تركيا تطوي نظام الودائع المحمية.. الليرة أمام اختبار السياسات النقدية الكلاسيكية
السبت، 23 أغسطس 2025 05:29 م

الليرة التركية
أعلن البنك المركزي التركي اليوم السبت، وقف العمل بنظام الودائع المحمية من تقلبات سعر الصرف، وهو البرنامج الذي تبنته أنقرة أواخر 2021 بهدف كبح انهيار الليرة وتثبيت ثقة المودعين، في خطوة تعكس تحولًا جذريًا في السياسة النقدية.

يمثل القرار نهاية لواحد من أكثر الأدوات إثارة للجدل في تاريخ الاقتصاد التركي الحديث، بتكلفة قدرتها مصادر رسمية بنحو 60 مليار دولار خلال سنواته الأربع.
ودائع بلا مظلة حماية
أكد القرار المفاجئ - الذي جاء عبر بيان رسمي- وقف فتح وتجديد الحسابات ضمن النظام المعروف باسم نظام "KKM"، مع الإبقاء على الحسابات القائمة حتى استحقاقها، بما يعني أن شريحة واسعة من المودعين ستفقد الغطاء الحكومي ضد تقلبات سعر الصرف، ما قد يدفع بعضهم لإعادة التفكير في تفضيلاتهم الادخارية، في ظل استمرار تراجع الليرة التي فقدت 16% من قيمتها خلال عام 2024 وحده.
وبحسب البيانات، فإن قيمة الودائع المغطاة ضمن هذا البرنامج تقلصت من ذروتها البالغة 140 مليار دولار إلى نحو 11 مليار دولار فقط، ما يعكس تراجع جاذبية النظام خلال العام الأخير، تزامنًا مع ارتفاع معدلات الفائدة والتوجه إلى سياسات نقدية أكثر تقليدية.
اقرأ أيضًا:
بالرغم من ارتفاع التضخم، تركيا تعلن خفض عجزها التجاري بنسبة 12.1%
الليرة.. تاريخ حافل بالهبوط
منذ 2021، فقدت الليرة أكثر من 85% من قيمتها أمام الدولار الأمريكي، في سلسلة من التراجعات الحادة بدأت بسبب تدخلات سياسية في إدارة السياسة النقدية، أبرزها إصرار الرئيس رجب طيب أردوغان على خفض الفائدة رغم تسارع التضخم.
فقدت الليرة 44% في 2021، و29% في 2022، و37% في 2023، وواصلت النزيف بخسارة جديدة بلغت 16% في 2024.

تأثير القرار على الليرة والدولار
إلغاء نظام الودائع المحمية بالعملة في تركيا سيؤدي مبدئيًا إلى ضغوط إضافية على الليرة مع احتمالية ارتفاع الدولار، نتيجة تخلي المودعين عن مظلة الحماية الحكومية وتوجه بعضهم إلى العملات الأجنبية والذهب.
لكن حجم التأثير قد يظل محدودًا بفضل ارتفاع الاحتياطات الأجنبية واتباع البنك المركزي سياسات نقدية أكثر تقليدية، ما يعني أن السوق قد يشهد تقلبات قصيرة الأجل، بينما يظل الاستقرار على المدى المتوسط والطويل مرهونًا بقدرة المركزي على كبح التضخم وتعزيز الثقة في استقلالية قراره النقدي.
اقرأ أيضًا:
تركيا تُخطط لإطلاق خدمات الجيل الخامس (5G) بداية العام المقبل
سياسة نقدية تعود إلى المسار التقليدي
إلغاء برنامج الودائع المحمية لا يأتي بمعزل عن سلسلة خطوات اتخذها المركزي التركي بقيادة حاكمته الجديدة، والتي ينظر إليها باعتبارها مؤشرًا على محاولة العودة إلى السياسات الاقتصادية الكلاسيكية بعد سنوات من التجريب.
في يوليو الماضي، خفض البنك سعر الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس إلى 43%، بعد استقرار نسبي في الأسواق وانخفاض طفيف في معدل التضخم، كما رفع متطلبات الاحتياطي الإلزامي على الودائع بالليرة في البنوك التجارية، في محاولة لتقليص السيولة ودعم الليرة.
وتأتي هذه الإجراءات بالتوازي مع رفع البنك توقعاته للتضخم في نهاية 2026 إلى 16% بدلاً من 12%، و2027 إلى 9%، ما يعكس إدراكًا رسميًا بأن مسار خفض الأسعار سيكون أطول مما كان متوقعًا.

رسالة إلى الأسواق والمستثمرين
يرى محللون أن إنهاء نظام "KKM" يمثل رسالة واضحة من البنك المركزي مفادها أن زمن السياسات الاستثنائية قد انتهى، وأن المرحلة القادمة ستعتمد على أدوات تقليدية كالسيطرة على السيولة وسعر الفائدة واستقلالية القرار النقدي.
ورغم المخاوف من أن يؤدي القرار إلى خروج بعض الودائع من النظام المصرفي أو توجهها إلى العملات الأجنبية أو الذهب، فإن السلطات تبدو واثقة من أن ارتفاع الاحتياطات الأجنبية، التي بلغت مؤخرًا 176.5 مليار دولار، سيوفر الحماية الكافية لأي ضغوط محتملة.
تركيا تطوي صفحة الودائع المحمية
بينما تطوي تركيا صفحة الودائع المحمية، تدخل البلاد مرحلة جديدة تأمل فيها أن تستعيد الليرة جزءًا من هويتها ومكانتها، وأن تنجح السياسات الجديدة في كبح التضخم وتحقيق الاستقرار المالي، لكن التحدي الحقيقي سيكون في مدى قدرة البنك المركزي على إقناع السوق باستقلاليته، وضمان استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية والمحلية وسط أجواء لا تزال محفوفة بالتقلبات.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
قرار مفاجئ بوقف مشروع الرياح العملاق، هل تتراجع أمريكا عن التحول الأخضر؟
23 أغسطس 2025 06:11 م
الهند تحت ضغط الرسوم الجمركية الأمريكية، المفاوضات مستمرة وسط تحديات اقتصادية
23 أغسطس 2025 02:07 م
مليارات يجمعها ترامب.. أين تذهب عائدات تلك الرسوم الجمركية؟
23 أغسطس 2025 01:30 م
أكثر الكلمات انتشاراً