الأمم المتحدة على حافة الإفلاس.. التمويل بين السياسة والالتزام
الإثنين، 01 سبتمبر 2025 09:11 ص

الأمم المتحدة
مع اقتراب انعقاد الدورة الثمانين للجمعية العامة في سبتمبر 2025، تبدو الأمم المتحدة وكأنها تحتفل بذكرى تأسيسها وسط مأزق مالي خانق، فالمنظمة التي طالما مثلت رمزًا للتعاون الدولي، تواجه اليوم أزمة سيولة حقيقية، تهدد بعرقلة عملها في ملفات الأمن والتنمية وحقوق الإنسان والإغاثة الإنسانية.
فاتورة ثقيلة لنظام عالمي شامل
تضم الأمم المتحدة 193 دولة، لكن شمولية التمثيل لا تعني عدالة في تحمل الأعباء، وصلت ميزانية المنظمة العادية إلى 3.7 مليار دولار، بينما بلغت ميزانية عمليات حفظ السلام نحو 5.6 مليار دولار، ما يعكس حجم الكلفة الباهظة التي تتطلبها إدارة مؤسسة بهذا الحجم.
يعتمد نظام المساهمات على الناتج المحلي والدخل الفردي للدول، وتتحمل الولايات المتحدة السقف الأعلى بنسبة 22%، تليها الصين بحوالي 20%، ثم اليابان بنسبة 7%، أما بقية الدول فتوزع بينها النسب الأقل، غير أن هذا النظام كثيرًا ما يتعطل بسبب تأخر أو امتناع بعض الدول عن الدفع، وهو ما يخلق فجوات متكررة في ميزانية المنظمة.

اقرأ أيضًا:
الأمم المتحدة تشكّل فريقاً علمياً دولياً لمتابعة الذكاء الاصطناعي
توازن هش بين الإلزامي والتطوعي
لا تقتصر ميزانية الأمم المتحدة على المساهمات الإلزامية فقط، فهناك المساهمات التطوعية التي تمول وكالات وبرامج متخصصة مثل اليونيسف وبرنامج الغذاء العالمي، لكن هذه المرونة تخفي هشاشة حقيقية، إذ تخضع لاعتبارات سياسية وسخاء المانحين، مما يجعل بعض الوكالات أكثر عرضة للتجويع المالي.
ورغم أن القوانين واضحة وتلزم الدول بالدفع خلال 30 يومًا، فإن الواقع يكشف تأخرًا مزمنًا في التحصيل، في عام 2025 مثلاً، تأخرت الصين عن دفع مساهمتها، فيما ضغطت الولايات المتحدة لتخفيض حصتها في ميزانية حفظ السلام، هذه الممارسات أجبرت المنظمة على تجميد بعض التوظيف وتأجيل أنشطة ميدانية.

سلاح فقدان التصويت
الميثاق الأممي يمنح الجمعية العامة الحق في معاقبة الدول المتقاعسة عبر حرمانها من التصويت إذا تجاوزت متأخراتها عامين.
لكن تطبيق هذا السلاح غالبًا ما يخضع لاعتبارات سياسية، فيعفى البعض بحجة ظروف استثنائية، بينما تعاقب دول أخرى كما حدث مع فنزويلا في السنوات الماضية.
كما أن الاعتماد الكبير على حفنة من المانحين الكبار جعل الأمم المتحدة أكثر عرضة للابتزاز السياسي، فالدول التي تمول أكبر نسب من الميزانية تمتلك قدرة غير معلنة على تعطيل قرارات أو فرض أولويات تخدم مصالحها، ما يضعف حياد المنظمة ويقوض صورتها كمظلة جامعة.
اقرأ أيضًا:
ارتفاع أسعار الغذاء عالميًا و«الفاو» تتوقع إنتاجًا قياسيًا للحبوب في 2025
مقترحات الإنقاذ بين السندات والصناديق
خبراء التمويل الدولي يقترحون حلولاً مبتكرة للخروج من الأزمة، مثل إنشاء صندوق احتياطي دائم لمواجهة تأخر المساهمات، أو إصدار سندات أممية تتيح تمويل بعض الأنشطة، أو الدخول في شراكات مع القطاع الخاص لدعم البرامج التنموية.
لكن جميع هذه الحلول تظل رهينة الإرادة السياسية للدول الأعضاء، وخاصةً وجود تباين صارخ بين اقتصادات تلك الدول، مما يجعل اتفاقهم على حل أوحد في غاية الصعوبة.

الأمم المتحدة أمام لحظة مفصلية
المشكلة ليست في الأرقام وحدها، بل في ثقة الدول الأعضاء بكيفية إنفاق الأموال، تعزيز الشفافية والمساءلة هو السبيل الوحيد لإقناع الحكومات بجدوى الالتزام المالي، ومنعها من استخدام ذريعة سوء الإدارة للتنصل من التزاماتها.
اليوم، تقف الأمم المتحدة اليوم أمام لحظة مفصلية، إما أن تنجح في إصلاح آليات تمويلها لتظل لاعبًا مركزيًا في النظام الدولي، أو تتحول تدريجيًا إلى مجرد رمز تاريخي بلا تأثير حقيقي، والمستقبل سيتوقف على ما إذا كان العالم سيتعامل مع ميزانية المنظمة كتبرع سياسي أم كشرط وجودي لاستمرار النظام العالمي القائم.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
الصين في مأزق مزدوج، تراجع الصناعة وعودة تهديدات ترامب
31 أغسطس 2025 03:51 م
مركز المعلومات: الصناعات منخفضة الكربون ليست عبئًا بل فرصة للنمو وخلق وظائف خضراء
31 أغسطس 2025 11:52 ص
100 مليون لمصر، مبيعات الحليب العالمية تسجل 34.1 مليار دولار في 2024
31 أغسطس 2025 11:17 ص
أكثر الكلمات انتشاراً