السياحة 2030، جيوسياسية، تكنولوجيا، واستدامة (4 مسارات محتملة لمستقبل السفر)
الثلاثاء، 05 أغسطس 2025 06:49 م

السياحة حول العالم
إثر انتعاش قطاع السياحة والسفر من ركود جائحة كورونا، يجد نفسه اليوم أمام عالم أكثر تعقيدًا وتقلبًا. فالمشهد الحالي ليس كالسابق، بل هو مزيج من التوترات الجيوسياسية، والتحديات الاقتصادية، والتحول الجذري نحو الاستدامة، بالإضافة إلى الثورة الرقمية السريعة التي تعيد تشكيل كل جوانب حياتنا.
هذه المتغيرات تفرض على القطاع إعادة التفكير في استراتيجياته وتحديد مسارات جديدة للنمو، وهو ما يطرح تساؤلاً جوهريًا: كيف سيبدو مستقبل السفر في هذا العالم المتغير؟
وفي تقرير حديث صدر عن منتدى الاقتصاد العالمي بالتعاون مع مؤسسة كيرني Kearney، تم وضع 4 سيناريوهات مستقبلية ترسم ملامح تطور الصناعة، وتسلط الضوء على تأثير هذه المتغيرات على مستقبل السياحة العالمية، وسبل تعامل القطاع معها لضمان النمو المستدام.

السياحة تنتعش بعد جائحة كورونا
وأوضح التقرير أن على مدار 7 عقود، أصبح السفر أمر معتاد، حتى جاءت جائحة كورونا عام 2020، لتوقف حركة السياحة العالمية شبه تمامًا. وبدأ القطاع في التعافي بشكل تدريجي، ومن المتوقع أن ينمو الإنفاق السياحي عالميًا بنسبة 7% خلال العقد المقبل.
وارتفع عدد السياح الدوليين، خلال الربع الأول من عام 2025، بنسبة 5% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مدفوعة بالسفر إلى آسيا والمحيط الهادئ وإفريقيا.
ورغم هذا الانتعاش، يفرض العالم، في التوقيت الحالي، على القطاع نمط جديد من العمل، يتطلب فهم التحولات والتكيف معها، والتوجه نحو سياحة أكثر استدامة وتعتمد على التكنولوجيا الحديثة.

ومن خلال تقرير منتدى الاقتصاد العالمي، جاءت هذه السيناريوهات لتوضح المسارات الأربعة المحتملة، التي قد تغيّر ملامح السفر والسياحة في عالم متغير، وهم:
السيناريو الأول.. "عالم الألف جزيرة" التفتت الجيوسياسي
وفقًا للتقرير، يصور هذا السيناريو عالم منقسم بسبب تصاعد التوترات العالمية والتفتت الجيوسياسي، ما يؤدي إلى قيود سفر حمائية وتراجع في التجارة الدولية، وفي هذا السياق، يتراجع الإنفاق السياحي بفعل تباطؤ النمو الاقتصادي وتراجع الدخل المتاح للإنفاق، لتكون الوجهات السياحية منخفضة الدخل الأكثر تأثرًا.
وسيساهم تراجع السفر الجوي الدولي، في خفض انبعاثات الطيران، لكنه يقابله زيادة في السفر الإقليمي بين الدول المتقاربة، ما يرفع الانبعاثات من النقل البري والسكك الحديدية.
كما يتراجع التوظيف في قطاعات مثل الطيران والخدمات العابرة للحدود، مقابل زيادة الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة والتحول الرقمي، مع ظهور وظائف جديدة مرتبطة بالسفر الإقليمي regional travel.

السيناريو الثاني.. "آفاق متناغمة" – التعاون الدولي المزدهر
وأشار التقرير إلى أن السيناريو التاني يمثل النقيض للسيناريو الأول، حيث يشهد العالم تعاون متعدد الأطراف، ونمو اقتصادي مستدام، وكذلك انفتاح تجاري.
ومن المتوقع أن يدفع كل من إلغاء قيود التأشيرات وارتفاع مختلف الدخول المتاحة للإنفاق، إلى زيادة عدد السياح الدوليين بنسبة 29% بحلول عام 2030، وثلث هؤلاء السياح سيكونون من اقتصادات الجنوب العالمي من الهند ونيجيريا وإندونيسيا بسنبة 58%.
ويعزز هذا النمو فرص التوظيف في قطاع السياح بنسبة 29% مقارنة بعام 2022، ولكن يظل من بين التحديات التي تواجه القطاع هو نقص العمالة.
وفي المقابل، ترتفع انبعاثات الطيران بفعل ضعف تبني وقود الطيران المستدام (SAF)، كما يزداد خطر السياحة المفرطة، ما يستلزم تطبيق حلول مثل التسعير الديناميكي للحد من الأضرار البيئية.

