لماذا تختار الشركات الكبرى التفكيك بدلا من التوسع؟ 4 أسباب تقلب قواعد وول ستريت
الأربعاء، 10 سبتمبر 2025 11:25 ص

وول ستريت
في مشهد يعكس تحولًا إستراتيجي غير تقليدي، تعيش الشركات الكبرى في الولايات المتحدة، خصوصًا تلك المدرجة في البورصات، حالة من التفكيك الذاتي الطوعي.
فبدلًا من التوسع والاستحواذ، تتجه العديد من الشركات نحو التقسيم، والبيع، أو الطرح الجزئي لوحداتها، وهو ما كان يعتبر سابقًا إعادة هيكلة اضطرارية، حيث أصبح الآن خطة عمل مقصودة ومدروسة، تستقطب أنظار المستثمرين الكبار والبنوك الاستثمارية على حدٍ سواء.

موجة تفكيك غير مسبوقة.. بالأرقام
وبحسب أحدث البيانات من شركة Dealogic، بلغت قيمة صفقات التفكيك التي أعلنت عنها الشركات الأمريكية حتى نهاية يوليو 2025 نحو 725 مليار دولار، بزيادة قدرها 48% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
في المقابل، قفز متوسط قيمة كل صفقة تفكيك في النصف الأول من هذا العام إلى 512 مليون دولار، أي أكثر من ضعف المتوسط في عامي 2023 و2024، وتؤكد هذه الأرقام أن ما يحدث ليس مجرد تصحيح مسار لشركات متعثرة، بل تحول جذري في فلسفة إدارة الشركات الكبرى.
لماذا يحدث هذا الآن؟ الأسباب الإستراتيجية وراء حب الانفصال
هل نحن المالك الأنسب لهذه الأصول؟، هكذا لخص كيفين ديساي، رئيس فريق الصفقات في PwC، جوهر السؤال الذي تطرحه الشركات على نفسها اليوم، ويعكس هذا التساؤل رغبةً في التخلص من وحدات لم تعد تؤدي وظيفتها الأساسية، أو لم تعد تنسجم مع النموذج التجاري الجديد، وهناك أربعة دوافع رئيسية تقف خلف هذه الموجة:-
- إصلاح أخطاء الماضي:- وجاءت العديد من هذه القرارات كرد فعلٍ على عمليات اندماج ضخمة لم تحقق أهدافها، فالصفقات التي وعدت بتحقيق التآزر والوفورات، انتهى بها الحال إلى شركات متضخمة، ومرهقة، وغير فعالة.
- خفض الديون والتكاليف:- التفكيك غالبًا ما يستخدم كأداة لسداد الديون أو تحسين السيولة النقدية، خصوصًا في ظل ارتفاع تكاليف الاقتراض.
- استجابة لتغيرات السوق:- من أبرزها تغير سلوك المستهلكين، خاصة في القطاعات الغذائية والتجزئة، حيث يفضل المستهلكون المنتجات الصحية والطبيعية، ما جعل بعض الوحدات داخل الشركات الكبرى عبئًا بدلًا من أن تكون ميزة.
- ضغوط المستثمرين النشطين:- وهنا نصل إلى الدور الكبير الذي يلعبه مستثمرو النشاط العالي أو الـActivist Investors، والذين يطالبون بإعادة النظر في هياكل الشركات، بل ويضغطون من خلال حملات إعلامية، أو استحواذات على حصص رئيسية.

