لتسريع دمج الذكاء الاصطناعي بمنتجاتها، «جوجل» تعيد هيكلة فرق التصميم وتجربة المستخدم

الأحد، 05 أكتوبر 2025 05:39 م

شركة جوجل

محمد السيد

تواصل شركة جوجل خطواتها الجريئة لإعادة رسم ملامح استراتيجيتها المستقبلية، حيث أعلنت عن تقليصات جديدة في فرق التصميم وتجربة المستخدم ضمن قطاع الحوسبة السحابية، شملت أكثر من مئة موظف، والقرار يأتي في إطار خطة أوسع تهدف إلى توجيه الموارد نحو تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعزيز الكفاءة التشغيلية، في وقت تشهد فيه صناعة التكنولوجيا العالمية موجة تحولات جذرية نحو الأتمتة والذكاء التوليدي.

الذكاء الاصطناعي في قلب كل منتج

التسريحات الأخيرة لم تطل موظفي جوجل العاديين فحسب، بل شملت فرقًا متخصصة كانت تُعتبر ركيزة أساسية في تطوير واجهات الاستخدام وتجارب العملاء، مثل فرق البحث الكمي في تجربة المستخدم ومنصات الخدمات التفاعلية، ووفقًا لمصادر داخلية، تم تقليص بعض هذه الفرق إلى النصف، بينما أُتيح للمفصولين فرصة البحث عن وظائف أخرى داخل الشركة حتى مطلع ديسمبر المقبل، ورغم عدم صدور تعليق رسمي من جوجل، فإن الخطوة تُقرأ بوضوح على أنها جزء من إعادة هيكلة أعمق تضع الذكاء الاصطناعي في قلب كل منتج مستقبلي للشركة.

دمج أدوات الذكاء الاصطناعي

ويأتي هذا التحول بعد سلسلة إجراءات مماثلة نفذتها جوجل منذ بداية العام، شملت برامج خروج طوعي في أقسام متعددة مثل الموارد البشرية، التسويق، الأجهزة، والإعلانات، إلى جانب تقليص المستويات الإدارية لتقليل البيروقراطية وزيادة سرعة اتخاذ القرار، وفي الوقت نفسه، أكد الرئيس التنفيذي سوندار بيتشاي أن المرحلة المقبلة ستعتمد على دمج أدوات الذكاء الاصطناعي في العمليات اليومية، موضحًا أن تحسين الإنتاجية يجب أن يأتي من التكنولوجيا نفسها لا من زيادة عدد الموظفين.

تطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي

من الناحية الاستثمارية، رفعت الشركة الأم "ألفابت" ميزانية استثماراتها الرأسمالية لعام 2025 إلى 85 مليار دولار، وهو رقم ضخم خُصص معظمه لبناء مراكز بيانات جديدة ودعم البنية التحتية اللازمة لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة، ويعكس هذا التوجه رغبة جوجل في أن تكون لاعبًا رئيسيًا في سباق تطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي، خصوصًا مع إطلاقها نماذج "Gemini" المتطورة، التي أصبحت جزءًا من منتجاتها وخدماتها السحابية.

هيكلة التكنولوجيا لمواكبة التحول الرقمي

وتنضم جوجل بذلك إلى سلسلة من عمالقة التكنولوجيا الذين أعادوا هيكلة فرقهم لمواكبة التحول الرقمي القائم على الذكاء الاصطناعي، مثل مايكروسوفت، ميتا، وأمازون، والتي سرّحت بدورها آلاف الموظفين في أقسام التصميم والتسويق والبحث، لكنّ اللافت أن جوجل اختارت هذه المرة تقليص فرق التصميم وتجربة المستخدم تحديدًا، وهي فرق كانت مسؤولة عن بناء هوية منتجاتها البصرية وسلاسة تفاعل المستخدمين معها، ما يشير إلى تغيّر جذري في فلسفة الشركة نحو الاعتماد على الخوارزميات في توليد وتحسين تجارب الاستخدام بدلًا من الاعتماد البشري الكامل.

سباق التكنولوجيا العالمي

وبحسب أحدث البيانات، يبلغ عدد موظفي جوجل حاليًا نحو 187 ألف موظف، بانخفاض ملحوظ عن العام السابق الذي شهد ذروته قبل بدء موجة التقليصات، ومع ذلك، لا يبدو أن الشركة تتراجع عن استثماراتها الكبرى، إذ شدد بيتشاي في اجتماعه الأخير على أن جوجل تمر بمرحلة "استثمارات ثقيلة ولكن محسوبة"، تهدف إلى بناء مستقبل يعتمد على الذكاء الاصطناعي كعمود فقري لكل منتج وخدمة، وبينما قد تبدو هذه المرحلة مؤلمة للبعض داخل الشركة، إلا أنها تمثل بحسب الإدارة خطوة ضرورية لضمان بقاء جوجل في صدارة سباق التكنولوجيا العالمي.