلت التجارة العربية من سلع وخدمات لـ3.6 تريليونات دولار، بزيادة 4.5% عن عام 2023، ما يعني أن المنطقة لازالت تحافظ على زخمها التجاري رغم الظروف العالمية الصعبة، من تباطؤ الاقتصاد الدولي، لارتفاع تكاليف الشحن والطاقة، لكن خلف هذا النمو، هناك قصة أعمق بها فرص ضخمة، وتحديات هيكلية تؤثر على شكل التجارة العربية ومستقبلها.

الصادرات ترتفع ببطء، والواردات تسبق بخطوات
وكشفت بيانات المؤسسة العربية لضمان الاستثمار، أن الصادرات العربية زادت بنسبة 1.7%، فقد وصلت لـ1.9 تريليون دولار، في حين أن الواردات قفزت بنسبة 7.8%، فيما تخطت 1.7 تريليون دولار، أي ببساطة، تشتري المنطقة أكثر من البيع.
وجعل ذلك من الفائض التجاري السلعي يتراجع 43% حتى 167 مليار دولار فقط، ويرجع هذا لوجود زيادة ضخمة في فاتورة استيراد السلع المصنعة، وتراجعٍ طفيفٍ في عائدات التصدير، بسبب تقلب أسعار الطاقة، التي لازالت تشكل النصيب الأكبر من صادرات المنطقة.
النفط على قائمة الصادرات العربية
ورغم اتجاه بعض الدول لتنويع اقتصادها، إلا أن 73% من الصادرات العربية لازالت مواد أولية، والوقود بمفرده يستحوذ على 54% من إجمالي الصادرات السلعية، أي الاقتصاد العربي لايزال يعتمد على الموارد الطبيعية أكثر من الصناعات التحويلية.
ونتج عن ذلك، تصدير العرب للمواد الخام، واستيراد منتجات مصنعة بحصة 64% من الواردات، فهذه المعادلة تعني أن القيمة المضافة تصنع خارج المنطقة، وهذا التحدي الأكبر لأي خطة تنويع اقتصادي حقيقية.
خمس دول تتحكم في مفاتيح التجارة العربية
وتستحوذ كلًا من الإمارات، السعودية، قطر، مصر، والعراق معًا على 76% من التجارة السلعية العربية، وتسيطر الإمارات العربية المتحدة بمفردها على أكثر من 40% من الإجمالي، ما يؤكد دورها كمركزٍ لوجستي وتجاري ضخم في المنطقة.
أما من جانب الشركاء، فلا تزال الصين على القمة بحصة 16% من مجمل التجارة العربية، ما يثبت فكرة أن "الشرق" أصبح اللاعب الرئيسي في علاقات التجارة العربية، بدلًا من "الغرب"، خاصةً مع نمو العلاقات الصينية الخليجية بعد 2020.
التجارة البينية العربية، بداية انتعاش حقيقي
من النقاط الإيجابية في تقرير مؤسسة “ضمان”، أن التجارة البينية العربية زادت 16.6% ووصلت لأكثر من 250 مليار دولار، أي حوالي 9% من إجمالي التجارة السلعية العربية، واللافت أن هذه الزيادة متركزة في الخليج ومصر والعراق بنسبة 88% من الإجمالي، ما قد يكون بداية لتكوين "سوق عربية حقيقية"، إذا تم تدعيمها بسياسات نقل ولوجستيات وجمارك أكثر تكاملًا.
لكن لا يزال الرقم ضعيف للغاية، مقارنةً بالكتل الاقتصادية الأخرى مثل الاتحاد الأوروبي، الذي تتخطى التجارة البينية فيه 60% من إجماليه التجاري، ما يعني أن التكامل العربي لايزال في بدايته، ويحتاج جرأة في الاتفاقيات والسياسات الاقتصادية.
مؤشرات الأداء التجاري، بين تحسن وانكشاف
وشهد عام 2024، تحسنًا في الانفتاح التجاري وتنوع الصادرات وعدد السفن التجارية، ما يعني أن المنطقة بدأت تتفاعل أكثر مع حركة التجارة العالمية وتطور سلاسل الإمداد، لكن في نفس الوقت، تراجع الأداء في القدرة التصديرية والربط الملاحي البحري المنتظم، ما يكشف أن البنية التحتية التجارية، لم تصل لمستوى الطموح.
بمعنى آخر، يصدِّر العرب أكثر، لكن لايزالو يعتمدون على ممرات وموانئ خارجية، ما يأكل من الكفاءة والتنافسية ويزود التكاليف على المصدرين والمستوردين.
أبرز التوقعات، ملامح 2025 وما بعدها
إذا استمر الاتجاه الحالي، فالتجارة العربية قد تصل لأكثر من 3.8 تريليونات دولار عام 2025، لكن بشرطين أساسيين، استقرار أسعار الطاقة، وتحسن الطلب العالمي على السلع الأساسية، وأيضًا تسريع التحول الصناعي داخل المنطقة، لكي تُقلل فجوة الاستيراد الضخمة.
ويكون المستقبل لصالح الدول التي تستثمر في التصنيع، واللوجستيات، والاقتصاد الأخضر، أي باختصار الإمارات والسعودية ومصر لديهم فرصة ليكونوا المحور الصناعي والتجاري الجديد للعالم العربي، خاصةً مع التوسعات في المناطق الاقتصادية الخاصة، والموانئ الذكية، ومشروعات الربط القاري، مثل "الممرات اللوجستية"، التي تقودها مصر والخليج.
التجارة العربية تنمو، لكن تحتاج توازن
وكانت التجارة العربية في 2024، مرآة لاقتصاد بين الطموح والواقع، مما يجعل الأرقام تعكس نموًا، لكن البنية تشير إلى أن هناك إصلاح، فالمنطقة لديها كل المقومات من موقع جغرافي إستراتيجي، وموانئ ضخمة، وشركاء تجاريين كبار، لكن لا يزال التحدي الحقيقي في خلق قيمة مضافة عربية، بدلًا من تصدير موادٍ خامٍ واستيراد منتجات جاهزة.
والمرحلة المقبلة، هي مرحلة "تحول تجاري ذكي"، ليس في حجم التجارة، لكن في نوعها ومصدرها ومستقبلها.
اقرأ أيضًا:-
الدول العربية تستثمر بأكثر من 4 مليارات دولار في مصر (تفاصيل)
رسوم ترامب الجمركية، زلزال اقتصادي يعيد رسم خريطة التجارة العربية

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
بين الحلم والحقيقة، لماذا لم تتحقق السيارات النووية حتى الآن؟
21 أكتوبر 2025 03:00 م
تداعيات الإغلاق الأمريكي على سوق الإسكان، قروض متوقفة ومخاطر تمتد إلى البنوك
20 أكتوبر 2025 03:53 م
لماذا أصبح الذكاء الاصطناعي شرطًا للبقاء في سوق صناعة المنتجات الاستهلاكية؟
20 أكتوبر 2025 03:00 م
أكثر الكلمات انتشاراً