زلزال روسيا العنيف يربك الأسواق العالمية، ما هى التأثيرات الاقتصادية المحتملة؟

الخميس، 31 يوليو 2025 10:03 ص

تسونامي - صورة أرشيفية

ضرب زلزال عنيف بقوة 7.3 درجة على مقياس ريختر، صباح أمس، منطقة كامتشاتكا في أقصى شرق روسيا، متسببًا في تحذيرات من موجات تسونامي محتملة امتدت إلى اليابان.

وبينما لم ترد تقارير فورية عن خسائر بشرية ضخمة، بدأ المحللون الاقتصاديون في رصد تداعيات محتملة على الأسواق العالمية، وسط تساؤلات حول مدى تأثير الكارثة على الاقتصاد الروسي والإقليمي والعالمي.

كامتشاتكا على الخريطة.. منطقة زلزالية شديدة الحساسية

وتعتبر منطقة كامتشاتكا من أكثر المناطق التي تشهد زلازل متكررة في العالم، حيث تقع على "حلقة النار" في المحيط الهادئ.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة إيكونوميك تايمز The Economic Times، نقلًا عن هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية USGS، فإن الزلزال قد يسفر عن خسائر اقتصادية تقدر بعشرات المليارات من الدولارات لروسيا.

وأشار التقرير إلى احتمالية وقوع أضرار كبيرة واتساع نطاق الكارثة، بما يستدعي استجابات طارئة على المستوى الوطني وربما الدولي، نظرًا لحجم وتأثير الحدث.

استقرار في حركة صادرات النفط الخام

ورغم التحذيرات، أظهرت البنية التحتية الحيوية لأسواق الطاقة والسلع في المنطقة تماسكًا نسبيًا حتى اللحظة، وفقًا لمصادر متخصصة في القطاع.

ووفقًا لتقرير نشرته شركة "أرجوس ميديا" المتخصصة في تحليل وتسعير أسواق الطاقة والسلع العالمية، فإن صادرات النفط الخام من منطقة سخالين لم تتأثر بشكل مباشر، رغم اقتراب الزلزال من المنطقة.

خلال النصف الأول من عام 2025، صدرت موانئ الشرق الروسي نحو 242 ألف برميل يوميًا من خامي سوكول"ومزيج سخالين، بانخفاض طفيف قدره 3% عن نفس الفترة من العام الماضي. كما بلغ متوسط صادرات مزيج "إسبو" من ميناء كوزمينو حوالي 926 ألف برميل يوميًا خلال نفس الفترة، بحسب بيانات "فورتيكسا" لتحليلات سوق النفط.

في حين غمرت أمواج تسونامي جزئيًا ميناء "سيفيرو كوريلسك" في سخالين، أكدت وزارة الطوارئ الروسية أن الميناء يواصل عملياته الساحلية دون تأثير على التجارة الدولية.

لم ينتج أي أضرار في مصافي النفط اليابانية، رغم أن بعض المنشآت القريبة من مركز الزلزال، وبالأخص في جزيرة هوكايدو، ولكن علقت عمليات التسليم مؤقتًا، وهو ما أثر على عمليات تحميل الوقود دون أن يتضح بعد حجم التأثير الكلي.

كما لم تسجل أي انقطاعات في شحنات الغاز الطبيعي المسال من سخالين، بحسب مصادر من السوق نقلته عنهم شركة "أرجوس ميديا" المتخصصة في تحليل وتسعير أسواق الطاقة.

وأوقفت شركة "جيه إف إي" اليابانية لصناعة الصلب عمليات مناولة خام الحديد وفحم الكوك في محطة الاستيراد بمحافظة تشيبا، لكنها لم تسجل أي أضرار مادية في منشآتها، كما لم تتأثر محطات الكتلة الحيوية اليابانية، رغم تقليص بعض شركات الكهرباء لقدراتها التشغيلية كإجراء احترازي.

هدوء نسبي في الأسواق.. لكن الترقب مستمر

رغم الزلزال القوي، أظهرت الأسواق المالية استقرارًا في تعاملات الساعات الأولى، حيث شهد الين الياباني، الذي يعتبر عملة ملاذ آمن، ارتفاعًا طفيفًا مقابل الدولار الأمريكي بنسبة 0.6%، مع احتمالية حدوث المزيد من التحركات مع تطور الوضع، مما يشير إلى لجوء بعض المستثمرين إلى التحوط المؤقت، وفقًا لتقارير إعلامية.

