الإثنين، 06 أكتوبر 2025

05:21 م

حذف الأصفار من العملة في إيران، حل اقتصادي أم تجميل للأزمة؟

الإثنين، 06 أكتوبر 2025 12:50 م

العملة الإيرانية

العملة الإيرانية

ميرنا البكري

عادت إيران لفتح ملف حذف الأصفار من عملتها المحلية بعد أن وصل الريال لمرحلة شبه “الانهيار”، وتأتي هذه الخطوة  كنوع من محاولة إنقاذ سمعة العملة وإعادة الثقة قليلًا في الاقتصاد الذي يعاني  من تضخم خانق وعقوبات اقتصادية خانقة، لكن السؤال الحقيقي، هل حذف الأصفار سيعالج الجرح؟ أم مجرد “مسكن مؤقت”؟

تقييم تأثير العقوبات على الوضع الاقتصادي في إيران
الاقتصاد الإيراني 

 تفاصيل القرار، أصفار تذهب وأزمة مقبلة

وافق البرلمان الإيراني رسميًا على خطة تحويل كل 10 آلاف ريال إلى ريال جديد واحد، أي حذف أربع أصفار كاملة من العملة، وسيتم هذا التحول على عدة مراحل، فسيتم تداول العملتين القديمة والجديدة معًا لمدة 3 سنوات، والبنك المركزي لديه عاميين لكي بدأ التطبيق الكامل.

والهدف الرسمي وفقًأ لما أوضحته الحكومة، هو تسهيل المعاملات اليومية وتقليل التعقيد في الحسابات، خاصةً حينما تصبح الأسعار بها أرقام بالملايين عند شراء أشياء بسيطة.

خطة قديمة عادت للحياة

هذا القرار ليس جديدًا، بل خطة مطروحة منذ عام 2019، لكن تجمدت وقتها بسبب تدهور الاقتصاد الإيراني بشكل غير مسبوق بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي وعودة العقوبات.

الآن، ومع اشتداد الأزمة، تعتبر الحكومة أن الوقت مناسبًا “شكلًا” لتطبيق الفكرة، رغم أن الواقع يظهر العكس تمامًا، فالريال بينهار أكثر، والأسعار تشتعل.

 الريال في السقوط الحر

رغم إعلان القرار، واصل الريال الإيراني الهبوط ووصل لمستويات قياسية في السوق السوداء، أي حوالي مليون و115 ألف ريال للدولار الواحد، أي القرار الذي من المفترض أن يطمئن الناس، زود القلق أكثر، مما يكشف أن المشكلة ليس في شكل العملة، بل في أساس الاقتصاد نفسه.

تفقد العملة قيمتها لأن الثقة مفقودة، مما يجعل أي قرار مالي دون إصلاح حقيقي يتحول لمجرد “تجميل رقمي” للأزمة.

عقوبات خانقة واقتصاد معزول

إيران تعيش تحت ضغط العقوبات الدولية والأممية التي تم تفعلها مرة أخرى مؤخرًا بعد استخدام بريطانيا وفرنسا وألمانيا لآلية “سناب باك”، فهذه العقوبات جعلت الاقتصاد الإيراني في عزلة شبه كاملة، فهناك صعوبة في الوصول للنقد الأجنبي، وضعف في الإنتاج والصادرات، وأيضًا وشح كبير في الاستثمارات الأجنبية.

أيضًا وصل التضخم في إيران لمستويات عالية للغاية، مما يعين أن القوة الشرائية للمواطن الإيراني تآكلت بالكامل، والأسعار أصبحت تتغير بشكل شبه يومي.

الهدف الحقيقي من حذف الأصفار

توضح الحكومة أن الهدف هو “تسهيل التعاملات وتقليل أعباء المحاسبة”، لكن اقتصاديًا، حذف الأصفار لا يحل المشكلة الأساسية، بل يجعل الأرقام شكلها أصغر فقط، لكن قيمتها لم تتغير.

أي بدلًا من أن يكون كيلو الأرز بـ 2,000,000 ريال، سيصبح بـ 200 ريال جديد، لكن في النهاية نفس القيمة الشرائية، لكي ينجح القرار، لابد أن يأتي مع حزمة إصلاحات حقيقية تشمل تقوية الإنتاج المحلي، واستقرار السياسة النقدية، وإعادة دمج إيران في النظام المالي الدولي.

بخلاف هذا، حذف الأصفار يظل مجرد عملية تجميلية شكلية.

هل القرار سينقذ الريال؟

لا تعكس التوقعات أي تفاءل، فالعملة الإيرانية ستظل الضغط طالما العقوبات مستمرة، وطالما الحكومة ليس لديها خطة واضحة لتحفيز النمو وتشجيع الاستثمار.

