الثلاثاء، 19 أغسطس 2025

06:55 م

مافيا الدواجن.. أصدقاء في المكسب فقط..

الثلاثاء، 19 أغسطس 2025 04:04 م

محمد أحمد طنطاوي

محمد أحمد طنطاوي

"ليس الإنسان سوى حيوان مقايض، لكن الحيوانات لا تفعل هذا، فلن تجد كلبًا يقايض آخر" آدم سميث (5 يونيو 1723 - 17 يوليو 1790) عالم الاقتصاد الانجليزي المعروف في كتابه الشهير ثروة الأمم، وهنا أقتبس من كلماته ما يخدم فكرة المقايضة أو بمعنى أدق المساومة، التي يلعبها منتجو الدواجن في مصر طيلة الوقت، فإذا انخفضت الأسعار يهددون بأن الإنتاج سوف ينهار، واللحوم البيضاء ستواجه أزمة كبيرة، وقد شاهدنا قبل عدة سنوات عمليات إعدام على الهواء لدواجن صغيرة و"كتاكيت"، تحت دعوى عدم توفير الأعلاف أو العملة الصعبة اللازمة للشراء.


منذ عدة أيام خرجت تصريحات على ألسنة أصحاب المصالح والمستفيدين من قطاع الدواجن في مصر، بأن انخفاض أسعار الدواجن الحية بنحو 30 % خلال 5 أشهر أمر يهدد هذه الصناعة ويؤثر على العاملين بها، ويقود لخسائر قد تؤدي خلال الفترة المقبلة إلى نقص الإنتاج وارتفاع الأسعار، موجهين الاتهامات إلى وزير الزراعة المحاسب علاء الدين فاروق، من خلال حملات على السوشيال ميديا ومجموعة من البرامج التليفزيونية المدفوعة، والهواء الفضائي الذي يسدد ثمنه "أصحاب المصالح"، وهذا وصف لا عيب فيه أو تجاوز، لكني أذكره من أجل تمييز القضية، ومعرفة المستفيد والضحية.


والسؤال الذي أذكره دائمًا.. ماذا يمكن أن تقدم وزارة الزراعة لمنتجي الدواجن، سوى الإرشاد والتحصينات والدعم الفني، والأطباء البيطريين والأدوية، بينما يتكفل البنك المركزي بتوفير العملة الصعبة لسد احتياجات الوزارة، التي يتم من خلالها استيراد الأعلاف، لكن البعض يلجأ إلى الصياح والاستعراض بأن وزير الزراعة يجب أن يحدد سياسة تسعير على أساس التكلفة، وهامش الربح يحمي المنتجين، أو بمعنى أدق تسعيرة جبرية تضعها الوزراة هدفها فقط حماية المنتج، و" طظ " في المستهلك!! 


أيها العقلاء في قطاع الإنتاج الداجني.. هل يملك وزير الزراعة وضع تسعير محدد للحوم والفراخ أو حتى أي سلعة في بلد سياسته الاقتصادية تحكمها السوق الحرة؟ ولو افترضنا أن هذا الطرح الأجوف يمكن تنفيذه، هل يستفيد منه المنتج فعلًا ؟ الإجابة لا.. فأي تدخل في التسعير لن يكون أبدًا لصالح المنتج، بل دائمًا يكون في مصلحة المستهلك، لذلك لا يجب أن تتحدثوا عن الأسعار صعودًا أو هبوطًا، فتلك مسألة تحكمها قوانين العرض والطلب وحجم الإنتاج، ولا يمكن لعاقل أن ينادي بها. 


عودة مرة أخرى إلى فيلسوفي المفضل آدم سميث، الذي يقول:" إن الاستهلاك هو الغاية الوحيدة و الغرض من وراء كل عملية إنتاج؛ و لا ينبغي أن ننظر باهتمام لمصلحة المنتج إلا بقدر ما يكون ضروريا لصالح المستهلك"، إذن المستهلك هو الهدف دائمًا، ومصلحته فوق كل اعتبار، ولا يمكن للحكومة أن تدعم المنتج في مواجهة المستهلك، أو أن تحقق مصالح المنتج، وتنسى أو تتجاهل حقوق المستهلك، لذلك يجب أن تتوقفوا عن مهاجمة الحكومة، ووزارة الزراعة، ولا يصح أن تطالبوها بأن تحافظ على هوامش ربح ثابتة في سوق حرة.


وزارة الزراعة لا تمتلك مزراع دواجن، ولا تتحكم في الأسعار صعودًا أو هبوطًا، ولا يجب أن تزجوا بها في قضية التسعير وهوامش الربح، وعليكم أن تديروا الإنتاج وفق معايير الاستهلاك السليمة، وتعتمدوا على مناهج علمية في دراسة حجم السوق، وقبل هذا كله عليكم أن تقدروا نعمة الوفرة الدولارية الموجودة في مصر خلال المرحلة الراهنة، والإنجاز الكبير الذي حققته الدولة في هذا الملف، لذلك عليكم أن تتحملوا مسئوليتكم تجاه الوطن، وأن تخفضوا أصواتكم عن ملف الأسعار، خاصة أننا لا نسمعكم عندما تصعد أسعار الدواجن وتسجل مستويات قياسية، بينما يزعجنا ضجيجكم حينما تنخفض في مواسم ذروة الإنتاج. 


الأرباح والخسائر يتم احتسابها على أساس سنوي دائمًا، فلا يجب أن يتناسى قطاع الإنتاج الداجني أن سعر كيلو الفراخ كان بـ 98 جنيها خلال شهر رمضان الماضي، وحققتم من ذلك مكاسب هائلة، بينما تصرخون اليوم عندما سجل سعر الكيلو 75 جنيهًا، دون أن تدركوا أن هذه فلسفة السوق السليمة، وفلسفة الأرباح، ومنحنيات الصعود والهبوط التي لا تتوقف، فهذا هو الاقتصاد... ومن هذه النقطة أقترح على وزير الزراعة، أن يتعاقد مع كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، لتقديم دورات مجانية لمنتجي الدواجن من أجل فهم صحيح وسليم لنظرية العرض والطلب، لعل وعسى تتحسن الأمور، ويتوقف الضجيج، ونغلق سوق المزايدة الذي يساومنا بين الحين والآخر على البيع بأرباح وفيرة أو وقف الإنتاج!!

اقرأ أيضًا:

للعقلاء فقط.. ما المشكلة في انخفاض أسعار الطماطم؟

 

تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search