خبراء لـ"إيجي إن": مصر تقود مستقبلها الرقمي بمراكز بيانات عملاقة و"صحة ذكية" مدعومة بالاتصالات

الإثنين، 22 سبتمبر 2025 05:00 م

مراكز البيانات- تعبيرية

محمد السيد

تشهد مصر طفرة متسارعة في الصناعات الرقمية التي باتت تمثل أحد أهم محركات النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات، حيث تتصدر مراكز البيانات العملاقة المشهد باعتبارها بوابة للتحول الرقمي وخدمات الحوسبة السحابية، فيما تفتح صناعة البرمجيات والألعاب الإلكترونية آفاقًا جديدة أمام الشباب كمصدر دخل وفرص عمل في سوق عالمي متنامٍ، في الوقت الذي تعزز فيه تطبيقات الصحة الرقمية دورها في تحسين جودة الخدمات الطبية بدعم من شركات الاتصالات.

رئيس تنظيم الاتصالات الأسبق لـ«إيجي إن»: تقنيات حديثة تسمح للأطباء بإجراء عمليات عن بُعد

قال الدكتور عمرو بدوي، رئيس جهاز تنظيم الاتصالات الأسبق، إن في السنوات الأخيرة، باتت شركات الاتصالات في قلب التحول الذي يشهده قطاع الصحة الرقمية في مصر، وتعد تلك الشركات "العصب الحقيقي" الذي يربط بين المريض ومقدم الخدمة الطبية، ولولا شبكات الاتصالات القوية لما أمكن الحديث عن منصات الكشف الطبي عن بُعد أو خدمات المتابعة الصحية الذكية، وأن وجود شبكة ألياف ضوئية تصل إلى المستشفيات والمستوصفات والعيادات الخاصة يمثل حجر الأساس لتمكين الأطباء من الوصول الفوري إلى بيانات المريض المحدثة، بما في ذلك التحاليل الطبية والإشعاعات والتشخيصات السابقة والعمليات الجراحية.

تقنيات حديثة تسمح للأطباء بإجراء عمليات عن بُعد

أضاف رئيس جهاز تنظيم الاتصالات الأسبق، في تصريحات خاصة لـ"إيجي إن"، أن البنية التحتية المتطورة لا تقتصر على نقل البيانات فحسب، بل تمتد إلى تمكين تقنيات حديثة تسمح للأطباء بإجراء عمليات عن بُعد، ما يكتسب أهمية بالغة نظرًا لقلة عدد الخبراء المتخصصين في بعض المجالات الطبية، وتُظهر هذه التقنيات أهمية وجود شبكات إنترنت ذات سرعات فائقة وزمن استجابة منخفض للغاية، بما يتيح للطبيب التعامل مع الحالة كما لو كانت أمامه مباشرة، دون أي تأخير قد يؤثر على حياة المريض.

مراكز بيانات عملاقة تستوعب السجلات الطبية

أشار “بدوي”، إلى أن التطور يفرض الحاجة إلى مراكز بيانات عملاقة قادرة على استيعاب السجلات الطبية لعشرات الملايين من المواطنين، ما يجعل الاستثمار في مراكز البيانات ركيزة أساسية لضمان استمرار المنظومة بكفاءة عالية، وتُعد هذه المراكز نقطة التقاء بين التكنولوجيا الطبية وشبكات الاتصالات، فلا يمكن الاستغناء عنها لتخزين ومعالجة الكم الهائل من المعلومات الصحية.

انتشار تطبيقات الصحة الرقمية

أوضح "بدوي"، أن انتشار تطبيقات الصحة الرقمية بين المرضى ما زال في بداياته، ورغم الإمكانات الواعدة، وأن الاستخدام في الغالب يظل محليًا داخل المستشفى أو العيادة، بينما لا تزال إمكانية تبادل البيانات الطبية بين المؤسسات المختلفة محدودة، ويعود ذلك إلى غياب شبكة ربط شاملة تسمح بانتقال ملفات المرضى من مستشفى إلى آخر، ما يجعل المريض غالبًا مضطرًا لحمل بياناته بنفسه.

تحسين جودة الخدمات الصحية

شدد رئيس جهاز تنظيم الاتصالات الأسبق، أن تلك التطبيقات، قادرة بالفعل على دعم خطط الدولة في تحسين جودة الخدمات الصحية وتخفيف الضغط عن المستشفيات، لكنها تتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية، إلى جانب تدريب الكوادر الطبية ورفع مستوى الثقافة الرقمية، وأن الحكومة مطالبة بتوفير التسهيلات اللازمة ودعم الاستثمار في هذا القطاع، سواء عبر الكهرباء المخصصة لتشغيل مراكز البيانات أو عبر توفير المناخ المناسب للقطاع الخاص الذي يسعى لتحقيق عائد على استثماراته، وبهذا يصبح التحول نحو الصحة الرقمية في مصر مسؤولية مشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص، مع دور محوري لشركات الاتصالات التي تضع الأساس التكنولوجي لهذا المستقبل.

