الأربعاء، 08 أكتوبر 2025

03:58 م

من قاعدة عسكرية إلى قلعة اقتصادية، جرينلاند تتحول إلى أداة نفوذ أمريكي

الأربعاء، 08 أكتوبر 2025 01:42 م

غرينلاند تتحول إلى أداة نفوذ أمريكي

غرينلاند تتحول إلى أداة نفوذ أمريكي

ميرنا البكري

يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لم ينسى فكرة شراء جرينلاند التي كانت مثار سخرية العالم عام 2019، وحاليًا بدأ يدخل من الباب الاقتصادي، من خلال صفقة ضخمة لشراء حصة في شركة “كريتيكال ميتالز” الأمريكية، التي تتحكم في مشروع استخراج المعادن النادرة المعروف باسم “تانبريز” في جرينلاند.

ولا تعد هذه الصفقة مجرد استثمار، بل خطوة إستراتيجية تعطي واشنطن نفوذًا مباشرًا في واحدٍ من أكبر مشروعات التعدين في القطب الشمالي، وهذا المشروع كان تحت أعين الصين، لكن إدارة بايدن السابقة قامت ببيعه لـ“كريتيكال ميتالز” مقابل 5 ملايين دولار نقدًا، و211 مليون دولار في أسهم، وهو رقم متواضع للغاية مقارنةً بعرض الشركة الصينية الذي كان أكبر، أي ببساطة، كسبت أمريكا النفوذ بأرخص سعر ممكن، وترامب يبني عليه الآن.

قصة المعادن النادرة.. ولماذا تستخدمها الصين بالحرب التجارية ضد أمريكا؟ -  مجلة عالم التكنولوجيا
المعادن النادرة

 

ترامب والسباق على المعادن الحيوية

ولا تنفصل هذه الصفقة عن رؤية ترامب الاقتصادية الجديدة، التي تسعى لبناء “اقتصاد أمريكي سيادي” يملك موارده بنفسه، تحديدًا في القطاعات الحساسة مثل التكنولوجيا والدفاع، حيث يحاول ترامب، بناء شبكة سيطرة أمريكية على المعادن الحيوية مثل:- (الليثيوم، النيوديميوم، والكوبالت)، و التي تدخل في صناعة الرقائق، والبطاريات، والمعدات العسكرية، وهذا ليس أول استثمار من نوعه، فقبل ذلك استثمرت الإدارة في شركتين، ليثيوم أميركاس، وإم بي ماتيريالز.

والآن الدور على “كريتيكال ميتالز”، التي تملك مشروع “تانبريز” الغني بالمعادن النادرة، المستخدمة في الصناعات التكنولوجية والتسليحية، فيما الاتفاق الحالي يدور حول تحويل منحة حكومية بـ50 مليون دولار، إلى حصة ملكية تعادل 8% من أسهم الشركة، لكن هذه النسبة لازالت قيد التفاوض وقد تزداد.

بنك التصدير والاستيراد الأمريكي يدخل على الخط

ولكي تكون الصفقة كاملة، يدرس بنك التصدير والاستيراد الأمريكي (EXIM) منح قرض بـ120 مليون دولار للشركة، لكي تمول تطوير البنية التقنية للمشروع، وتجهزه للتشغيل التجاري بحلول عام 2026، ومن المتوقع أن ينتج المشروع حوالي 85 ألف طن سنويًا من مركزات المعادن النادرة، وهذا الرقم كافي لجعل أمريكا واحدة من أهم المنتجين خارج أسيا.

وبذلك واشنطن لا تؤمن مصادرها فقط، لكن أيضًا تقود جبهة اقتصادية جديدة ضد الصين، التي تسيطر حاليًا على أكثر من 70% من عمليات استخراج ومعالجة المعادن النادرة في العالم.

 

جرينلاند، من أرض جليد إلى ساحة صراع إستراتيجي

وأصبحت جرينلاند، قطعة شطرنج مهمة للغاية في اللعبة بين القوى الكبرى، فالجزيرة لديها موارد ضخمة تحت الجليد، ومع تغير المناخ وذوبان الطبقات الجليدية، أصبحت فرص التعدين أكبر، وذلك بخلاف أن أمريكا لديها قاعدة جوية ضخمة، تُعتبر نقطة ارتكاز عسكرية في شمال الأطلسي، ما يجعل أي استثمار اقتصادي هناك له بُعد أمني واضح.

الاهتمام الأمريكي بالجزيرة ليس وليد اللحظة، لكن ترامب الآن يحوله من حلم سياسي إلى واقع اقتصادي، باستخدام أدوات السوق بدلًا من قرارات الشراء المباشر.

 

البُعد الجيوسياسي، مواجهة ناعمة مع الصين

والتحرك الأمريكي في جرينلاند، جزء من سباق عالمي على المعادن النادرة، التي تعتبر شريان الصناعات المستقبلية، كالذكاء الاصطناعي، والسيارات الكهربائية، والدفاع، والطاقة النظيفة، وكانت الصين تستخدم سيطرتها على السوق كسلاح اقتصادي، وأمريكا تحاول فك هذه القبضة بخطوات مدروسة.

أما مشروع “تانبريز” فهو نقطة توازن جديدة في الحرب الباردة الاقتصادية بين القطبين، وإذا استطاعت أمريكا أن تدخل  الإنتاج الفعلي في 2026، فقد يقلل ذلك اعتمادها على الصين بنسبة تصل لـ20% في المعادن الحرجة، ويخلق سلاسل توريد غربية مستقلة لأول مرة منذ عقود.

التوقعات، بداية موجة استثمارات إستراتيجية

وتشير التوقعات أن هذه الخطوة لن تكون الأخيرة، كما أن ترامب، ينوي توسيع تدخل الدولة في القطاعات التي تمس الأمن القومي، من التعدين للتكنولوجيا للطاقة، ومن المتوقع، زيادة استثمارات حكومية في شركات التعدين المحلية خلال 2026–2027.

فضلًا عن تحفيز شركات الدفاع على استخدام مواد أولية أميركية أو حليفة، بدلًا من المستوردة من الصين، إضافة إلى تعزيز التعاون مع أستراليا وكندا، كحلفاء في مجال المعادن الحرجة، وهذا كله قد يجعل ترامب، في جرينلاند ليس مجرد استثمار عابر، بل رسالة إستراتيجية للعالم، تعكس كون أمريكا تعود بقوة للتحكم في المواد التي تغذي ثورتها الصناعية الجديدة، وبينما الصين تكافح للحفاظ على نفوذها في الأسواق، تبني واشنطن قواعدها في الشمال بهدوء وبذكاء.

وما بدأ بدأ كـ"مزحة" عن شراء جزيرة، يتحول الآن إلى خطة اقتصادية مدروسة لتأمين مستقبل أمريكا الصناعي، وجرينلاند لم تعد مجرد أرض جليد، لكنها نقطة الاشتعال الجديدة في صراع القوى العظمى على معادن القرن الـ21.

 

اقرأ أيضًا:-

جرينلاند، الجزيرة التي تسعى أمريكا لامتلاكها بأي ثمن (فيديو)

ترامب يهدد بالاستحواذ على قناة بنما ومنطقة "جرينلاند"

جزيرة جرينلاند

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search