عينات من التفكيك.. من الطعام إلى الإعلام والتمويل
أعلنت كرافت هاينز KHC، تفكيك دمجها الضخم بين كرافت وهاينز بعد عشر سنوات من تأسيسه، في خطوة مدروسة لفصل قطاع الطعام الأمريكي التقليدي عن قطاع الصلصات العالمي سريع النمو، والرئيس التنفيذي قالها صراحة: "تعقيد الشركة عرقل الأداء".
وأقامت كيريج دكتور بيبر KDP صفقة عملاقة بـ22.7 مليار دولار لشراء شركة JDE Peet’s الأوروبية، على أن تندمج مع نشاطها في القهوة، ثم يتم طرح الكيان الجديد للاكتتاب، وهذا النوع من الصفقات يجمع بين الاندماج المؤقت والتفكيك المستقبلي.
كما أعلنت وارنر برذرز ديسكفري WBD، بعد ثلاث سنوات فقط من اندماجها، عن تفكيك العلاقة بسبب أعباء ديون ضخمة، وهي سابقة تظهر أن الشركات لم تعد تخشى الاعتراف بالخطأ.
وباعت دوبونت DuPont وحدة كيفلر ونومكس مقابل 1.8 مليار دولار، ضمن خطة إعادة هيكلة مستمرة منذ أكثر من 10 سنوات، كما تعد بيبسيكو PEP أحدث المستهدفين من قبل شركة Elliott Management، والتي اشتهرت بفرض تغييرات جذرية داخل الشركات الكبرى، ورغم عدم مطالبتها المباشرة بالتفكيك حتى الآن، إلا أن سجلها ينبئ بتحركات قادمة.
اقرأ أيضًا:
داو جونز الصناعي يفتتح تعاملات الأسبوع بالتراجع وترقب لتقرير التضخم الأمريكي
النشاط الاستثماري يتحول من النمو إلى القيمة
وفي الماضي، كانت الأسواق تكافئ الشركات على النمو السريع والتوسع المستمر، لكن اليوم باتت تفضل التركيز والتخصص، فالعديد من المستثمرين يرون في الشركات المفككة، فرصًا لاستكشاف القيمة الحقيقية لكل وحدة على حدة، فبدلًا من تقيم الشركة ككل على أساس متوسط أدائها، يمكن لكل قسم أن يظهر قوته في السوق منفصلًا.

دور الأسواق وحالة الاقتصاد
بيئة الاقتصاد الكلي تساهم بشكل مباشر في دفع هذا التوجه:-
- أسعار الفائدة المرتفعة تقلل من جاذبية الاقتراض لتمويل التوسع.
- تقلبات الأسواق تدفع الشركات للتركيز على الكفاءة والربحية لا الحجم.
- تغيرات هيكلية في الاستهلاك، مثل تراجع الإقبال على الأطعمة المصنعة، تفرض إعادة النظر في المحافظ التجارية.
اقرأ أيضًا:-
وول ستريت تستعد لارتفاع جماعي، وترقب لتقرير التضخم الأمريكي
مستقبل الشركات المنفصلة.. تحديات وفرص
التفكيك ليس دومًا نهاية سعيدة، هناك تحديات كبيرة، أبرزها:-
- بناء هياكل تشغيلية وإدارية جديدة.
- إعادة تعريف العلامة التجارية لكل كيان.
- الحفاظ على معنويات الموظفين والمستثمرين في ظل حالة عدم اليقين.
لكن المكافآت قد تكون مجزية، والشركات أكثر رشاقة، والأسهم ذات أداءٍ مستقل، والفرص الاستثمارية جديدة.

هل انتهى عصر تكتلات الشركات ؟
ويبدو أن ما كان يعتبر نموذج الأعمال الأمثل في العقود الماضية، المتمثل في الشركات العملاقة متعددة الأنشطة لم يعد يحمل نفس البريق، واليوم، التركيز والاختصاص قد يكونان الطريق الأقصر نحو القيمة السوقية، وهو ما يجعل التفكيك إستراتيجية لا تقل أهمية عن التوسع، ربما لم ينته عصر التكتلات بالكامل، لكنه بالتأكيد يمر بمرحلة مراجعة شاملة.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
من يقود السباق؟ الحصة السوقية لروبوتات الدردشة بالذكاء الاصطناعي في عام 2025
10 سبتمبر 2025 10:06 ص
المنازل الذكية، راحة بتكلفة مرتفعة.. وتحديات أمنية غير مرئية
09 سبتمبر 2025 09:38 م
أسعار النفط في مهب الريح وسط تحول استراتيجي لـ"أوبك+" وتزايد الإمدادات العالمية
09 سبتمبر 2025 07:26 م
أكثر الكلمات انتشاراً