معركة ترامب مع صناعة الدواء، تداعيات اقتصادية عميقة على السوق الأمريكي والعالمي

السبت، 20 سبتمبر 2025 10:02 ص

ترامب

لم تعد المواجهة بين إدارة ترامب وصناعة الأدوية مجرد خلافٍ سياسي أو تنظيمي، بل تحولت إلى أزمة اقتصادية لها انعكاسات مباشرة على استثمارات شركات الأدوية وأسواق المال، وسط قرارات وإجراءات مثيرة للجدل يقودها وزير الصحة والخدمات الإنسانية روبرت ف. كينيدي جونيور، المعروف بمواقفه المتشددة، تجاه شركات الدواء والتطعيمات.

ثقة مهتزة وخسائر فورية في البورصة

ومنذ إعلان ترشيح كينيدي للمنصب، وتعينيه ضمن إدارة ترامب، فقدت شركات كبرى مثل فايزر وموديرنا مليارات الدولارات من قيمتها السوقية في يوم واحد، وهو مؤشر على هشاشة ثقة المستثمرين تجاه سياسات الإدارة.

ومن المنتظر أن تناقش اللجنة الاستشارية للقاحات (ACIP) التابعة لوزارة الصحة، تقرير مثير للجدل أعدته جهات رسمية يزعم وجود صلة بين لقاحات كورونا ووفاة 25 طفلًا، رغم غياب الأدلة العلمية الكافية، وفقًا لما نشرته ياهو فايننس Yahoo Finance.

ويستند التقرير إلى قاعدة بيانات الإبلاغ عن الأعراض الجانبية للقاحات (VAERS)، وهي قاعدة تضم بلاغات غير مؤكدة، يمكن لأي شخص إدخالها، كما أن كنيدي، شن حملة لتقليص نفوذ ما يسميه "هيمنة شركات الأدوية" على الوكالات الصحية، معلنًا خفض قوة العمل في الوزارة، بنسبة 25% أي ما يقارب 20 ألف موظف.

وأقدم كنيدي، على سلسلة قرارات مثيرة، من بينها إقالة مديرة مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) سوزان موناريز، بعد أسابيع فقط من توليها منصبها، التي أكدت في شهادة أمام الكونجرس، أن كينيدي وصف المركز بأنه أكثر وكالة فاسدة فيدراليًا، وأن موظفيه اشترتهم شركات الأدوية، مضيفةً أنه طلب منها الالتزام المسبق بموافقته على كل توصيات لجنة اللقاحات، وهو ما رفضته.

إلغاء مشروعات بحثية بقيمة نصف مليار دولار

وزادت الإجراءات التي تم اتخاذها لاحقًا، خاصة إلغاء مشروعات بحثية بقيمة نصف مليار دولا، من الضبابية في السوق كما أثارت مخاوف من انسحاب الاستثمارات من قطاع التكنولوجيا الحيوية.

تقويض منظومة البحث والتطوير

وأدى قرار كينيدي، بوقف تمويل مشروعات لتطوير لقاحات ضد أنفلونزا الطيور وفيروسات أخرى، تعتمد على تقنية mRNA أدى إلى إغلاق 22 مشروعًا بحثيًا، كانت تقودها شركات كبرى مثل فايزر وموديرنا، ما يعني إبطاء وتيرة الابتكار في قطاع اللقاحات والأدوية الحديثة.

وعلى المستوى الاقتصادي، يضعف ذلك القدرة التنافسية الأمريكية أمام أوروبا وأسيا، حيث تتدفق الاستثمارات نحو الأبحاث المتقدمة، كما أنه يعمق فجوة الأمن الصحي في مواجهة الأوبئة المستقبلية.

هجوم على الإعلانات الدوائية

ولم يتوقف كينيدي عند ملف اللقاحات، بل ضغط أيضًا لإنهاء الإعلانات الدوائية الموجهة للمستهلكين، وفي الـ9 من سبتمبر الماضي، وقع ترامب أمرًا تنفيذيًا يقضي بتشديد القواعد الخاصة بالإعلانات، فيما أرسلت إدارة الغذاء والدواء (FDA)، آلاف التحذيرات لشركات الدواء لإزالة الإعلانات المضللة.

