السبت، 18 أكتوبر 2025

05:59 م

الذكاء الاصطناعي العميق يدخل مرحلة "الوكالة"، كيف تعيد المؤسسات رسم خارطتها التقنية؟

الجمعة، 17 أكتوبر 2025 11:28 م

لذكاء الاصطناعي الوكيلي Agentic AI

لذكاء الاصطناعي الوكيلي Agentic AI

وسط الزخم المتزايد حول الذكاء الاصطناعي التوليدي، يبرز مفهوم جديد يعد بمثابة نقطة تحول في بنية المؤسسات التقنية، وهو الذكاء الاصطناعي الوكيلي Agentic AI، حيث لم يعد الحديث عن أدوات ذكية تنفذ مهامًا محددة أو تستجيب لأوامر، بل عن وكلاء رقميين قادرين على التفكير، والتنسيق، واتخاذ قرارات معقدة داخل بيئة العمل.

ووفقًا لتقرير حديث صادر عن "Bain & Company"، فإن هذا التحول يمثل نقلة هيكلية في بنية التكنولوجيا المؤسسية، ستعيد تشكيل آليات العمل، وأساليب التفاعل، واتخاذ القرار داخل الشركات، غير أن المشكلة الأساسية تكمن في أن أغلب المؤسسات، ليست جاهزة بعد لاستقبال هذا النوع من التحول الجذري.

 الذكاء الاصطناعي الوكيلي Agentic AI

من الأتمتة إلى الذكاء المنظم.. قفزة نوعية في مسار التحول الرقمي

وعلى مدار العقدين الماضيين، تكزت جهود التحول الرقمي على أتمتة المهام، وتبسيط العمليات المتكررة، تاركة الحالات الاستثنائية لتدار يدويًا، أما الذكاء الاصطناعي الوكيلي، فينقلنا إلى مستوى جديد، حيث يمكن للوكلاء الرقميين أن يديروا عمليات غير محددة النتائج، ومتعددة المراحل، ومترابطة عبر عدة أنظمة.

ولا تقتصر هذه القفزة على الكفاءة التشغيلية أو تجربة العملاء، بل تشمل إعادة تعريف شاملة، لطريقة العمل داخل المؤسسة، من النماذج التشغيلية إلى الإستراتيجية التكنولوجية.

البنية التقنية في اختبار الوكلاء، هل البنى التقليدية قادرة على مواكبة التغيير؟

لتحقيق الاستفادة الكاملة من Agentic AI، يتوجب على المؤسسات إعادة بناء بنيتها التحتية الرقمية من الأساس، فالنظم الحالية، المعتمدة على دفعات بيانات مجزأة، ليست مصممة لدعم وكلاء يتطلبون وصولًا آنيًا للمعلومات، وقدرة على اتخاذ قرارات في الوقت الحقيقي، ضمن بيئة آمنة وقابلة للتفسير.

الوكلاء الأذكياء يحتاجون إلى بنية مرنة، قائمة على خدمات مصغرة microservices، وسحابة مؤسسية قابلة للتوسع، وواجهات برمجة تطبيقات APIs مفتوحة، تمكنهم من التنقل بحرية بين البيانات والأنظمة، كل هذا يعني أن المؤسسات، مطالبة بإعادة التفكير في نظمها الحالية، لا مجرد ترقيتها.

خدمات مصغرة microservices

 

من المركزية إلى التوزيع.. إعادة تعريف المسؤوليات التقنية

ويغير الذكاء الاصطناعي الوكيلي أيضًا، هيكلية العمل بين الفرق التكنولوجية ومجالات الأعمال، فبينما تحتفظ الفرق المركزية بالتحكم في البنية الأساسية للوكلاء، يجب توزيع مسؤولية تدريبهم، واختبارهم، ونشرهم على الفرق المتخصصة في مجالات الأعمال.

وهذه المقاربة تتطلب تمكين الفرق من توفير المعرفة السياقية والبيانات المتخصصة، سواءً أكانت وثائق داخلية، أو منطق عمل، أو قواعد بيانات تحتوي على محتوى غير منظم، مثل البريد الإلكتروني أو المكالمات المسجلة، وهي مصادر غالبًا ما تحتوي على القيمة الحقيقية المطلوبة لقرارات دقيقة.

اقرأ أيضًا:-

تهديد للأسواق العالمية، هل تنفجر فقاعة الذكاء الاصطناعي وينهار قطاع التكنولوجيا؟

الحوكمة والشفافية.. حتمية لا خيار

ومع دخول الوكلاء مرحلة اتخاذ القرار، تصبح الحوكمة والضوابط التنظيمية أكثر أهمية من أي وقت مضى، كما يجب أن تكون الشركات، قادرة على تفسير سلوك الوكلاء في الوقت الحقيقي، ومراقبة أدائهم، وضبط استخدامهم لموارد الحوسبة، بما يمنع الانفلات المالي أو الأمني.