خبير تكنولوجيا لـ"إيجي إن": مراكز البيانات العمود الفقري للاقتصاد الرقمي

قال المهندس محمد الحارثي، خبير التكنولوجيا وأمن المعلومات، إن مصر تمتلك مقومات فريدة تؤهلها لتكون مركزًا إقليميًا جاذبًا للاستثمارات في مجال مراكز البيانات العالمية، وأن الموقع الجغرافي لمصر يمنحها ميزة استراتيجية باعتبارها بوابة طبيعية للأسواق الأفريقية والعربية، فضلًا عن قربها من أوروبا وآسيا، وهو ما يجعلها نقطة ارتكاز مثالية لخدمات مراكز البيانات العابرة للحدود، وأن انخفاض تكلفة التشغيل في مصر مقارنة بدول أخرى يمنحها تنافسية كبيرة في استقطاب المستثمرين، خاصة وأن مراكز البيانات تحتاج إلى مصاريف تشغيلية مرتفعة.

توسيع الخدمات الرقمية

أشار الخبير في تصريحات خاصة لـ"إيجي إن"، أن تزايد الطلب على مراكز البيانات سواء محليًا أو إقليميًا يدعم بقوة توجه مصر لتوسيع استثماراتها في هذا القطاع، ومراكز البيانات لم تعد مجرد بنية تحتية تقنية، بل أصبحت العمود الفقري للاقتصاد الرقمي، حيث تعتمد عليها تطبيقات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية ومنظومات الأعمال الرقمية الحديثة، وأن وجود مراكز بيانات من أجيال متطورة يعد شرطًا أساسيًا لتسريع التحول الرقمي وتوسيع الخدمات الرقمية للشركات والمؤسسات في المنطقة.

مستقبل الاقتصاد الرقمي

أوضح “الحارثي”، أن مراكز البيانات تلعب دورًا محوريًا في دعم البحث والتطوير، إذ تتيح للشركات الكبرى والناشئة مساحات تخزينية ومعالجات قوية قادرة على استيعاب الابتكارات التكنولوجية، كما تساعد على تعزيز قدرات الشركات المتوسطة والصغيرة في جمع وتحليل البيانات، وهو ما ينعكس على زيادة كفاءتها وإنتاجيتها، وأن الاستثمار في الجيل الجديد من مراكز البيانات ليس رفاهية، بل ضرورة لدعم مستقبل الاقتصاد الرقمي.

صناعة الألعاب الإلكترونية

وحول صناعة الألعاب الإلكترونية في المنطقة العربية، أكد “الحارثي”، أن هذا القطاع لا يزال يواجه تحديات كبيرة على مستوى غياب نموذج عمل واضح وصعوبة إقناع المستثمرين بضخ تمويلات ضخمة في مشاريع عالية المخاطر، وأن الدول العربية بحاجة إلى رؤية مختلفة لتطوير هذه الصناعة، والتجارب عالمية ناجحة في كوريا والصين والولايات المتحدة، حيث تحولت الألعاب الإلكترونية إلى مصدر رئيسي للدخل وأداة لخلق ملايين فرص العمل، وأن مصر تمتلك عقولًا شابة قادرة على المنافسة، لكنها تحتاج إلى بيئة تمويلية وتنظيمية مشجعة.

نقلة نوعية في الرعاية الصحية

وفيما يتعلق بدور شركات الاتصالات في دعم الخدمات الصحية الذكية، شدد “الحارثي”، على أن هذه الشركات تمثل حجر الأساس لنجاح منصات الكشف الطبي عن بعد، أو ما يُعرف بـ"الطب الحديث عن بعد"، وأن توفير الإنترنت السريع والتغطية الشاملة للمناطق النائية عنصران أساسيان لضمان وصول الخدمات الطبية الرقمية إلى جميع المواطنين، وأن بعض المبادرات المجتمعية قد بدأت بالفعل في هذا الاتجاه، لكن المرحلة المقبلة تتطلب مشاركة أكبر من شركات المحمول وتجهيزات تقنية متطورة، بما يتيح للطبيب في العاصمة مثلًا تقديم استشارات وخدمات صحية لمريض في قرية نائية، وهو ما يمثل نقلة نوعية في الرعاية الصحية بمصر.