ترامب يواصل ضغطه على سوريا، لماذا تفرض أمريكا أعلى رسوم جمركية على الواردات السورية؟

الإثنين، 04 أغسطس 2025 01:51 م

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

ميرنا البكري

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الجمعة، استمرار فرض رسوم جمركية بنسبة 41% على الواردات السورية، وذلك رغم تحسن العلاقات بين البلدين مؤخرًا، خاصةً بعد اللقاء الرسمي بينه وبين الرئيس السوري أحمد الشرع في الرياض، ورفع أغلب العقوبات، وهو ما يطرح تساؤلاً: لماذا سوريا؟ ولماذا هذه النسبة تحديدًا؟ وهل ذلك رد فعل اقتصادي؟ أم هناك رسائل سياسية مبطنة؟

سنوضح الإجابة في هذا التحليل، كما نوضح كيف يكون لقرار “جمركي بسيط” تأثيرات أكبر من مجرد أرقام على ورق.

رغم تقارب سوريا وجيرانها.. لا تغيير بموقف واشنطن تجاه الأسد — **سوريا والولايات المتحدة**

التبادل التجاري بين سوريا وأمريكا، أرقام صغيرة بها عجز واضح

عند النظر على حجم التبادل التجاري بين سوريا والولايات المتحدة الأمريكية عام 2023، تظهر أرقام ضئيلة للغاية، فسجلت صادرات سوريا لأمريكا 11.3 مليون دولار، وصادرات أمريكا لسوريا 1.29 مليون دولار، أي إجمالي التبادل أقل من 13 مليون دولار، وهو رقم متواضع للغاية مقارنة بأي دولة أخرى، والأهم الميزان التجاري، حيث صدرت سوريا لأمريكا 9 أضعاف التي استوردته منها، مما يجعلها واحدة من أكثر الدول التي لديها فائض تجاري واضح للغاية مع أمريكا، حتى أكثر من الصين والمكسيك وكندا.

ترامب وضرائب الرسوم، سوريا استثناء في لعبة التجارة والضرائب

تُعرف سياسة ترامب الاقتصادية بأنها تقوم على فكرة: “إذا كنت تصدر لي أكثر من شرائي منك، سأفرض عليك رسوم”، وهذا السبب الذي جعل دول مثل الصين والمكسيك تتعرض لرسوم في السنوات الماضية، رغم أن التبادل معهم بالمليارات، لكن في حالة سوريا، فالموضوع به القليل من التناقض، وهذا يرجع لتحسن العلاقات السياسية خاصةً بعد اللقاء الرسمي بين الرئيسين، وفي نفس الوقت فرضت أمريكا أعلى نسبة رسوم على سوريا 41%.

سوريا تصدر "البساطة"، من التوابل والملابس لفرص جديدة في السوق الأمريكي

ما تصدره سوريا لأمريكا ليس منتجات ثقيلة أو استراتيجية، لكن منتجات بسيطة، زراعية ونسيجية، كالملابس القطنية، توابل ومكسرات، وسلع حرفية وتراثية.

أي أن بنية التصدير قائمة على الصناعات الصغيرة والمتوسطة، التي تحتاج سوق خارجي مثل أمريكا لكي تصل لعملة صعبة.

ورسوم ترامب ستغلق الباب أمام أي توسع مستقبلي للصادرات السورية، خاصةً في وقت تحاول فيه دمشق الخروج من آثار الحرب، وإعادة الإعمار والتكامل الاقتصادي العالمي.

سوريا فرضت 81% رسوم على واردات أمريكا

هناك زاوية لابد التركيز عليها، وهو أن سوريا نفسها لديها رسوم مرتفعة على المنتجات الأمريكية، 81% رسوم جمركية على الواردات من أمريكا.

فمن هنا، ترامب يعتبر أن هذا "رد بالمثل"، أو على الأقل مبرر للرسوم المرتفعة، لكن الفارق هنا، أن أمريكا لا تحتاج السوق السوري مثل ما تحتاج سوريا للسوق الأمريكي، مما يجعل الضرر أكبر على دمشق، حتى لو كان شكل الأرقام صغير.

لماذا يصر ترامب على الرسوم رغم تحسن العلاقات؟

هناك أكثر من احتمال، ولكن السبب الاقتصادي الواضح، هو العجز التجاري لصالح سوريا، وترامب لديه موقف ثابت ضد أي دولة تكسب من أمريكا تجاريًا.

رغم تحسن العلاقات، ترامب يبعث رسالة أنه لايزال متمسك بأوراق الضغط، ويربط أي توسع اقتصادي مستقبلي بقرارات سياسية أخرى، ومن الممكن أن يكون استخدم الرسوم كسلاح تفاوضي، كما حدث مع كندا والبرازيل وروسيا، فقد تتخفض الرسوم بشكل مفاجىء إذا كان هناك تنازلات أخرى من الطرف الثاني.

مقارنة مع باقي الدول العربية، سوريا ليس بمفردها، لكنها “الأعلى”

أنشأ ترامب لائحة جديدة للرسوم على 40 دولة، من ضمنهم 14 دولة عربية، وجاء الحد الأدنى للرسوم 10% (مثل مصر، السعودية، الإمارات، قطر)، وأعلى نسبة بعد سوريا كانت العراق 35%، وتونس والجزائر وليبيا بين 25% و30%، والأردن 15%، أي سوريا فعليًا أعلى دولة في العالم من حيث نسبة الرسوم، وليس عربيًا فقط.

التأثير الاقتصادي الحقيقي على سوريا

رغم أن التجارة بين البلدين صغيرة، إلا أن القرار الأمريكي قد يؤثر على سوريا في أكثر من اتجاه، فقد سيزود صعوبة دخول المنتجات السورية للسوق الأمريكي، وهذا سوق كان قد يخدم الصناعات الصغيرة والمتوسطة، ومن الممكن أن يعكس صورة سلبية للمستثمرين العالميين، أن لايزال هناك "توتر خفي" بين البلدين، سيصعب إعادة دمج سوريا اقتصاديًا في السوق العالمي، وذلك كان هدف هام في مرحلة ما بعد الحرب.

ترامب يشعل الاقتصاد العالمي برسوم جمركية تربك الأسواق في 2025

«الطريق إلى بكين»، إفريقيا تفر من رسوم ترامب إلى الصين

How Trump's tariff threats are already distorting trade — **فرض ترامب رسوم على 14 دولة عربية**

ختامًا، ترامب يستخدم الرسوم الجمركية ليس لكي يعالج العجز التجاري فقط، لكن أيضًا كأداة ضغط سياسي وتفاوضي، وسوريا حالياً مثال واضح على ذلك، فالعلاقة السياسية في تحسن، ويحاول الاقتصاد السوري النهوض من رماد الحرب، لضغوط جديدة حتى من الشركاء المحتملين، وبالتالي المعركة الحقيقية ليس على الملايين القليلة من الصادرات، لكن المعركة على حق سوريا في العودة للسوق العالمي دون قيود أو تمييز جمركي.

تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، وبالاضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.