الولايات المتحدة تبتكر أول مفاعل مبرد بالصوديوم وتايوان تتخلى عن الطاقة النووية
السبت، 13 سبتمبر 2025 11:00 ص

الطاقة النووية
كريم قنديل
يشهد قطاع الطاقة النووية العالمي نقلة نوعية تعكس تحوّلات عميقة في مشهد الطاقة الدولي، فوفقًا لتقرير الأداء النووي العالمي الصادر عن الجمعية النووية العالمية، سجلت الطاقة النووية في عام 2024 أعلى مستويات إنتاجها في التاريخ، بتوليد 2667 تيراوات / ساعة، متجاوزةً الرقم القياسي السابق المسجل في 2006.
هذه الطفرة في إنتاج الطاقة النووية لا تأتي من فراغ، بل تتزامن مع تحديات غير مسبوقة تواجه شبكات الطاقة العالمية، أبرزها النمو المتسارع في استخدام الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، التي تستهلك كميات ضخمة من الكهرباء، ما يضع ضغوطًا كبيرة على المنظومات التقليدية للطاقة، ويُعيد الاعتبار للطاقة النووية كمصدر ثابت ونظيف للطاقة.

آسيا في صدارة الطفرة النووية
الزخم الأكبر في نمو الطاقة النووية تقوده آسيا، حيث دخل 56 من أصل 68 مفاعلًا جديدًا الخدمة خلال العقد الأخير، في حين يجري بناء 59 من أصل 70 مفاعلًا نوويًا جديدًا في المنطقة ذاتها.
وفي عام 2024 فقط، دخلت سبعة مفاعلات نووية جديدة حيز التشغيل في كل من: الصين، الهند، الإمارات، فرنسا، والولايات المتحدة.
كما بدأ العمل على مشروعات جديدة في دول مثل مصر وباكستان وروسيا، ما يعكس تحولا استراتيجياً نحو تعزيز مصادر الطاقة المستدامة وسط أزمة طاقة عالمية متنامية.
في المقابل، تم إغلاق أربعة مفاعلات في دول مثل روسيا وكندا وتايوان، التي أعلنت رسميًا تخليها الكامل عن الطاقة النووية، في خطوة تعكس التباين الحاد في السياسات العالمية تجاه هذه التكنولوجيا.
سباق عالمي نحو الوقود النووي
مع تصاعد الاستثمار في الطاقة النووية، يرتفع الطلب على اليورانيوم، المادة الأساسية لتشغيل المفاعلات، ووفقًا لتوقعات الجمعية النووية العالمية، فإن الطلب على اليورانيوم قد يرتفع بنسبة 30% بحلول عام 2030، وقد يتضاعف ثلاث مرات تقريبًا ليصل إلى 200 ألف طن بحلول 2040 في سيناريو النمو المرتفع.
ومع أن الاحتياطيات الحالية كافية على المدى القريب، إلا أن الكثير من المناجم الكبرى المنتجة لليورانيوم ستغلق بحلول منتصف الثلاثينيات، في حين أن تطوير مناجم جديدة قد يستغرق ما بين 10 و20 عامًا، ما ينذر بوجود فجوة محتملة في الإمدادات قد تهدد استدامة التوسع النووي في المستقبل.
وبالنظر إلى أن 90% من الطلب العالمي يتم تلبيته عبر التعدين الجديد، في وقت تتناقص فيه المصادر الثانوية مثل المخزونات والوقود المعاد تدويره، فإن تعزيز الاستثمار في دورة الوقود النووي خاصة في التعدين والتخصيب أصبح ضرورة استراتيجية لضمان الأمن الطاقي العالمي.
الهند والصين.. صعود القوتين النوويتين الجديدتين
تتصدر الصين والهند قائمة الدول المحركة للطفرة النووية المقبلة، مدفوعة بالحاجة إلى تنمية البنية التحتية وخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري.
فالهند، التي تسعى إلى إنتاج 100 جيجاوات نووية بحلول 2047، لا تعتمد فقط على استيراد التكنولوجيا، بل تعمل على توطين بعض التقنيات مثل مضخات المبرد الابتدائية، لتعزيز أمنها الطاقي واستقلالها الصناعي.
هذه الاستراتيجية تندرج ضمن توجهات أكبر مثل "صنع في الهند" و"الهند المعتمدة على نفسها"، التي تهدف إلى بناء سلاسل إمداد محلية وتقليل التبعية للأسواق الخارجية.
وفي المقابل، الصين تمضي قدمًا في بناء مفاعلات جديدة بوتيرة أسرع من أي دولة أخرى، مستفيدة من خبرتها المتراكمة وقدراتها التكنولوجية وتمويلها الحكومي الهائل، وهو ما يعيد تشكيل موازين القوة في مجال الطاقة النووية العالمي.
الولايات المتحدة.. عودة مترددة من بوابة الابتكار
رغم أن الولايات المتحدة فقدت جزءًا من نفوذها في قطاع الإمداد النووي لصالح الصين وروسيا، إلا أنها تعود اليوم من بوابة الابتكار عبر إطلاق أول مفاعل مبرد بالصوديوم منذ أكثر من 40 عامًا، والذي يمثل مشروعًا تجريبيًا في ولاية أيداهو، تمهيدًا لإطلاق مفاعل تجاري مصغر بقدرة 50 ميجاوات مخصص لتغذية مراكز البيانات.
هذا النوع من المفاعلات المصنّفة ضمن الجيل الرابع يعد مثالًا على توجه جديد يسعى لجعل الطاقة النووية أكثر أمانًا، وأقل كلفة، وأسرع انتشارا، ما يمهد لمرحلة جديدة من الطاقة النووية الموزعة والمعتمدة على نماذج معيارية صغيرة.
اقرأ أيضًا:-
ارتفاع إنتاج الطاقة النووية في كوريا الجنوبية مع انخفاض استخدام الفحم
إعادة التفكير في المستقبل، كيف تُعيد الطاقة النووية تشكيل سوق العمل العالمي

مستقبل الطاقة النووية.. الفرص والتحديات
في ظل الضغوط البيئية، وتذبذب إمدادات الطاقة التقليدية، والنمو المتسارع للطلب الكهربائي، يبدو أن الطاقة النووية عادت إلى طاولة القرار العالمي بقوة.
لكن التحديات لا تزال قائمة، بدءًا من أمن سلاسل التوريد النووي، مرورًا بالتوترات الجيوسياسية التي تعيق التعاون، وصولاً إلى الحاجة للاستثمار طويل الأجل في التعدين والتقنيات الآمنة.
وبينما تمثل المفاعلات المعيارية الصغيرة والتعاونات الدولية في البحث والتطوير أملًا لتجاوز هذه التحديات، فإن العالم يقف اليوم عند مفترق طرق نووي.. إما استثمار مدروس ومستدام في الطاقة النووية، أو مواجهة عجز كهربائي متفاقم في المستقبل القريب.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
إسبانيا بين المطرقة والسندان، هل تنجح مدريد في موازنة علاقتها بين واشنطن وبكين؟
13 سبتمبر 2025 03:00 م
950 مليون جائع، الأمن الغذائي في مهب التحديات وندرة المياه تهدد عالم الغذاء
13 سبتمبر 2025 01:30 م
تضخم أمريكي مفاجئ.. والأسواق لا تزال تراهن على خفض الفائدة
12 سبتمبر 2025 04:56 م
أكثر الكلمات انتشاراً