مدينة وصندوق ومنطقة، هل تتحول غزة إلى مشروع اقتصادي دولي؟
الجمعة، 03 أكتوبر 2025 01:17 م

خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة
ميرنا البكري
لم تعد خطة ترامب لإنهاء حرب غزة مجرد طرح سياسي لإنهاء الصراع، لكن في جوهرها مشروع اقتصادي ضخم لإعادة تشكيل غزة من الصفر، تعتمد الخطة على مبدأ: "إذا أصبحت غزة منطقة آمنة ومنزوعة السلاح، يبدأ الحل بالاقتصاد".
يتحول الاقتصاد هنا أداة سياسية وضمانة أمنية في نفس الوقت. ومن أول سطر في الخطة، يتضح أن الهدف الأساسي ليس إيقاف الحرب فقط، لكن خلق "غزة جديدة" تعتمد على الاستثمار، وإعادة الإعمار، والمناطق الاقتصادية الخاصة.

ضخ أموال، بداية مشروع إعادة إعمار واسع
تركز الخطة على ضخ مساعدات "وافرة" لقطاع غزة من أول يوم بعد الاتفاق، فلا تقتصر المساعدات على الطعام والشراب، لكن ستمتد لإعادة بناء البنية التحتية، من كهرباء، ومياه، وصرف صحي، ومستشفيات، ومخابز، وأيضًا في إدخال معدات لإزالة الأنقاض وفتح الطرق، أي نحن أمام "خطة مارشال" صغيرة لغزة، لكن بأموال دولية وبرقابة مشددة من الأمم المتحدة والهلال الأحمر.
اقتصاديًا، يعني تشغيل آلاف العمالة المحلية، وتنشيط قطاع المقاولات والبناء، وفتح باب لشركات إقليمية ودولية تدخل سوق الإعمار.
الاستثمار “كلمة السر”
واحدة من أبرز النقاط الاقتصادية، إنشاء “منطقة اقتصادية خاصة” في غزة برسوم جمركية تفضيلية، إذا تم تنفيذ هذه المنطقة بالفعل، ستصبح أشبه بالمناطق الحرة الموجودة في دبي أو طنجة أو بورسعيد، مما يعني استثمارات أجنبية مباشرة، وشركات تصنيع، وخدمات لوجستية، وشبكة تجارة مفتوحة على العالم.
بجانب هذا، هناك فريق خبراء دوليين الذين ساهموا في بناء مدن حديثة في الخليج، سيصيغوا خطة تنمية اقتصادية طويلة المدى لغزة، مما قد يحول القطاع من منطقة حرب لمنطقة جذب للاستثمار.
سوق عمل جديدة، من البطالة للانتعاش
تلمح الخطة بشكل مباشر أن الاستثمارات والمشروعات ستوفر فرص عمل ضخمة لسكان غزة، وحاليًا تتجاوز البطالة في غزة 45%، تحديدًا بين الشباب، كما أن دخول شركات إعمار وصناعات خفيفة وخدمات لوجستية قد يخفض هذا المعدل تدريجيًا.
لكن أيضًا هناك تحدي، هل القوى العاملة في غزة مؤهلة أم تحتاج إلى تدريب جديد؟ لذلك وجود قوة دولية لتأمين الحدود ومراقبة التدفقات التجارية سيخلق نوع من "الأمان الاستثماري"، لكن هذا لابد أن يترافق مع برامج تدريب مهني وتعليمي.
إدارة انتقالية، اقتصاد تقوده التكنوقراط
من الجانب الاقتصادي، ترتكز الخطة على تشكيل لجنة فلسطينية من التكنوقراط (نظام للحكم يتم اختيار فيه أشخاص غير سياسيين لإدارة قطاعات غزة) تحت إشراف "مجلس سلام" دولي، هذا المجلس برئاسة ترامب نفسه وبدعم قادة عالميين مثل توني بلير.
