الأحد، 07 ديسمبر 2025

01:16 ص

تدفق أموال بين الترحيب والقلق، الخوف من تزايد الاستثمارات الأجنبية يهدد الأمن الاقتصادي

الأحد، 07 ديسمبر 2025 12:05 ص

الاستثمارات الأجنبية

الاستثمارات الأجنبية

تشهد البيئة الاقتصادية المصرية حاليًا تدفقًا غير مسبوق للاستثمارات الأجنبية والعربية الضخمة، مستهدفة قطاعات استراتيجية كالطاقة، والموانئ، والخدمات اللوجستية، والعقارات. 

هذا التدفق يعد شريان حياة حاسمًا للاقتصاد المصري، الذي يواجه ضغوطًا تمويلية متزايدة وارتفاعًا في أعباء الديون الخارجية، مما يستلزم توفير سيولة دولارية عاجلة لتنشيط عجلة الاقتصاد. 

ومع إدراك الدولة لهذه الحاجة الملحة لرؤوس الأموال الأجنبية، تتصاعد موجة من التساؤلات والمخاوف الشعبية والاقتصادية حول طبيعة وشروط هذه الصفقات، وتأثيرها المحتمل على الأصول الوطنية والمصالح الاستراتيجية طويلة الأجل للبلاد. 

القصة ليست حول رفض المال الأجنبي، بل حول من يمتلك القوة وراء هذا المال.

رؤوس الأموال الأجنبية

جوهر المخاوف.. شبح التركز الاقتصادي

إن مصدر القلق الأساسي لدى المصريين والاقتصاديين ليس الاستثمار الأجنبي في حد ذاته، بل ما يعرف بـ "التركز الاقتصادي". 

يشير هذا المفهوم إلى سيناريو تسيطر فيه شركة أو عدد قليل جدًا من الشركات، غالبًا الأجنبية، على قطاع حيوي بأكمله.

التركز الاقتصادي هو نتاج لعمليات الاندماج، أو الاستحواذ، أو تكوين الشراكات الاستراتيجية التي تؤدي إلى تغيير دائم في هيكل السيطرة داخل سوق معين. 

هذا التغيير ينطوي على نقل الملكية، سواء أصول، أو أسهم، أو حقوق، أو حتى توحيد للإدارة، مانحًا الكيان المهيمن قوة تفاوضية وسلطة سوقية لا محدودة تقريبًا.

 

خطورة التركز تكمن في تداعياته المتعددة

التحكم في الأسعار وإضعاف المنافسة: يصبح الكيان المهيمن قادرًا على تحديد مستويات الأسعار بشكل احتكاري، مما يضر بالمستهلكين ويؤدي إلى إقصاء أو إضعاف المنافسين المحليين الأصغر، وبالتالي خنق الابتكار وتدهور جودة الخدمات.

التأثير على الأمن القومي والسياسات العامة: لا تقتصر القضية على الجانب الاقتصادي، فالسيطرة على قطاعات حيوية كالموانئ، والطاقة، والاتصالات، أو الغذاء من قبل جهات أجنبية تمنحها نفوذًا سياسيًا واقتصاديًا خطيرًا. 

قد تستغل هذه الشركات قوتها للضغط على الدولة لتعديل السياسات والقوانين بما يخدم مصالحها، مما يمس بشكل مباشر الأمن القومي للبلاد.

فقدان السيطرة على الأصول الاستراتيجية: يصبح قدرة الدولة على التحكم وإدارة قطاعاتها الحيوية محدودة أمام قوة تفاوضية لكيانات عملاقة. 

هذا النمط من السيطرة هو السبب وراء تدخل حكومات كبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، لوقف صفقات تضر بالتنافسية أو الأمن الاقتصادي.

الاستثمارات الأجنبية

استراتيجية مصر لمواجهة مخاطر التركز

تتعامل الحكومة المصرية بجدية مع هذه المخاطر من خلال تبني مجموعة من الآليات والإجراءات الوقائية:

1. جهاز حماية المنافسة ومكافحة الاحتكار:

يعد جهاز حماية المنافسة خط الدفاع الأول، ويملك الجهاز سلطة قانونية لتقييم جميع صفقات الاندماج والاستحواذ الكبرى التي قد تؤدي إلى تركز خطير. 

دوره هو ضمان أن تظل الأسواق تنافسية وعادلة، ومنع أي صفقة محتملة تعيق المنافسة أو تمنح قوة احتكارية لكيان واحد، خاصة في القطاعات الحساسة.

2. تنويع المستثمرين والشراكات المدروسة:

لمواجهة هيمنة طرف واحد، تعتمد الحكومة استراتيجية تنويع مصادر الاستثمار، عبر توزيع العقود والصفقات بين مجموعة واسعة من المستثمرين الخليجيين، والدوليين، والمحليين. 

الأهم من ذلك، يتم تفضيل نماذج الشراكات والتشغيل المشترك بدلاً من البيع الكامل للأصول، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية.

على سبيل المثال، في قطاعات مثل الموانئ والطاقة، تلجأ الدولة إلى عقود حق الانتفاع أو شراكات الإدارة والتشغيل المشترك. 

هذه الآلية تسمح بجذب التمويل والخبرة الأجنبية مع الحفاظ على ملكية الأصول الوطنية ومنع تكوين نفوذ اقتصادي مطلق لأي جهة أجنبية، مما يضمن احتفاظ الدولة بالقدرة على التدخل والرقابة.

الاستثمارات الأجنبية في مصر

مخاوف مصرية وبعض التوصيات

إن المخاوف المصرية ليست موجهة ضد الاستثمار الأجنبي، الذي يعد ضرورة اقتصادية قصوى، بل ضد تركز القوة الاقتصادية في أيدي قليلة، مما يهدد السيادة الاقتصادية وقدرة الدولة على التحكم في قطاعاتها الحيوية.

لتحقيق التوازن الأمثل بين جذب التمويل الأجنبي والحفاظ على المصالح الوطنية، يجب على مصر:

  • تعزيز استقلالية وفاعلية جهاز حماية المنافسة لضمان رقابة صارمة وفورية على جميع أشكال التركز الاقتصادي، الأجنبي والمحلي على حد سواء.
  • الاستمرار في تفضيل آليات الشراكة المدروسة مثل حق الانتفاع وعقود الإدارة المشتركة، كبديل للبيع الكامل للأصول في القطاعات الحيوية والاستراتيجية.
  • إصدار تقارير دورية وشفافة حول شروط الصفقات الكبرى وتأثيرها الاقتصادي المتوقع لمعالجة المخاوف الشعبية وبناء الثقة.

بهذه المقاربة الشاملة، يمكن لمصر المضي قدمًا في جذب التدفقات الاستثمارية اللازمة لإنعاش اقتصادها، مع ضمان عدم فقدان السيطرة على مستقبل قطاعاتها الأهم وحماية الأمن القومي الاقتصادي.

اقرأ أيضًا:

الأونكتاد: الاستثمار الأجنبي المباشر يتراجع عالميًا وسط تصاعد المخاطر الجيوسياسية

مصر تترقب استثمارات أجنبية بـ40 مليار جنيه في قطاع المكملات الغذائية

 

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هُــــــــنا.

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search