وهنا تبرز أهمية تطوير أطر جديدة للحوكمة، مدمجة في البنية التحتية منذ البداية، وليس إضافتها لاحقًا كحلول ترقيعية، فمن دون حوكمة دقيقة، سيتحول استخدام الذكاء الاصطناعي على هذا النطاق من فرصة إلى خطر.

الهندسة البرمجية

 

التحول في الهندسة البرمجية.. من كتابة الكود إلى إدارة الذكاء

الوكلاء لن يغيروا فقط العمليات، بل أيضًا طريقة عمل فرق التكنولوجيا والهندسة، ومع مرور الوقت، سيصبح بمقدورهم تولي مهام التطوير، والاختبار، ونشر الحلول البرمجية، ما يحرر المهندسين للتركيز على قضايا أعمق مثل تصميم البنية، والإستراتيجية التقنية، والابتكار.

وهذا يعني أن مؤسسات الغد، بحاجة إلى إعادة تشكيل دور الفرق التقنية، بما يتماشى مع واقع جديد تدار فيه المهام اليومية من قبل وكلاء، وتدار فيه الفرق التقنية كمصممي أنظمة ومشرفين على الذكاء الاصطناعي، لا كمنفذين يدويين.

 

الوكلاء كقنوات وأفراد.. تجربة جديدة للمستخدمين والعملاء

في هذه المرحلة الجديدة، يجب التعامل مع الوكلاء باعتبارهم قنوات تفاعل جديدة، بل مواطنين رقميين داخل المؤسسة، فهم يتواصلون مع الموظفين والعملاء كما تفعل التطبيقات والمواقع، لكنهم أيضًا يتخذون قرارات، وينفذون مهامًا، ويعملون عبر الأنظمة المختلفة.

وهذا يتطلب تصميم تجارب استخدام جديدة، بحيث تصبح الواجهات الحوارية (مثل الدردشة) وسيلة التفاعل الأساسية، وتبنى قدرات معرفية وهويات رقمية للوكلاء تحفظ الخصوصية وتضبط الصلاحيات.

كمثال عملي، طور بنك في أمريكا الجنوبية وكيلًا ذكيًا يتيح للعملاء تنفيذ تحويلات مالية عبر تطبيق واتساب باستخدام صورة أو رسالة نصية فقط، فيفسر الطلب، ويؤكد الإجراء، ثم ينفذه في لحظات دون أي تفاعل تقني معقد.

اقرأ أيضًا:-

"تحليل المعاملات"، خوارزميات الـAI تغيّر قواعد البورصات العالمية

من النظرية إلى التطبيق.. الحاجة إلى استثمار إستراتيجي مدروس

وبين عامي 2025 و2030، يتوقع أن تخصص الشركات ما بين 5% إلى 10% من إنفاقها التكنولوجي لبناء القدرات الأساسية لوكلاء الذكاء الاصطناعي، بما يشمل منصات الوكلاء، وبروتوكولات الاتصال، والوصول للبيانات، وإطار الحوكمة.

ومع نضوج التقنية، قد ترتفع هذه النسبة إلى 50% من الميزانيات، حيث يتوسع نطاق استخدام الوكلاء في كل مجالات العمل، ورغم ارتفاع التكلفة الابتدائية، فإن العوائد على الكفاءة والتحول، ستكون أكبر على المدى الطويل.

لكن الشرط الأساسي، هو أن تبدأ المؤسسات مبكرًا، وبتركيز واضح، فالبداية يجب أن تكون عبر عدد محدود من المجالات ذات القيمة العالية، مع إعادة تصميم العمليات بشكل شامل، وتفعيل الأطر الأمنية منذ اليوم الأول.

 الذكاء الاصطناعي الوكيلي Agentic AI

 

اللحظة الحاسمة في مستقبل الذكاء المؤسسي

إن الذكاء الاصطناعي الوكيلي، لا يمثل مجرد أداة جديدة، بل تغييرًا جوهريًا في كيفية تصميم المؤسسات، وتشغيلها، ونموها، والشركات التي تبدأ الآن في تحديث بنيتها، وتوزيع مسؤولياتها، وتطوير خبراتها، ستكون في موقع الريادة، أما من ينتظر، فقد يجد نفسه في سباق محموم للحاق بعصر قد يكون قد فات.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search