الإثنين، 01 سبتمبر 2025

02:09 م

الهجرة.. ثروة تتحرك بين القارات وتعيد رسم خريطة الاقتصاد العالمي

الإثنين، 01 سبتمبر 2025 12:51 م

المهاجرون

المهاجرون

لم تعد الهجرة مجرد انتقال أفراد من بلد إلى آخر بحثًا عن حياة أفضل، بل أصبحت قوة اقتصادية عالمية تتحكم في مسارات النمو، وتعيد تشكيل أسواق العمل وتوازنات التجارة.

تجاوزت أعداد المهاجرين اليوم لتصبح 304 ملايين شخص، بما يعادل سكان اليابان وألمانيا مجتمعين، نصف هؤلاء تقريبًا من النساء، ما يجعل الهجرة قوة بشرية متكاملة لا يمكن للاقتصاد العالمي تجاهلها.

المهاجرون كرافعة للنمو في الاقتصادات المتقدمة

حين يطرح ملف الهجرة في الغرب، كثيرًا ما تثار المخاوف من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية، لكن الأرقام تكشف حقيقة مغايرة تمامًا، ففي الولايات المتحدة يضيف المهاجرون سنويًا أكثر من 2.2 تريليون دولار إلى الناتج المحلي، وهو ما يوازي حجم اقتصاد كندا بالكامل. 

وفي أوروبا تصل مساهمتهم إلى نحو 1.2 تريليون دولار سنويًا، هذه الأرقام تؤكد أن المهاجرين ليسوا عبئًا، بل رافعة نمو ساعدت الاقتصادات الكبرى على تجاوز أزمات ما بعد الجائحة، حيث كان لهم دور حاسم في خلق أكثر من نصف الوظائف الجديدة في أوروبا منذ عام 2022.

الشركات العملاقة التي صنعتها الهجرة

لا يتوقف تأثير المهاجرين عند حدود الوظائف أو زيادة الناتج المحلي، بل يمتد إلى قلب الابتكار وريادة الأعمال، وأكثر من 231 شركة كبرى في الولايات المتحدة بعائدات تفوق 8.6 تريليون دولار أسسها مهاجرون أو أبناء مهاجرين. 

هذه الشركات وحدها تشغل نحو 16 مليون موظف، ما يعني أن الهجرة تحولت إلى مصنع للأفكار والفرص، وأن التنوع الثقافي والبشري يمكن أن يكون مصدرًا للقوة الاقتصادية لا عامل تهديد.

التحويلات المالية 

التحويلات.. اقتصاد موازي

الهجرة ليست فقط ربحًا للاقتصادات المستقبلة، بل أصبحت شريان حياة للدول المرسلة عبر التحويلات المالية، ففي عام 2024، أرسل المهاجرون إلى أوطانهم نحو 905 مليارات دولار، وهو رقم يعادل ضعف حجم المساعدات التنموية الدولية تقريبًا.

وحتى أغسطس 2025، بلغت التحويلات أكثر من 675 مليار دولار، هذه التدفقات المالية تعزز احتياطيات النقد الأجنبي، وتساعد على استقرار العملات المحلية، وتوفر للأسر مصدر دخل مستمرًا، لتصبح بمثابة اقتصاد موازي يعوض ضعف الإنتاج المحلي في كثير من الدول النامية.

اقرأ أيضًا: 

المهاجرون السوريون سواعد رئيسية في الاقتصاد الألماني، تفاصيل

المعادلة المزدوجة.. عوائد مالية مقابل نزيف كفاءات

ورغم هذا الزخم المالي، تبقى الهجرة معادلة معقدة، فالدول المرسلة للكفاءات تخسر جزءًا من رأسمالها البشري في مقابل بضعة مليارات من الدولارات، وشهدت دول مثل مصر وتونس والمغرب موجات هجرة واسعة للأطباء والمهندسين، ما أدى إلى خلق فجوات حادة في قطاعات حيوية كالصحة والتعليم والبنية التحتية.

هذا النزيف البشري يمثل خسارة استراتيجية طويلة الأمد لا تعوضها التحويلات المالية، والتحدي الأكبر أن الدولة تجد نفسها بلا أطباء أو مهندسين مهرة، بينما عوائدهم تصب في الخارج.

الهجرة إلى أوروبا

أوروبا الرابحة.. والجنوب الخاسر

في أوروبا، ساعد المهاجرون على إنقاذ أسواق العمل من أزمة الشيخوخة السكانية ونقص العمالة، خصوصًا في قطاعي الصحة والخدمات، وعلى الجانب الآخر، تجد الدول النامية نفسها أمام معضلة وجودية، كيف تحافظ على كوادرها وكفاءاتها في الداخل بينما تتدفق عوائد مالية من الخارج؟، الفجوة هنا صارخة بين شمال يستفيد من الكفاءات، وجنوب يدفع الثمن مضاعفًا.

اقرأ أيضًا:

بـ75 مليار دولار، أمريكا تطلق أكبر حملة لترحيل المهاجرين

الهجرة.. ملف سياسي يفرض نفسه على الأجندات الدولية

الهجرة لم تعد شأنًا اقتصاديًا بحتًا، بل تحولت إلى ملف سياسي وأمني واجتماعي يفرض نفسه على الأجندات الدولية، ففي حين ترفع التحويلات احتياطيات النقد الأجنبي وتمنح بعض الاستقرار المالي، تعاني الدول المرسلة من تراجع في مستوى الخدمات الأساسية وخلل في سوق العمل. 

وهنا يطرح السؤال الاستراتيجي نفسه، هل تستطيع هذه الدول صياغة سياسة ذكية لإدارة رأس المال البشري؟، سياسة تقوم على تصدير الفائض من العمالة، لا تصدير جوهر الكفاءات التي تمثل العمود الفقري للتنمية.

المهاجرين

ثروة متحركة وثمن باهظ

لم يعد المهاجرون اليوم مجرد أرقام في سجلات الهجرة، بل ثروة عالمية متحركة تعيد رسم خريطة الاقتصاد الدولي، إنهم مصدر للنمو والابتكار في الدول المتقدمة، وشريان حياة مالي للدول النامية. 

لكن هذه الثروة ليست بلا ثمن، فخلفها يقف تحدي هائل يتعلق بنزيف العقول والكفاءات، وبالقدرة على تحقيق توازن بين المكاسب المالية قصيرة الأجل والخسائر الاستراتيجية طويلة الأمد، ليست الهجرة عبئًا ولا حلًا سحريًا، بل معادلة دقيقة تتأرجح بين الفرص والمخاطر، بين ربح اقتصادي سريع وخسارة تنموية قد تطبع حاضر الدول ومستقبلها لعقود.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search