كيف توظف التكنولوجيا مستقبل الموارد المائية في مصر

الأربعاء، 15 أكتوبر 2025 04:20 ص

الذكاء الاصطناعي في الري

محمد السيد

لم تعد التكنولوجيا مجرد وسيلة مساعدة، بل أصبحت أداة استراتيجية لإدارة الموارد الحيوية، وبينما يواجه العالم أزمة متنامية في وفرة المياه وجودتها، تتجه مصر نحو تبني نهج جديد يقوم على دمج الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات في منظومة إدارة مواردها المائية، في خطوة تمثل مزيجًا بين الابتكار والتخطيط المستدام، في وقت تتزايد فيه التحديات البيئية وتتسارع فيه وتيرة التحول الرقمي.

تعاون تقني لإدارة الموارد بذكاء

يشهد التعاون بين وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ووزارة الموارد المائية والري تطورًا ملحوظًا من خلال مجموعة من المشروعات المشتركة، التي تستهدف توظيف أحدث التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي في دعم كفاءة إدارة المياه وتعزيز الحوكمة في هذا القطاع الحيوي.

حوكمة تطهير المجاري المائية

يركز أحد أبرز هذه المشروعات على تطوير منظومة ذكية تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي ومعالجة الصور لمتابعة عمليات تطهير المجاري المائية وإزالة الأعشاب. ويهدف المشروع إلى ضمان انسياب المياه بفاعلية أكبر إلى الأراضي الزراعية، مع تنظيم عمليات التطهير بصورة مؤتمتة ومحوكمة.

إدارة المياه الجوفية بالتحول الرقمي

مشروع آخر يتناول إدارة المياه الجوفية من خلال محورين رئيسيين: أتمتة عمليات حفر الآبار وإصدار تراخيصها، وبناء نموذج محاكاة رقمية لمستودعات المياه الجوفية في مختلف أنحاء مصر، هذه الخطوة تمكن وزارة الري من مراقبة حركة المياه الجوفية، والسيطرة على معدلات استخراجها واستخدامها.

نظام ذكي للتخطيط الزراعي

يتناول المشروع الثالث تطوير نظام يعتمد على تحليل صور الأقمار الصناعية لتحديد التركيب المحصولي الفعلي في كل موسم زراعي، هذه التقنية تتيح للوزارة تخطيط احتياجات المياه بدقة لكل نوع من المحاصيل، وفقًا للموقع الجغرافي والمساحة المزروعة.

ترشيد زراعة المحاصيل كثيفة الاستهلاك

يساعد النظام الجديد على مراقبة زراعة المحاصيل ذات الاستهلاك العالي للمياه، مثل الأرز، والتأكد من زراعتها فقط في المناطق التي تحددها الدولة، بما يتوافق مع السياسات المائية ويمنع تجاوز الحصص المحددة من الموارد.

البيانات أساس الحوكمة المائية

يمثل التعاون بين الوزارتين نموذجًا عمليًا لما يعرف بحوكمة الموارد عبر البيانات، حيث تعتمد القرارات المتعلقة بالمياه على تحليلات دقيقة بدلاً من التقديرات التقليدية، وهو ما يعزز كفاءة الإدارة وشفافيتها.

التحول نحو الإدارة المستدامة

تسهم هذه المشروعات في ترسيخ مفهوم الإدارة المستدامة للمياه من خلال أدوات رقمية تتيح مراقبة مستمرة لحركة المياه، وتساعد في وضع خطط طويلة المدى لاستخدام الموارد الزراعية والمائية بصورة متوازنة.

تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في مواجهة الإجهاد المائي

مع ازدياد الضغط على الموارد الطبيعية، تشكل التقنيات الذكية أداة مهمة للتعامل مع مشكلات الإجهاد المائي، إذ تتيح حلولًا قائمة على التحليل والتنبؤ تساعد في توجيه استخدام المياه بكفاءة أكبر.

تكامل حكومي من أجل التنمية

يمتد أثر هذه المشروعات إلى مجالات متعددة، منها الزراعة والإدارة المحلية والبيئة، حيث يسهم تبادل البيانات وتكامل الأنظمة بين الوزارات في تحقيق رؤية أشمل للتنمية المستدامة.

نموذج مصري للتحول الرقمي في إدارة المياه

تسعى مصر من خلال هذا التعاون إلى بناء نموذج وطني لإدارة الموارد المائية يعتمد على الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، لتصبح من الدول الرائدة في دمج التكنولوجيا مع حماية مواردها الطبيعية، في تجربة يمكن أن تلهم المنطقة بأكملها.