والهدف من نظام التكنوقراط، أن يكون الحكم في غزة "محايد" وبعيدًا عن الفصائل، ويركز على الخدمات العامة، والبنية التحتية، وجذب الاستثمار، كما أن وجود "إدارة تكنوقراط" يزود ثقة المستثمرين ويقلل مخاطر الفساد التي عادةً تهدد تدفقات المساعدات.
المساعدات مقابل السلاح، معادلة اقتصادية أمنية
تضع الخطة شرطًا واضحًا، "نزع سلاح غزة" لكي يستمر تدفق المساعدات والاستثمارات، مما يخلق نوع من “المعادلة الاقتصادية الأمنية”، كلما نزعت غزة سلاحها وتخلصت من الأنفاق والصواريخ، كلما زادت المساعدات.
لكن هذا يعني أن اقتصاد غزة سيكون مرهونًا بسياسات أمنية، فقد يوقف أي توتر أمني الأموال المتدفقة، ويعيق التنمية، وهذا يشكل خطرًا كبيرًا على استدامة الاقتصاد.
التداعيات الإقليمية، مصر في الصورة
تشير الخطة بشكل واضح أن مصر والأردن، سيشاركون في تدريب الشرطة الفلسطينية والمساعدة في تأمين الحدود، مما يعني مكاسب اقتصادية غير مباشرة لمصر:-
1.زيادة حركة التجارة عبر معبر رفح.
2.عقود محتملة للشركات المصرية في إعادة الإعمار.
3.دور استراتيجي لمصر كـضامن أمني وتجاري يجعلها في قلب أي استثمارات تخص غزة.
أبرز التوقعات الاقتصادية، سيناريوهات مستقبلية
1. إذا تم تنفيذ هذه الخطة بشكل كامل، قد تتحول غزة لمركز اقتصادي صغير في شرق المتوسط، بجاذبية استثمارية مثل المناطق الحرة في الخليج، مما يخفض البطالة، ويرفع مستويات المعيشة، ويخلق سوق جديدة للسلع والخدمات.
2. إذا اصطدمت الخطة برفض حماس أو بعدم التزام الكيان الصهيوني “إسرائيل”، يظل الاقتصاد الغزي رهينة للحصار والدمار، والمساعدات تظل متقطعة.
3. قد يُنفذ جزء من الخطة كالإعمار والمساعدات، دون تحقيق نزع سلاح كامل، ووقتها ستدخل غزة في "اقتصاد هش" مرتبط بالأوضاع الأمنية.
اقتصاد غزة بين المطرقة والسندان
تعكس خطة ترامب تحول كبير، فأصبح الاقتصاد ساحة الحرب والسلام في غزة، فإذا قمت ببناء اقتصاد قوي، ستقلل دوافع الحرب، لكن السؤال الأهم، هل من الممكن أن ينهض اقتصاد غزة تحت إشراف دولي وأمني معقد، أم سيظل رهينة للتجاذبات السياسية؟
النتيجة النهائية أن غزة أمامها فرصة تاريخية للتحول من "منطقة حصار وحرب" لـ "منطقة تنمية واستثمار"، لكن هذا مشروط بمدى التزام الأطراف وضمان استمرار التدفقات المالية.
اقرأ أيضًا:-
ترامب: الرئيس السيسي ساهم بشكل كبير في الوصول لاتفاق وقف الحرب بقطاع غزة
البيت الأبيض يكشف تفاصيل خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
تقرير عالمي يؤكد ضرورة النظر إلى الموارد المائية كعامل حيوي في دفع عجلة الاقتصاد
02 أكتوبر 2025 01:57 م
كيف يمكن لمستثمر صغير أن يقلب سوق الأسهم ويعرض مؤسسات كبرى لخسائر فادحة؟
01 أكتوبر 2025 08:55 م
ماذا يعنى نمو الأنشطة غير النفطية للسعودية 55.6%؟ المملكة تتجه لتغيير شكل اقتصادها
02 أكتوبر 2025 12:22 ص
أكثر الكلمات انتشاراً