السيناريو الثالث.. "الصعود الأخضر" السياحة المستدامة أولًا
يبرز هذا السيناريو عالم تقوده سياسات إزالة الكربون واللوائح البيئية الصارمة، مع تحول المسافرين نحو وجهات وأنماط سفر منخفضة الأثر البيئي، وتتوسع الاستثمارات في التقنيات منخفضة الكربون وزيادة استخدام وقود الطيران المستدام، وتنتشر السياحة ذات القيمة العالية والحجم المنخفض، التي تحد من الازدحام السياحي في الوجهات الشهيرة.
وتصبح السياحة المتجددة regenerative tourism في الوجهات المعتمدة بيئيًا الخيار المفضل لأكثر من ثلثي المسافرين (68%)، مع زيادة الاعتماد على وسائل النقل منخفضة الانبعاثات مثل القطارات فائقة السرعة.
يحقق هذا النمو فرص عمل جديدة في السياحة الخضراء، لكنه يخلق تحديات جديدة مثل التوازن بين الاستدامة والنمو، ومنها خسارة بعض الموارد البيئية، مثل الغابات المطيرة، لصالح إنتاج وقود الطيران المستدام.
السيناريو الرابع.. "الاضطراب التكنولوجي" التحول الرقمي السريع
يجمع هذا السيناريو بين تبني التسارع التكنولوجي مع تعافي اقتصادي غير متكافئ، ومن المتوقع أن تصل نسبة استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في قطاع السياحة إلى 78% بحلول عام 2030، مع تغطية شبكات المحمول لمعظم المناطق الحضرية، لكن الفجوة الرقمية ستظل قائمة بين الدول.
ومن المتوقع ان ينتشر العمل الذي يجمع بين العمل في المقر والعمل عن بعد والسياحة الافتراضية باستخدام تقنيات الواقع المعزز والافتراضي (AR/VR)، ما يقلل من الانبعاثات الناتجة عن السفر الفعلي، لكنه يزيد استهلاك الطاقة لتشغيل هذه المنصات الرقمية.

وأكد تقرير منتدى الاقتصاد العالمي أن يشهد القطاع استقطاب متزايد بين سياحة الرفاهية الفاخرة والسياحة متوسطة التكلفة، التي قد تتأثر بارتفاع الأسعار الديناميكية، بينما تؤدي الأتمتة إلى تحويل أو إلغاء 45% من وظائف القطاع، مع بقاء أكثر من مليوني وظيفة شاغرة بحلول 2030، ما يجعل إعادة تأهيل الكوادر في مجالات الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي أولوية ملحة.
استراتيجيات لمستقبل مستدام للسياحة والسفر
كما أكد التقرير أن كل سيناريو من السيناريوهات الأربعة يتطلب استراتيجيات مخصصة لمواجهة مخاطره، سواء كانت السياحة المفرطة، أو نقص العمالة، أو الأضرار البيئية.
ودعى التقرير، من أجل ضمان مستقبل قوي ومزدهر للقطاع، قادة صناعة السياحة إلى تحسين الحوكمة وإعادة تأهيل القوى العاملة، وتطوير أدوات تمويل مبتكرة لتلبية احتياجات الاستثمار، بالإضافة إلى تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتبني ممارسات سياحية تجديدية ودعم التحول الرقمي.
وتعد هذه الجهود ضرورة مُلحة لجعل قطاع السياحة أكثر مرونة واستدامة، ومن أجل أن يكون محفز للازدهار الاقتصادي العادل في عالم سريع التغير.
اقرأ أيضًا:
الاقتصاد الفضي، محرك جديد للنمو في مصر عبر “السياحة والتكنولوجيا والرعاية الصحية”
آفاق جديدة للسياحة، كيف يغير الذكاء الاصطناعي عادات السياح البيئية؟
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
25.5 جيجاوات من الطاقة النظيفة في مصر، جزء قيد التشغيل وآخر للمستقبل
05 أغسطس 2025 04:36 م
قائمة أكثر 10 دول تلوثًا بالهواء خلال 2024، اعرف ترتيب مصر
05 أغسطس 2025 03:33 م
خسائر فادحة، لماذا يحتاج المصنعون إلى استراتيجية بيانات موحدة؟
05 أغسطس 2025 03:31 م
أكثر الكلمات انتشاراً