والذي من الممكن أن يحدث على المدى القصير، تحسن نفسي مؤقت وسط الأفراد، لكن السوق سيعود لترجمة الواقع بالأرقام، فبالتالي الأسعار لن تهبط، وسيظل الدولار الملاذ الآمن، والثقة ستظل مفقودة.

 دروس من التجارب السابقة

هناك عدة دول لجات إلى هذه الخطوة من قبل مثل (زيمبابوي، والبرازيل، وتركيا،..إلخ)، فبعضها بعضها نجح حينما ربط حذف الأصفار بإصلاحات اقتصادية قوية، لكن البعض الآخر فشل عندما اكتفى بتغيير شكل الورق النقدي فقط،
وهذا الذي قد يحدث في إيران إذا اكتفت بالرمزية دون فعل حقيقي.

فار من العملة، لماذا يحدث وكم دولة جربت ذلك الأمر؟

ببساطة، حينما يعاني الاقتصاد من تضخم شديد، تصبح الأرقام على الفواتير والعملة كبيرة للغاية، تلجأ الحكومات  لحذف أصفار من العملة كنوع من التجميل أو التسهيل في التعاملات، هذا يجعل الأرقام أصغر وأسهل في الحسابات، وأيضًا قد يشعر الشعب بأن العملة "أقوى" حتى لو لم تتغير القيمة الحقيقية.

لكن السؤال الهام، هل نجحت هذه التجربة بالفعل؟ سنوضح في هذا التحليل 3 دول شهيرة لجأوا لحذف أصفار، وذلك بحسب دراسة قامت بها جامعة نورث كارولينا الأمريكية.

 زيمبابوي، أزمة رهيبة وحذف أصفار بدون حل جذري

كانت زيمبابوي في أزمة تضخم مهولة وصلت لمليارات في المئة، وأصبحت عملتهم بلا قيمة تقريبًا، فحذفت الدولة 25 صفرًا خلال الفترة من (2003 لـ 2009)، لكن استمر التضخم  بشكل لا يمكن السيطرة عليه، والأزمة الاقتصادية تفاقمت.

فحذف الأصفار كان إجراء شكلي لم يحل الأزمة الاقتصادية الحقيقية، فقدت الناس ثقتها بالعملة تمامًا، واضطرت الدولة في النهاية استبدال العملة بالدولار الأمريكي وغيره.

 البرازيل، من التضخم لمستوى أفضل بحذف 18 صفرًا

كانت البرازيل تعاني من تضخم مرتفع خلال الفترة من في (1993 لـ 2000)، فقررت حذف 18 صفر من عملتها وذلك خلال فترات متفرقة في هذه الفترة، وساعد ذلك في تسهيل الحسابات اليومية، لكن النجاح الحقيقي جاء بعد تطبيق خطة اقتصادية متكاملة لمعالجة التضخم.

 تركيا، قصة حذف 6 أصفار من الليرة ونجاح نسبي

كانت تركيا في التسعينات تعاني من تضخم رهيب، لدرجة أن 1 مليون ليرة تركية كانت أمر عادي في السوق، ففي 2005، قررت الحكومة قررت حذف 6 أصفار من العملة، أي 1,000,000 ليرة قديمة أصبحت 1 ليرة جديدة.

وبالتالي ساعدت هذه الخطوة في تبسيط التعاملات اليومية، وقللت من التخبط في الأسعار والفواتير، لكن النجاح الحقيقي جاء حينما طبقت  الحكومة إصلاحات اقتصادية كبيرة، وزادت من ثقة المستثمرين.

 حذف الأصفار ليس وصفة سحرية

يساعد حذف الأصفار في تبسيط العمليات المالية وتحسين صورة العملة، لكنه غيرل كافي بمفرده، فلابد أن يكون معه إصلاحات اقتصادية حقيقية وثقة في السياسات الحكومية.

فالتجارب الناجحة مثل تركيا والبرازيل تصمم بخطط متكاملة، أما الذين فشلوا كزيمبابوي،كان لديهم مشاكل أعمق.

 تجميل مؤقت لأزمة عميقة

باختصار، حذف الأصفار من الريال الإيراني ليس علاجًا، لكنه مسكن، فالاقتصاد  الإيراني يحتاج إلى ما هو أعمق، من استقرار سياسي، وانفتاح على العالم، وسياسات اقتصادية واقعية.

وإذا لم يحدث هذا، فالريال الجديد سيأخذ نفس مصير الريال القديم، عملة مرهقة في بلد تعاني اقتصاديًا.

اقرأ أيضًا:-

أبرز الدول التي اضطرت لحذف أصفار من عملاتها لمواجهة الأزمة الاقتصادية

إيران تعود لخطة حذف الأصفار من الريال، مناورة مالية وسط عاصفة التضخم والعقوبات

الريال الإيراني ينخفض إلى مستوى قياسي في ظل العزلة
الريال الإيراني

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم

Short Url

search