بريطانيا في فخ "التضخم العنيد"، هل يخاطر بنك إنجلترا بالاقتصاد أم يغامر بالأسعار؟
الأربعاء، 17 سبتمبر 2025 12:11 م

الاقتصاد البريطاني
ميرنا البكري
قد تظهر أرقام التضخم الأخيرة في بريطانيا لأول وهلة أنها "مستقرة"، فسجلت 3.8% في أغسطس كما كانت في يوليو، أي لا يوجد تصعيد جديد، لكن الحقيقة أن هذا الاستقرار لا يعني أن الأزمة تم حلها؛ نظرًا لأن لتضخم لايزال فوق مستهدف بنك إنجلترا (2%) وبفارق كبير، ولايزال يضغط على المستهلكين والاقتصاد، أيضًا السوق يعتقد أن البنك المركزي في وضع صعب، فهل يثبت الفائدة أم يستمر في الخفض؟

معضلة بنك إنجلترا، خفض الفائدة أم التريث؟
منذ أغسطس، خفض البنك الفائدة لأول مرة من 4.25% لـ 4%، وجاء هذا القرار بعد شهور من التشديد، لكن لجنة السياسة النقدية لم تكن متفقة بالكامل، فجاءت 5 أصوات مع الخفض، و4 ضد، فهذا الانقسام ليس تفصيلة صغيرة، بل إشارة بأن صانعي القرار يدركون المخاطر بشكل مختلف.
فهناك فريق يقول: “الاقتصاد بطيء والتضخم بيهبط تدريجياً، فمن الضروري أن يحدث دفعة للنمو”، وفريق آخر يحذر: “الأجور لازالت مرتفعة، والتضخم لايزال فوق الهدف، وأي خفض سريع قد يشعل الأسعار مرة أخرى”.
اليوم، التوقعات كلها بأن البنكيثبت مؤقتًأ عند 4%، حيث يعطي نفسه مساحة لمراقبة التطورات دون أن يغامر.
التضخم البريطاني، أعلى من أمريكا وأوروبا
المقارنة العالمية هنا مهمة للغاية، حيث وصلت أمريكا لتضخم 2.9%، وهو قريب للغاية من هدف الفيدرالي، وسجل تضخم منطقة اليورو 2.1%، أيضًا قريب من الهدف، أما إنجلترا فلازالت عند تضخم 3.8%، ويُتوقع أن يصل لـ 4% في سبتمبر.
تعكس هذه الفجوة أن بريطانيا لا تسير بنفس سرعة زملائها في حربها ضد التضخم، وهو يعود لعدة لعوامل محلية:-
1.ضغوط الأجور، فبقرغم التباطؤ، الأجور الأساسية لازالت ترتفع بـ 4.8%.
2.سوق العمل، بالفعل بدأ عدد الوظائف في التراجعصحيح بدأ يلين شوية، لكنه لايزال قوي لتخفيض التضخم.
كما يتوقع المستهلكون بأن يظل التضخم عالي، مما يدخل في الأسعار المستقبلية ويزود المشكلة.
الاقتصاد البطيء، هل الفائدة السبب؟
النمو في بداية النصف الثاني من 2025 كان 0.2% فقط، وهذه نسبة ضعيفة للغاية، وبالفعل الاقتصاد البريطاني تفادى الركود حتى الآن، لكن هذه معدلات، غير كافية لدعم وظائف واستثمارات قوية.
هنا السؤال، هل بنك إنجلترا بخفضه للفائدة يساعد الاقتصاد أم يخاطر بعودة التضخم؟
الإجابة أن البنك في ورطة مزدوجة، فأي خفض زيادة قد يشعل الأسعار، وأي تثبيت طويل يضغط على النمو والمستهلك.
المدى الطويل، تضخم عنيد حتى 2027
ما يثير القلق ليس أرقام أغسطس، لكن توقعات البنك نفسه، كما أنه يقول إن التضخم سيظل فوق 2% حتى ربيع 2027، أي حوالي عاميين ونصف من "تضخم عنيد"، حتى مع تباطؤ النمو، مما يعني أن بريطانيا مقبلة على فترة طويلة من "الركود التضخمي الخفيف" (Stagflation Lite)، من نمو ضعيف وأسعار لسه عالية.
النتيجة، أزمة ثقة قبل أن تكون أزمة أرقام
لا يتأثر المواطن البريطاني من التضخم الفعلي فقط، لكن من توقعاته، فكلما استمر المستهلك في التوقع بأن الأسعار ترتفع، هذا ينعكس على تصرفاتهم، وبالتالي يرفعون الأجور المطلوبة، ويرفعون أسعار السلع والخدمات، ويضغطون السوق أكثر، وهذه دائرة مفرغة، ومن الضروري أن يكسرها البنك، لكن الأدوات التقليدية (الفائدة) أصبحت محدودة التأثير.
التوقعات، أبرز السيناريوهات المقبلة
1. على المدى قصير المدى (2025-2026)، قد تظل الفائدة ثابتة فترة طويلة، مع خفض تدريجي للغاية إذا بدأ التضخم في الهبوط أسرع من المتوقع.
2. سوق العمل هو العامل الحاسم، لفإذا استمرت الأجور مرتفعة، سيجد نفسه مضطر للتياطؤ أكثر في تخفيف السياسة النقدية.
3. الخطر الأكبر أن يتحول التضخم لظاهرة "مترسخة"، أيظل فوق الهدف لفترة طويلة ويكسر ثقة السوق في قدرة البنك على السيطرة.
بريطانيا في اختبار صعب
الآن، الملف الاقتصادي في بريطانيا أشبه بمعادلة معقدة، فيسجل اقتصاد بريطانيا تضخم أعلى من أوروبا وأمريكا، ونمو ضعيف، وأدوات نقدية محدودة، وبنك إنجلترا ليس لديه رفاهية الخطأن فاي أي خطوة زيادة في التيسير سترجع الأسعار لتشتعل، وأي تشدد زيادة يعيق النمو.
هذا سباق طويل بين "السيطرة على الأسعار" و"دعم الاقتصاد"، وما يتضح الآن أن التضخم لايزال متصدر السباق.
اقرا أيضًا:-
الاقتصاد البريطاني يواجه ركودًا، تراجع الصناعة يثقل النمو الصفري في يوليو
الجنيه الإسترليني يتراجع مقابل الدولار بسبب ركود الاقتصاد البريطاني في يوليو

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
مصر تُراهن على السياحة، كيف تُخطط مصر لتحقيق أعلى معدلات الاستثمار؟
16 سبتمبر 2025 09:45 م
المناطق الاقتصادية الخاصة، من الجدران الجمركية إلى المدن الذكية
16 سبتمبر 2025 11:53 ص
أكثر الكلمات انتشاراً