إعادة صياغة سوق الإعلانات الدوائية

وتُقدّر ميزانية الإعلانات الدوائية المباشرة للمستهلكين بنحو 14 مليار دولار سنويًا، كما تخطط الإدراة للعودة إلى قوانين ما قبل 1997م، والتي تلزم الشركات بذكر جميع المخاطر المرتبطة بالدواء في الإعلان، وهو ما قد يؤدي فعليًا إلى اختفاء معظم الإعلانات التلفزيونية الحالية، ما يضرب أحد أهم محركات مبيعات الأدوية.

أسعار الأدوية وضغوط التصدير

وفي الـ31 من يوليو، وجّه ترامب رسائل إلى 17 شركة أدوية كبرى، يطالبها بخفض أسعار الأدوية في السوق الأمريكية، لتتوافق مع أقل سعر تقدمه هذه الشركات في الدول المتقدمة الأخرى، فيما يُعرف بسياسة "الأمة الأكثر تفضيلًا".

ورغم أن هذه السياسة واجهت تحديات قضائية في الماضي، إلا أنها تمثل أداة ضغط قوية على الشركات، إلى جانب ذلك، فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على الأدوية الأوروبية، الأمر الذي يرفع تكلفة الواردات ويهدد بتوتر تجاري مع الاتحاد الأوروبي، وهو سوق رئيسي للشركات الأمريكية.

تداعيات الابتكار والتوظيف

ويخلق خفض قوة العمل في وزارة الصحة بنسبة 25%، وما تبعه من استقالات واسعة داخل الـFDA والـCDC، حالة من عدم اليقين التنظيمي، كما أن غياب الاستقرار المؤسسي يعني تباطؤ الموافقات على الأدوية الجديدة، ما يضر بسرعة دخول الابتكارات إلى السوق.

ولا يؤثر هذا الوضع فقط على الصحة العامة، بل ينعكس أيضًا على فرص العمل في قطاع التكنولوجيا الحيوية، ويضعف القدرة التنافسية الأمريكية، أمام الاقتصادات الصاعدة.

رد فعل الصناعة وإستراتيجيات المواجهة

شركات الأدوية الكبرى مثل ميرك وأسترازينيكا وبريستول مايرز سكويب وإيلي ليلي، لم تقف مكتوفة الأيدي، إذ سارعت لتشكيل جماعة ضغط جديدة تحت اسم IRA Watchdog، لمواجهة السياسات الحكومية، فيما توضح التطورات الأخيرة، أن المواجهة بين إدارة ترامب ووزير الصحة روبرت كينيدي، أما صناعة الأدوية تجاوزت كونها خلافًا تنظيميًا، لتتحول إلى صراعٍ اقتصادي شامل.

وفي الوقت الذي تسعى فيه الإدارة لتحقيق مكاسب سياسية سريعة عبر خفض أسعار الأدوية وتشديد القيود على الإعلانات، فإن هذه السياسات تضع ضغوطًا حقيقية على الابتكار والاستثمار، وتفتح الباب أمام مزيد من الاضطراب في أسواق المال.

وفي ظل تصاعد حدة الإجراءات واستمرار الصناعة في حشد جماعات الضغط لمواجهتها، يبدو أن السوق الأمريكي مقبل على مرحلة من عدم اليقين الاقتصادي، قد تعيد تشكيل خريطة المنافسة عالميًا، وإذا استمر الصدام بلا حلول وسطية، فإن ذلك قد يؤدي إلى تباطؤ الابتكار الطبي الأمريكي، وتراجع مكانة الولايات المتحدة كقوة رائدة في صناعة الدواء، ما يضع المستثمرين أمام معادلة صعبة بين المخاطر السياسية والعوائد الاقتصادية.

اقرأ أَيضًا:-

ترامب: المحادثات الصينية سارت بشكل جيد بشأن تيك توك وسنلتقي الشهر المقبل

«فيديكس» تتوقع خسارة مليار دولار بسبب رسوم ترامب الجمركية

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا.

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.