القرض السري يحسم خلافة «مردوخ»، «لاكلان» تُعيد ترتيب أوراق إمبراطورية الإعلام العالمية

في خطوة أنهت فصول صراع عائلي طويل داخل واحدة من أكثر السلالات الإعلامية نفوذًا في العالم، تمكن لاكلان مردوخ، Rupert Murdoch، من تثبيت موقعه كوريثًا وحيدًا لإمبراطورية والده الإعلامية العملاقة، وذلك عبر ترتيبات مالية معقدة شملت قروضًا سرية وتسويات بمليارات الدولارات.

وجاء هذا القرار بالتزامن مع الاحتفال بعيد ميلاده الرابع والخمسين، ليبدأ فصلًا جديدًا في تاريخ العائلة المثيرة للجدل.

خلافات عائلية وصراع على السلطة

وبحسب تقرير حديث، نشرته صحيفة تليجراف Telegraph البريطانية، لم يكن طريق “لاكلان” نحو السيطرة على الإمبراطورية سهلًا، بل سبقه صراع وخلافات عائلية كبيرة بين أبناء روبرت مردوخ، ووصل إلى محاكمات علنية في نيفادا نهاية عام 2024، حيث اتهم القاضي، روبرت وعائلته بالتصرف بسوء نية ووصف خططها لتغيير هيكل الثقة العائلية بأنها خدعة مدروسة بعناية.

وأوضح التقرير، أن الخلافات لم تقتصر على مسائل مالية فقط، بل ارتبطت أيضًا بالسياسة، ويتبنى Rupert Murdoch التوجه اليميني المحافظ مع والده، وتولى إدارة أعماله منذ عام 2023، ولكن عرف أشقاؤه جيمس وإليزابيث وبرودنس بميول أكثر ليبرالية.

هيكل جديد للثقة العائلية

وأشار إلى أنه أسفر الاتفاق النهائي عن إعادة هيكلة الثقة العائلية بحيث يحتفظ لاكلان بالسيطرة، وإن كان نفوذه قد تراجع قليلًا، حيث انخفضت حصص التصويت من 40% في كل من نيوز كورب  News Corp، وفوكس كورب Fox Corp، إلى 33% و36% على التوالي.

في المقابل، حصل الأشقاء الثلاثة المنسحبون من الهيكل العائلي، على ما يقارب 1.1 مليار دولار لكل منهم، بعد بيع أسهم بقيمة 1.4 مليار دولار من خلال بنك مورجان ستانلي، ولكن يبقى الغموض قائمًا بشأن الجهات التي اشترت تلك الحصص.

قرض بمليار دولار وغموض حول التمويل

ومن ضمن التسوية، حصل Rupert Murdoch أيضًا على قرض ضخم بقيمة مليار دولار، يعتقد أن بنك "جي بي مورجان" وفره، لكن لا تتضح حتى الآن الجهة الحقيقية التي تقف وراء التمويل، وفقًا لصحيفة تليجراف.

صناديق سيادية من الشرق الأوسط

وأثار هذا الغموض تكهنات بشأن احتمال وجود صناديق سيادية من الشرق الأوسط، خاصة مع التاريخ الطويل لعلاقات مردوخ مع مستثمرين عرب مثل الملياردير السعودي، الأمير الوليد بن طلال، الذي كان داعمًا للعائلة خلال أزمة فضيحة التنصت على الهواتف، في صحيفة "نيوز أوف ذا وورلد" عام 2011.

وأشار التقرير، أن أي تدخل من جانب صناديق الثروة السيادية قد يدق ناقوس الخطر، وبالأخص في أعقاب القوانين الجديدة التي تحظر ملكية الدول الأجنبية للصحف البريطانية.

وتزداد حساسية هذه الشبهات في ظل القوانين البريطانية الجديدة التي تحد من ملكية الصحف المحلية من قبل الدول الأجنبية بنسبة لا تتجاوز 15%، كما ألزمت المستثمرين الذين يمتلكون 5% أو أكثر بتقديم إخطار رسمي لوزير الخارجية، فيما تخضع أي ترتيبات تمويلية أو ديون لرقابة مشددة، إذا رُجح أن تؤثر على هيكل ملكية المؤسسة الإعلامية.