أوضح أحد خبراء استراتيجيات العملات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ أن الأسواق تشهد عادة رد فعل تقليديًا في المرحلة الأولى عقب وقوع الزلازل، حيث يميل الين الياباني إلى الارتفاع بنسبة تتراوح بين 1% و2% مقابل الدولار الأمريكي.

وغالبًا هذا الارتفاع ما يتراجع تدريجيًا خلال أسبوع إلى أسبوعين، حتى تظهر الصورة الحقيقية للتداعيات الاقتصادية الفعلية للزلزال.

ولم تسجل أسعار النفط أو الغاز الطبيعي تغيرات ملحوظة، نظرًا لأن مناطق الزلزال بعيدة عن البنية التحتية للطاقة الحيوية في روسيا، وتبقى المخاوف قائمة من أي توابع قد تؤثر على سلاسل التوريد أو تخلق اضطرابات لوجستية غير متوقعة.

البنية التحتية واللوجستيات.. التهديد الأكبر

ويتمثل القلق الأكبر في احتمالية تأثير الزلزال أو توابعه على البنية التحتية للنقل البحري والبري في أقصى شرق روسيا والمناطق المجاورة لليابان، ويعد أي توقف في الموانئ أو الطرق الرئيسية قد يعرقل حركة الصادرات، خاصة صادرات المعادن والطاقة.

وقد حذر محللون من أن اضطرابات النقل، حتى وإن كانت محدودة، يمكن أن تؤدي إلى تأخير في الإمدادات، وارتفاع التكاليف، خصوصًا في الصناعات التي تعتمد على مدخلات من هذه المناطق.

قطاع التأمين يترقب.. وزيادة محتملة في وثائق الكوارث

أبرز المتأثرين المحتملين هو قطاع التأمين، لا سيما في آسيا، حيث من المتوقع أن تشهد أقساط التأمين ضد الكوارث الطبيعية ارتفاعًا ملحوظًا في المرحلة المقبلة، حيث من المتوقع أن يشهد سوق التأمين ضد الزلازل نمو ملحوظ خلال السنوات القادمة، حيث يقدر بنحو 7.6 مليار دولار أمريكي خلال 2024، وتحقيق معدل نمو سنوي مركب يبلغ 6% حتى عام 2034.

وفي روسيا، تبرز فرص إيجابية لتوسع السوق، خاصة في ظل انخفاض معدل التأمين على العقارات في المناطق عالية الخطورة، حيث لا تتجاوز نسبة العقارات المؤمن عليها 12% حتى عام 2023 وفقًا لبيانات رسمية.

توابع جيوسياسية واقتصادية عميقة

وويعد هذا التوقيت حساس جدًا لروسيا، حيث تواجه ضغوط اقتصادية وسياسية كبيرة بسبب العقوبات الغربية وتكاليف الحرب في أوكرانيا، وإذا تسبب الزلزال في في أضرار كبيرة للبنية التحتية، فقد تتفاقم التحديات المالية لموسكو، التي تعاني بالفعل من عجز في الموازنة وتراجع احتياطي العملات الأجنبية.

كما تركز الأسواق العالمية بشكل كبير على أي تأثيرات غير مباشرة، قد تترجم إلى اضطرابات في التجارة أو ضغوط تضخمية إضافية.

متابعة حذرة وتأهب عالمي

وحتى هذه اللحظة مازالت التأثيرات الاقتصادية للزلزال محدودة، كما يحذر المحللين من الاستعجال في التنبؤ بالنتائج، فعادة ما تحمل الكوارث الطبيعية في طياتها توابع يصعب التنبؤ بها بدقة، وقد لا تظهر آثارها الاقتصادية الفعلية إلا بعد أيام أو حتى أسابيع.

وتبقى الأسواق في حالة تأهب، تحسبًا لأي تصعيد قد يعيد رسم التوقعات الاقتصادية في واحدة من أكثر المناطق حساسية جغرافية واستراتيجية في العالم.

اقرأ أيضًا:

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.