الجمعة، 19 سبتمبر 2025

02:22 م

محمود صالح يكتب: مولانا الملك "أمنمؤوبي".. السوار ساح!!

الخميس، 18 سبتمبر 2025 06:26 م

محمود صالح

محمود صالح

من العجيب في بلادنا، أن ثمة أشخاص، لا يرون في الأثر قيمته التاريخية، بقدر ما يروا فيه قيمته المادية، تحت حسبة "بكام؟"، هذا الأمر ينطبق جملة وتفصيلًا على أي شخص أغوته المادة، وحب "القرش"، لكن يبقى الأمر في سياق مطمئن، طالما أن هؤلاء، ليس لديهم أي علاقة بالأثر، لكن أن يأتي الأمر من أولى الأمر، فهو عين الجرم ذاته.

مسؤولة ترميم في المتحف المصري بالتحرير، طبيعة عملها تتمثل في حماية الأثر وإعادة الشيء لأصله، تسعى جاهدة أن تحافظ على الأثر، درست وتعلمت وتخرجت وعملت في المجال، وأصبحت على قرب من آلاف القطع الأثرية النادرة، ومسؤولة عنها مسؤولية مباشرة، لكن، لأنها من أولئك الذين تربع في وجدانهم حب المادة عن القيمة، لم تجد في السوار الأثري النادر، والذي يرجع تاريخه لـ3 آلاف عام خلت، إلا بعض من الجنيهات.

أخذت الأثر، وباعته لصاحب ورشة ذهب، وهو الأخر، لم ير فيه غير جراماته، وعليه، باعه لعامل في مسبك ذهب، وانتهى الأمر بصهر السوار، لإعادة تدويره في مصوغات أخرى.

قطعة ذهبية نادرة، مرصعة بخرزة كروية من اللازورد، يعود تاريخها إلى عهد الملك أمنمؤوبي، من الأسرة الحادية والعشرين، 1070-945 قبل الميلاد. هذه القطعة التي بقيت محفوظة طيلة هذه الفترة حتى هذا الشهر، قررت إخصائية الترميم، أن تكتب نهايتها، فسرقتها خلسة وحملتها في طيات ملابسها، وخرجت بها من المتحف، وأسرعت إلى أحد أقاربها تزف له البشرى، والذي بدوره وجد في القطة كنزًا لا يجب أن يُترك، فتواصل مع صاحب ورشة ذهب، وباع له السوار بمبلغ 180 ألف جنيه.

المتهمون في سرقة السوار

صاحب ورشة الذهب، وقت أن اشترى السوار بهذا المبلغ، لمعت في عينيه فكرة أن يبيعه إلى أخر بمبلغ أعلى، ويحصل هو على فرق السعر، وبالفعل، باعه لآخر، عامل بأحد مسابك الذهب، مقابل مبلغ 194 ألف جنيه، ليقوم الأخير بصهر السوار الأثري ضمن مصوغات أخرى، لإعادة تشكيله وطمس معالمه.

تخيل أن تنتهي رحلة سوار أثري نادر، بعد 3 آلاف عام، إلى مسبك ذهب، لصهره!

السوار الذهبي الذي تم سرقته وصهره

بعيدًا عن القيمة التاريخية، فالسوار يبلغ وزنه، حسب عدة مصادر مطلعة، 600 جرام، وهو ما يشير إلى أن قيمته المالية تقدر بنحو 3.5 مليون جنيه، هذا لو تطرقنا إلى جزئية الوزن فقط، لأن قيمته في المزادات، المخصصة لبيع التحف والإنتيكات، تقدر تقريبًا بـ180 مليون دولار!

هذه التقديرات، تم الإشارة إليها، وقت أن التزمت وزارة السياحة والآثار الصمت، في بيانها الذي أشار إلى واقعة السرقة، عن شكل الأسورة.

هذا الصمت، الغريب، وغير المفهوم، عزز من انتشار صورة أخرى لسور ذهبي يعود إلى للملك بسوسنس الأول، لكن الحقيقة، أن هناك اختلافًا بين السوارين، السوار المسروق وزنه أقل بكثير من السوار الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى في إيضاح الحقيقة أمام الرأي العام، لم تعلق الوزارة! 

السوار الذهبي للملك بسوسنس الأول 

هذه الواقعة تفتح باب التساؤلات داخل وزارة السياحة والآثار، لأنه حتى بعد أن تم كُشف الجناة، فالمصيبة حدثت، والسوار سُرق وصُهر، وبالتالي معاقبة الجناة ليس نهاية المطاف، فالأولى أن تسعى الوزارة جاهدة إلى منع تكرار مثل هذه الوقائع مرة أخرى، "مش طبيعي إن كل شوية يتسرق لنا أثر ويتصهر".

ثم أن الواقعة، كانت كاشفة في حقيقتها، على مقدار الإهمال الذي استشرى في العديد من الهيئات التابعة للوزارة، لأنه في الوقت الذي سرق السوار الذهبي، خرجت قرارات أخرى متعلقة بتكليفات جديدة وتعينات، وكأن الوزارة في واد، ومتاحفها في واد آخر.

واقعة سرقة السوار وصهره، أعادت إلى ذهني مشهد الفنان العظيم يوسف عيد، رحمه الله، في فيلم “الحرب العالمية الثالثة”، عندما أطربنا قائلا: “نيفرتيتي ساحت.. راحت مطرح ما راحت”. وهي الجملة التي أراها معبرة عن سرقة سوار الملك أمنمؤوبي، فالإسورة، “ساحت وراحت مطرح ما راحت". 

أيها السادة، هناك مثلا شعبيًا لم يغب لحظة عن مخيلتي، "بيت المهمل يخرب قبل بيت الظالم"، فأرجو أن تدركوا جيدًا المثل، قبل أن "يتخرب بيتكم، وبيتنا".

اقرأ أيضًا:

الداخلية تضبط مرممة آثار سرقت إسورة تاريخية وباعتها في الصاغة بـ 180 ألف جنيه

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search