وكانت شركة News UK المملوكة لروبرت مردوخ من أبرز المعارضين لهذه القوانين، وضغطت بشكل مكثف من أجل رفع سقف نسبة الملكية، التي كانت مقترحة في البداية عند مستوى 5%.

تعريض الاستثمارات المستمرة في صناعة الإعلام والصحف البريطانية للخطر

وفي ردها على مشاورات حكومية جرت في وقت سابق من هذا العام، قالت الشركة إن وضع حد أقصى للملكية بنسبة 15% "سيوفر وضوحًا لجميع الأطراف المعنية، ويتجنب تعريض الاستثمارات المستمرة في صناعة الإعلام والصحف البريطانية للخطر بشكل غير مبرر، مع توفير الحماية المناسبة ضد النفوذ الأجنبي للدول.

ومن غير المتوقع، أن تكون News UK مُلزمة بإخطار الوزراء بأي تدخل محتمل من جانب دول أجنبية، وأشار التقرير إلى أن امتنعت News Corp عن التعليق على مصدر التمويل.

وأكد أنصار مردوخ، أن الصفقة تسهم في إزالة حالة عدم اليقين التي كانت تخيم على إمبراطوريته الإعلامية، معتبرين أنها خطوة تعزز الاستقرار وتمنح الشركة قدرة أكبر على المضي قدمًا بثقة.

من جانبه، شدد لاكلان مردوخ، في تصريحات أخيرة، على أن الصفقة أكدت وضوح استراتيجية المجموعة واستدامتها، موضحًا أن التركيز سيكون على إعادة رأس المال للمستثمرين، وتعزيز الربحية، والاستثمار في العلامات التجارية الأساسية، وخاصة في الصحافة المتميزة.

ولكن يترك الغموض المحيط بمصدر التمويل، تساؤلات مفتوحة بشأن المسار المستقبلي لإمبراطورية مردوخ الإعلامية.

مستقبل إمبراطورية مردوخ.. استقرار مؤقت أم محطة انتقالية؟

ورحب لاكلان مردوخ، بالاتفاق واعتبره خبرًا جيدًا للمستثمرين، موضحًا أن ذلك يمهد لمرحلة من الاستقرار، مؤكدًا أن التركيز سيكون على تعزيز العائد للمساهمين ودعم العلامات الإعلامية الأساسية.

غير أن محللين حذروا من أن وفاة روبرت مردوخ، البالغ 94 عامًا، ستكون الحدث الفاصل ونقطة التحول الحقيقية التي قد تعيد خلط الأوراق مجددًا.

صفقات محتملة وتحديات مقبلة

وأشار التقرير إلى أن لاكلان قد يسعى لتوسيع أنشطة المجموعة بعيدًا عن الإعلام، مستندًا إلى نجاحه الاستثماري السابق في قطاع العقارات عن طريق شركة REA الأسترالية.

وأضاف أن  قد يتطلع قطب الأعمال الجديد إلى المزيد من إبرام الصفقات لتنويع استثمارات المجموعة بعيدًا عن أصولها الإعلامية، وقد لا يتردد - بدافع البراغماتية - في بيع الصحف الأسترالية الخاسرة.

في الوقت نفسه، تواجه العائلة ضغوطًا من مساهمين نشطين مثل صندوق "ستاربورد فاليو"، الذي يدفع لإلغاء هيكل الأسهم المزدوجة للشركة، وربما فرض إعادة هيكلة جديدة على المدى المتوسط.

وبهذا الاتفاق، تمكن روبرت مردوخ من تحقيق انتصار شخصي حاسم في واحدة من أعقد معارك الخلافة داخل عائلته.

ولكن، رغم ما يبدو من استقرار مؤقت، تبقى أسئلة المستقبل قائمة، وهي هل ينجح لاكلان في الحفاظ على الإرث الإعلامي وسط متغيرات السوق وضغوط السياسة؟ أم أن وفاة مؤسس الإمبراطورية ستفتح الباب أمام جولة جديدة من الصراع؟.

تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.